لماذا علينا النزول والمشاركة في انتخابات الاتحاد الأوروبي؟ ليس بخافٍ على أحد سعي القوى المتطرفة داخل أوروبا إلى تفكيكه من الخارج منذ تأسيسه بموجب ما عرف باسم معاهدة ماستريخت الموقعة عام 1992، ليصبح حقيقة وقوة سياسية واقتصادية لها وزنها في الأول من تشرين ثاني نوفمبر عام 1993. بيد أن القوى المتطرفة على اختلافها يمنيية وعنصرية نازية غيرت اليوم استراتيجيتها لتعمل على التأثير على سياسات الاتحاد من داخله، لذا قررت المشاركة في الانتخابات وقد تجاوز عددها اليوم مئة حزب في عموم أوروبا، جميعها تتفق على إعادة بعث الأيدولوجيات القومية ومعادة اللاجئين، علاوة عن سياسات أخرى من شأنها أن تدمر الكثير من انجازات أوروبا على صعيد الديمقراطية والمساواة، إنها تستهدف التنوع الذي جعل لنا كمهاجرين مكانة مصونة بالقانون في المجتمعات الأوروبية، لكن القوانين ليست معطى ثابت على الدوام، لأن صعود وسيطرة القوى المتطرفة داخل البرلمان الأوروبي أو برلمانات دوله يمكنها من تغيير القوانين، لذا فإن مشاركتنا نحن كعرب ومهاجرين عموما في تلك الانتخابات قضية مصيرية، نضمن من خلالها مستقبل أولادنا وأحفادنا في هذه البلاد، نعم آن الأوان أن يكف البعض عن النظر إلى هذه البلاد على أنها بلاد العسل والكسل. كيف تتأثر السويد ونحن بقرارات البرلمان الأوروبي ولماذا علينا التصويت؟ للبرلمان الأوروبي دور رئيسي في إقرار السياسات الأوروبية المشتركة، إذ يقرر الميزانية والتشريعات المشتركة داخل الاتحاد. وفي السويد تعتبر المعايير الأوروبية عامل قياس مهم عند إقرار أي قانون أو تشريع جديد، وحوالي 60% من التشريعات التي يقرها البرلمان السويدي ذات منشأ أوروبي، ويجب أن تتأكد التحقيقات الحكومية بأن التشريعات الجديدة لا تتعارض مع تشريعات الاتحاد الأوروبي. وكالات بالنسبة لنا كمهاجرين أيضاً جميعنا اتينا من بلدان تشهد صراعات ونزاعات، وبعضنا أصحاب قضايا عادلة مثل القضية الفلسطينية، يجب ان نعلم أن البرلمان الأوروبي قد يلعب دوراً ثانوياً في السياسة الخارجية لحكومات الدول الأعضاء، لكن اتخاذ المواقف يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الموقف الأوروبي الموحد. والسويد اعترفت بفلسطين لذا نريد الحفاظ على هذا المنجز وتعميمه بالاتحاد وليس التراجع عنه، بالأمس اتخذ برلمان ألمانيا قرارا يجرم كل مجموعات مقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلة، وهناك خشية من تعميم ذلك عبر برلمان الاتحاد الأوروبي. عيلينا أن لا ننسى أيضاً أن الاتحاد عامل قوة على الصعيد العالمي.العديد من دول الاتحاد الأوروبي مثل السويد هي دول صغيرة إلى حد ما، وتجد صعوبة في إسماع أصواتها على المستوى الدولي. لكنها معاً نصبح لاعب لا يمكن تجاهله. التصويت أيضاً هو من أجل الديمقراطية. نحن نعيش أوقات صعبة في ظل انتشار النزعة القومية وكراهية الأجانب بسرعة.لكن الاتحاد الأوروبي هو في الأساس مشروع سلام جاء بسبب أن هذه القارة التي مزقتها الحرب ترغب بتنجنب المزيد من الصراعات الدموية. لذلك فإن التصويت في الاتحاد الأوروبي هو تصويت من أجل الديمقراطية وسيادة حكم القانون ومكافحة التمييز. مع الأسف ليس كل دول الاتحاد مع هذا ولكن الأغلبية تحد من التطرف. التحديات المناخية تتطلب تعاون دولي. في هذا السياق، يعتبر الاتحاد الأوروبي قوة عظمى لها تأثير كبير على هذا الملف. تم إبرام اتفاق المناخ العالمي في باريس في عام 2015 وكان الاتحاد الأوروبي قوة دافعة لذلك. لكن التنفيذ يسير ببطئ كبير ونحن جميعاً نتأثر بذلك. توفر وحدة السوق الأوربية فرصاً لنا جميعاً للتنقل والعيش حيث نجد فرصة عمل في دول الاتحاد، وهذه أيضاً من الحقوق القابلة للتقويض فيحال تقدم القوى المتطرفة. إضافة إلى فرص التعليم التي تتاح لأبنائنا وأحفادنا. كما لا يجب ان نغفل أهمية الاتحاد بالمساعدة في الأزمات والكوارث. دول الاتحاد الأوروبي تقف مع بعضها البعض في أوقات الأزمات. خلال حرائق الغابات التي اندلعت في الصيف الماضي في السويد، تلقت السويد دعم أوروبي كبير في إطفاء الحرائق. البرلمان هو مؤسسة الاتحاد الأوروبي الوحيدة المنتخبة. هذا عامل إضافي يحملنا على التصويت في الانتخابات. تجري انتخابات البرلمان الأوروبي في السويد يوم الأحد 26 أيار مايو. وذلك من أجل انتخاب 705 أعضاء من 27 دولة، ويحق للسويد انتخاب 22 عضواً أي بواحد زيادة عن الدورة السابقة. ويحق لكل من يحمل الجنسية السويدية التصويت. صوت لمن تريد ولكن لا تهدر صوتك، اليوم نتحدث عن مخاطر ولكن غداً قد نندم على احجامنا عن التصويت. بقلم رئيس التحرير مصطفى قاعود