أخبار السويد

"نهال محمد": رحلة نجاح امرأة تتألق في أرض السويد

"نهال محمد": رحلة نجاح امرأة تتألق في أرض السويد
 image

نفن الحاج يوسف

أخر تحديث

Aa

رحلة نجاح امرأة تتألق في أرض السويد

"نهال محمد": رحلة نجاح امرأة تتألق في أرض السويد

بين طيات الجد والإصرار، تتألق قصة نجاح نهال محمد، وهي امرأة مهاجرة من السودان جاءت إلى السويد منذ ثلاثة عشر عاماً. ورغم الصعوبات والتحديات، استطاعت نهال ترسيخ مكانتها في بلاد المهجر، حيث أصبحت الأجنبية الوحيدة في مجلس إدارة بمقاطعة أوسترغوتلاند السويدية Östergötlands. قصتها، ترسم صورة للمرأة المثابرة التي لا تعرف اليأس.

تحدت نهال الظروف القاسية بعد هجرتها إلى السويد قبل ثلاثة عشر عاماً، حيث لم تحمل معها سوى طموحاتها لمستقبل أكثر إشراقاً. لكنها لم تستسلم للأحلام المجردة، فقد أقدمت على تكريس جهدها ووقتها لتحقيق تلك الأماني.

واليوم، تتقن نهال اللغة السويدية بفضل جهودها الذاتية في التعلم وتفانيها في استكمال دراستها. على الرغم من المشكلات التي واجهتها، بما فيها التعرض لممارسات عنصرية من قبل بعض المعلمين، كانت قادرة على إتمام دراستها في فترة زمنية قياسية. 

لم تكتف نهال بتعلم اللغة فحسب، بل حرصت على تطوير مهاراتها المهنية من خلال مشاركتها في العديد من الدورات في إدارة المشاريع وتطوير الشخصية، وهو ما ساعدها في بداية مشوارها المهني. 

بدأت نهال عملها كمسوقة عبر الهاتف، وهو خطوة أولى مهمة نحو الاندماج في سوق العمل. وبعد ذلك، نجحت في الحصول على فرص عمل أكثر تحدياً. حيث عملت في خدمة العملاء وحصلت على تدريبات أثناء دراستها. ثم انتقلت لتصبح منسقة في مكتب خدمات الضرائب، ومن ثم ارتقت لتصبح مديرة مشروع.

تمثل نهال نموذجاً يلهم الآخرين، حيث تجسد العمل الجاد والتطوير المستمر للمهارات الشخصية والمهنية. ونجاحها الحقيقي لم يكن مقتصراً على الساحة المهنية فحسب، بل وصل أيضاً إلى الساحة العامة حيث أصبحت عضوة في مجالس إدارة مرموقة. وتعمل الآن كعضوة في 3 مجالس إدارة، وهي مسؤولة ضمن مجلس 3 مدن بمقاطعة أوسترغوتلاند، فهي واحدة من 11 شخصاً يحملون مسؤولية شاملة في ثلاث مناطق هامة، مثل لينشوبينغ، نورشوبينغ وموتالا. حيث عملت حاليأ "Östergötlands Stadsmission"، وتساهم في تطوير ظروف سكان المقاطعة ومساعدتهم بالتعاون مع الجمعيات والمنظمات والشركات والسلطات العامة. كما أنها عضوة في مجلس إدارة الجمعية الوطنية للتليف الرئوي الكيسي و خلل الحركة الهدبي الأولى "Riksförbundet Cystisk Fibros & PCD ". بالإضافة إلى مجلس إدارة رواد الأعمال "Företagarna Linköping". علاوة على ذلك فقد حصلت على جائزة القيادة من الملك السويدي كارل السادس عشر غوستاف مرتين الأولى عام 2019 عندما كانت لا تزال طالبة والثانية هذا العام  حيث كانت احدى المعلمين لهذه الدورة حيث دربت مجموعة من الشباب و الشابات في القيادة.

الهوية والاندماج

تتحدث نهال لمنصة أكتر، عن فلسفتها حول الاندماج في المجتمع السويدي، مشددة على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية والأصلية، حيث قالت: «ليس من الضروري تخلينا عن أصالتنا للاندماج في المجتمع السويدي، فالاندماج يتطلب الجهد من كلا الطرفين. وبما أننا اخترنا الانتقال إلى السويد، أصبحت لدينا مسؤوليات، من أهمها تعلم اللغة السويدية واحترام قانون البلاد التي اخترنا الهجرة إليها».

