"أكتر" السويد بالعربي... نشر موقع Offensiv مقال رأي بعنوان: «احذروا من عقيدة الصدمة» للكاتب ماتياس برناردسون، يحذّر فيه من قيام السياسيين السويديين الذين يعملون لصالح الأثرياء، باستغلال الحرب الدائرة في أوكرانيا والتخويف منها من أجل تمرير حزم تقشف وقوانين تؤدي لإفقار الناس وحرمانهم من حقوقهم. ويشير إلى أنّهم فعلوا ذلك من قبل عندما استغلوا موجة اللاجئين عام 2015.عرّب المقال وأعدّه عروة درويش لصالح منصّة "أكتر"، منوهاً أنّ كلمة «عقيدة الصدمة» هي مصطلح صاغته الكاتبة وعالمة الاجتماع ناعومي كلاين، لتصف من خلاله انتهاز الرأسماليين وسياسييهم للأزمات والحروب والكوارث الطبيعية كي يمرروا خططهم وأجنداتهم بذرائع التصدي للأزمات. وأعطت مثالاً القيام بخصخصة المدارس العامة في ولاية نيو أورلينز بعد أن دمّر الإعصار المدينة، بحجّة إعادة بنائها.احذروا من عقيدة الصدمةتريد الحكومة زيادة الإنفاق على إعادة التسلّح العسكري من 1.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2٪. يتوافق هذا مع المستوى الذي كان يروّج له حلف الناتو منذ عام 2014 ليقوم أعضاءه بالإنفاق على الأمن والدفاع. كان من المستحيل اقتراح هذا الأمر على دول الناتو والدول القريبة منه قبل أشهر، لكن اليوم وفي خضمّ الحرب الرهيبة في أوكرانيا، ترى النخب السويدية فرصة لإطلاق عقيدة الصدمة الخاصة بهم، قائلين: «جهزوا الجيش قبل أن نضطرّ جميعنا للتعرّض للاحتلال الروسي»كتب ميلتون فريدمان، وهو من أبرز مرشدي الرأسمالية، في 1982: «فقط أزمة – حقيقية أو مصطنعة – تنتج التغيير المطلوب». ومن يومها وهو يلهم جميع الحكومات والرأسماليين الذين يتحكمون بها، لخلق الأزمات والاستفادة منها، إلى أن قامت كلاين بصياغة المصطلح في 2007.FotoChristine Olsson/TTصدمة 2015من أكبر الصدمات التي استخدمها الحكّام في السويد في التاريخ المعاصر: أزمة اللاجئين 2015، عندما استغلّت أحزاب التحالف، وكذلك الاشتراكيون الديمقراطيون، الفرصة للدفع باتجاه الزعزعة التاريخية لحقوق اللاجئين.اخترع السياسيون ووسائل الإعلام الشركاتية مصطلح «انهيار النظام systemkollaps» للإيحاء بأنّ السويد على وشك الانهيار تحت وقع موجات اللاجئين. لكن ذلك كان كذبة في واقع الحال.في الوقت الذي كان السياسيون يطبلون في 2015 مخوفين من انهيار النظام، وصلت أرباح الأسهم إلى 173 مليار كرون، أي ما يكفي لخلق 10 آلاف وظيفة رعاية اجتماعية جديدة، وتأمين وسائل نقل عامة مجانية على طول البلاد، مع تكاليف أعمال لستّ ساعات، وفوق ذلك استقبال جميع اللاجئين في السويد لعام كامل.حذّرت ماغدالينا أندرسون، التي كانت وزيرة مالية في ذلك الوقت، من أنّ «حظائر» البلاد فارغة، وأنّ هناك حاجة لإجراءات تقشفية في الرعاية الاجتماعية. وتمّ تبرير الأمر باللاجئين طبعاً. ادعت أندرسون أنّ موازنة الدولة ستواجه عجزاً في السنوات القادمة.مع أنّ مكتب الديون كان قد نشر في كانون الثاني/يناير 2017 على موقعه: «نتج عن إجمالي التدفقات الداخلة والخارجة للحكومة المركزية في عام 2016 فائض قدره 85.3 مليار كرون، ليفوق ذلك توقعات المكتب في تشرين/أكتوبر الماضي بوجود فائض 79.7 مليار كرون».FotoMagnus Hjalmarson Neideman/SvD/TTكذبة كبيرة للجميعكانت الموازنة النهائية للدول السويدية هي الأفضل منذ قرابة عقد. ورغم أنّ ذلك يظهر مدى كذب الترويج «لانهيار النظام»، فقد استمرّ الحكّام السويديون بركوب الموجة، وتمّ تخفيض استقبال اللاجئين لأدنى مستوى، وتمّ تصعيد عمليات الترحيل القسري، وألغيت تصاريح الإقامة الدائمة، وبات لمّ شمل الأسرة عملية مستحيلة.في الوقت ذاته تقريباً، استمرّ الرأسماليون باغتنام فرصة التخويف من انهيار النظام. فتمّ كمثال إلغاء شروط وجود اتفاقية جماعية للوظائف التمهيدية للشباب واللاجئين. لكن هذا لم يكفي أصحاب المليارات. فبدأت الأحزاب الليبرالية بالتنافس على تخفيض الأجور.أطلق حزب الوسط حملة من أجل أجور أقل للاجئين «ذوي الوظائف البدئية»، وأراد المحافظون أن يكونوا في الريادة باقتراح «وظائف أولية» برواتب مقدارها 60٪ من الرواتب العادية. ثمّ ألقى المسيحيون الديمقراطيون «بالوظائف التمهيدية» برواتب 75٪، ليردّ الليبراليون بـ «الأعمال البدئية» برواتب تتراوح بين 14 ألف و16 ألف كرون.ورغم عدم تطبيق أيّ من هذه المقترحات وتشريعها بعد، فالأمر بات يجاوز ما يُعتبر في الفضاءات السياسية مقترحات متطرفة، ليتمّ من أجل الحشد لتطبيق ذلك تعزيز الصورة العنصرية للوافدين الجدد الذي يأخذون وظائف السويديين، والذين يجب تقليص أجورهم. خذوا أموال المجتمع وضعوها في الجيشلن يطول الوقت حتّى نجد الكثير من هذه المقترحات محلّ تطبيق، وربط خدمات الرفاه بالجنسية، وتعميق العنصرية بتحميل اللاجئين المسؤولية. بينما الواقع يقول بأنّ السياسيين هم الذين قرروا عمداً تخفيض سقف الإنفاق على الرفاه العام، من أجل تمويل مصادر ربح أعلى لأصحاب المليارات، ومن بينها الإنفاق على إعادة تسليح الجيش.ستعني زيادة التكاليف العسكرية إلى 2٪ من الناتج الإجمالي، إنفاق مبلغ 108 مليار كرون مقارنة بـ 66 مليار كرون العام الماضي. سيتمّ اقتطاع هذه الأموال التي ستخصص للجيش، من أموال دور الحضانة والمدارس والجامعات والرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي.تختبئ وراء شعارات تعزيز الدفاع السويدي مكاسب وأرباح خاصة، ليتمّ هنا استخدام الانتماء القومي والعنصرية كزيت لتشحيم مصالح الرأسماليين السويديين. سندفع نحن – الناس العاديون – ثمن هذا الإنفاق العسكري. يتمثّل أحد العناصر الهامة في عقيدة الصدمة، أنّ الناس لا يدركون أنّها عقيدة صدمة. ربّما لم تفكروا بالأمر من قبل على هذا النحو، وهو ما يريده هؤلاء.