بالإضافة إلى اهتمامها بالمهاجرين الجدد، تتجاوز أعمال نهال محمد هذا النطاق وتشمل تطوير الشركات السويدية بشكل عام. كمحاضرة ومطورة في مجال الاندماج، تعمل نهال جاهدة لمساعدة الشركات السويدية على تحسين أدائها والتقدم في ظل التحديات الحالية.

التنوع ودوره في تطوير الأعمال 

نهال تعزز التنوع في الشركات وتقدم الدعم لرواد الأعمال حيث تتعاون مع البلديات والشركات والمدراء، في مساعدة في البحث عن القوى العاملة الأفضل. بوصفها خبيرة في التنوع والاندماج، تعمل على إقناع الشركات بقيمة توظيف الأشخاص من خلفيات مختلفة وثقافات متعددة، ليس فقط لتعزيز التنوع، بل أيضاً لتطوير الشركة وتعزيز اقتصادها.

وتابعت قائلة في حديثها لمنصة أكتر: «العديد من الشركات تميل لاختيار الموظفين الذين يشاركونهم نفس القيم أو الجنسية أو الأسماء، لأنهم يشعرون بالراحة مع ما هو مألوف. لكن هذا النهج لن يدفع الشركة للأمام».

وهنا يدخل دورها كخبيرة في التنوع والشمول mångfald، حيث تسعى لتطوير الشركات بإقتراح تضمين الأشخاص من الجنسيات والثقافات المختلفة. ومن خلال تقديم نصائح وإرشادات بناءً على معرفتها بالأسواق والمجتمعات الخارجية، تعزز نهال التطور والازدهار للشركات.

القطاع الطبي

تتحدث نهال عن عملها في القطاع الصحي السويدي، حيث تعمل في مجال نادر PCD: ”Primär ciliär ”dyskinesi  خلل الحركة الهدبي الأولي وهو مرض رئوي مزمن وتابعت: «في السنوات الأخيرة، تمكنا من تحقيق تحسينات ملحوظة في القطاع الصحي. هذا يعتبر من الإنجازات التي أفتخر بها. حيث أعمل كمنسقة مع أطباء الرئة في الجمعية الوطنية السويدية لخلل الحركة الهدبي الأولي. ورغم أنني بدأت العمل في هذا المجال منذ فترة قصيرة، إلا أننا تمكنا من تحقيق نجاحات كبيرة. آمل أن يستمر التقدم في القطاع الطبي، فهناك تحديات كثيرة في هذا المجال والعمل في القطاع الطبي ليس بالأمر السهل».

أبرز نصائح نهال محمد

نصيحتها لرواد الأعمال

حسب رأي نهال، لتطوير رواد الأعمال في السويد، يجب أولاً أجراء دراسة جدوى قبل الانضمام لسوق العمل بسبب الاختلافات في إدارة الشركات بين السويد والدول العربية. كما يجب أن يكون لديهم خبرة في مجال الضرائب والأوراق الرسمية لتجنب أي مشاكل قد تنتج عن الدقة في الدفع. 

نصيحتها لمن يتعرض للعنصرية

تقول نهال: «لا تكترث للتعليقات العنصرية. الإهانة ليست فيك كشخص، بل في الشخص المقابل. الأشخاص الذين يتعمدون التنمر على الآخرين يعانون عادة من نقص ما ويحاولون التعويض عنه. لا يهمني ما يفكرون الناس فيني أو ما يقولون، طالما أنني مقتنعة بأنني أقوم بالأمور الصحيحة، فأنا أستمر».

وتضيف: «لا تدع العوامل الخارجية تؤثر عليك. في البداية، كنت أتعرض للتنمر، لكن الآن، لم أعد أتعرض للعنصرية أو الهجوم الذي كنت أتعرض له في الفترة الأولى، لأنني أثبتت نفسي».

نصيحتها لمواجهة التحديات

السويد دولة رائعة وتتميز بوجود الكثير من الفرص، لكنها تتضمن أيضاً العديد من التحديات، خاصةً بالنسبة للمهاجرين. هؤلاء المهاجرين يحتاجون للعمل أكثر بكثير من المواطنين السويديين لإثبات أنفسهم.

نصيحة أخيرة

وبالنسبة لأي شخص يرغب في تعلم أو تطوير مشروع جديد، تقول نهال: «تعلم اللغة هو أمر أساسي للاندماج والتواصل مع الشركات والمؤسسات الحكومية بشكل أسهل. ويجب أن تثق بفكرتك، فكل شيء في البداية يبدو صعباً وقد تواجه صعوبات، ولكن لا شيء مستحيل مع العزيمة والإصرار يمكنك الوصول إلى ما تطمح له».

مواجهة التمييز العنصري

تقول نهال خلال مقابلتها مع منصة أكتر  بخصوص ذلك: «إذا كان شكلك غير مألوف بالنسبة للسويديين، فسيكون هناك تحديات مرتبطة بالاسم والمظهر واللون. ورغم أنني أتعرض للتحديات بسبب كوني سمراء ومحجبة ومسلمة واسم عائلتي محمد، أثبتت نفسي في المجالات التي أعمل فيها كأجنبية وحيدة في المكان الذي أعمل فيه».

المحافظة على اللغة العربية

وعند سؤالها عن أطفالها وكيف حافظت على لغتهم الأم، قالت: «أطفالي تعلموا العربية قبل السويدية. كما أنني لم أضعهم في روضة في سن مبكرة، بالإضافة إلى أننا نتحدث العربية في المنزل، لأنهم سيتعلمون السويدية من خلال اندماجهم مع المجتمع السويدي في المدرسة. وأضافت: «الحفاظ على اللغة العربية ضروري لهويتهم. أنا لا أستطيع أن أندمج بشكل كامل مع المجتمع وأتجاهل اللغة العربية، التي هي جزء من هويتي وديني وثقافتي. هذا قد يؤثر على الأطفال نفسياً. لذلك، إذا أردنا أن ينمو أطفالنا في بيئة صحية، يجب أن نعلمهم ثقافتنا وديننا وأن يكونوا فخورين بهويتهم، بالإضافة إلى اندماجهم بالمجتمع السويدي وتعلم اللغة واحترام القوانين والآراء الأخرى».

التطلعات المستقبلية

بالنسبة لتطلعاتها المستقبلية، تقول نهال: «أعتقد أنني قادرة على إحداث تغييرات كبيرة في السويد وأي مكان أكون فيه. أطمح لإضافة بصمتي والمساهمة في التقدم في مجالات متعددة، منها الاندماج. أسعى لجعل الاندماج جزءاً طبيعياً من الحياة السويدية، بحيث نصبح جميعاً واحد. أمنيتي أن نصل إلى نقطة لا نحتاج فيها حتى للحديث عن الاندماج».

المفتاح إلى النجاح

عند السؤال عن سر نجاحها، أجابت نهال بأن الإصرار ووجود هدف محدد للعمل عليه هو الأساس. فعندما وصلت إلى السويد، أخبروها بأنه لا فائدة من تعبها لأنها لن تتمكن من الدخول إلى سوق العمل.

وتقول نهال للسويديين دائماً إنه لا يوجد أجنبي يأتي إلى السويد بدون طموحات وأهداف. ولكن مع الأسف، قد يتعرض الأشخاص الذين يأتون إلى السويد لتجارب فاشلة في بعض الأحيان تجعلهم يشعرون بالإحباط. النمو والتطور الشخصي يأتيان من الشخص نفسه بالطبع، ولكن البيئة والمجتمع والشركات تؤثر أيضاً. ونحن كأشخاص لدينا مسؤوليات ونستطيع الوصول إلى أهدافنا إذا كان لدينا الطموح والأهداف ونسعى لتحقيقها.

هذه هي قصة نهال محمد، امرأة من السودان استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة مهمة في المجتمع السويدي. من خلال العمل الجاد، الصبر، والتصميم، حيث أثبتت أن النجاح ممكن في أي مكان وفي أي ظرف. وتستمر نهال في العطاء والتأثير الإيجابي في المجتمع الذي اختارت أن تكون جزءاً منه.


 

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©