منوعات

هند الإرياني... قصة استثنائية لناشطة سياسية واجتماعية من اليمن إلى السويد

Aa

هند الإرياني... قصة استثنائية لناشطة سياسية واجتماعية من اليمن إلى السويد

هند الإرياني كاتبة وناشطة يمنية مقيمة في السويد بالعاصمة ستوكهولم وتعمل صحفية حاصلة على جائزة المرأة العربية لعام 2017، ناضلت خلال رحلتها التي مرت بعدد من البلدان في قضايا مختلفة، بدءاً من حملات ضد زراعة نبات القات في اليمن وصولاً إلى دعم اللاجئين في السويد.

ما بنته هند دمّرته الحرب

درست هند الإرياني علوم الحاسوب في اليمن، وتزوجت في عمر العشرين وأنجبت منه لاحقاً ابنة، سافرت بعد ذلك إلى لبنان، حيث يعمل والدها كدبلوماسي في السفارة اليمنية في بيروت، خلال فترتها في لبنان حصلت الناشطة على ماجستير في إدارة الأعمال.

عملت في لبنان لصالح الأمم المتحدة واضطرت لترك العمل بسبب نشاطها السياسي .. إلا أن حب الكتابة كان لدى هند متأصل منذ الصغر وكانت تملك مدونة خاصة بها وحصلت بعد ذلك على فرصة عمل في مجال الصحافة من قبل صحيفة "لبنان الآن" وكتبت فيها تقارير عن اليمن والخليج ما وضعها في بداية طريق العمل الصحافي. كما عملت مع قناة BBC في لبنان.

الحرب في اليمن

في عام 2016 خلال مشاورات الكويت قامت هند بحملة لدعم السلام في اليمن بعنوان " لا تعودا إلا بالسلام لليمن"وقد لاقت الحملة أقبال كبير في جميع أنحاء اليمن وتحدث عنها المبعوث الأممي خلال المؤتمرات الصحفية ولكن الأطراف اليمنية لم تصل للاتفاق مما أصاب هند إحباط كبير بسبب خذلان السياسيين للشعب اليمني. ابتعدت هند عن العمل السياسي بسبب الخذلان الذي تعرض له الشعب اليمني، ثم استمرت في قيادة عدة حملات إلكترونية للتوعية بحقوق المرأة والطفل والأقليات في اليمن. ولعل أبرز ما قامت به، هو قيامها بحملة استمرت لثلاث سنوات لمحاولة تحرير مجموعة مكونة من 6 أفراد احتجزوا لدى الحوثيين في اليمن، وسبب احتجازهم كونهم ينتمون لديانة تدعى البهائية في اليمن وهم من الأقليات القليلة في الشعب.

هويّة مخفية

قامت هند بأولى حملاتها كناشطة قبل الحرب اليمنية من خلال حملة ساهمت فيها ضد مراسل وكالة رويترز للأنباء في اليمن "محمد صدام"، بداية أيام ما يطلق عليه "الربيع العربي". حيث طالبت الحملة بتحييد المراسل الذي كان يعمل كمترجم شخصي للرئيس السابق علي عبدالله صالح، ذلك ما ساهم في تشويه الصورة المنقولة في اليمن وإبعادها عن الحياد.

لم تتمكن الناشطة من المشاركة بهويتها العلنية خلال هذه الحملة مكتفية باسم "هند" وذلك لعملها مع الأمم المتحدة والذي أجبرها على التزام الحياد وعدم اتخاذ أي موقف سياسي في بلدها، حتى عندما دعيت لإجراء مقابلة مع قناة France24 حاولت عدم ذكر اسمها. ولم تستجب وكالة رويترز لمطالب الحملة إلا بعدما كتبت صحيفة نيويورك تايمز وواشنطن بوست عن الموضوع، ما أجبر الوكالة الإخبارية إلى إقالة المراسل من عمله.

زراعة نبات القات

بدأت هند أولى أعمالها كناشطة بالحديث عن موضوع شديد الخطورة في المجتمع اليمني وهو زراعة نبات القات. حيث حاربت رفقة نشطاء آخرين زراعة نبات القات المُخدِّر في اليمن والذي يستهلك قرابة 70% من المياه المخصصة للزراعة وذلك على حساب المزروعات الأساسية المهمة وأيضاً على حساب المزروعات التجارية مثل حبوب البن في اليمن.

اتجهت الناشطة نحو هذه القضية مستغلة الحماس الشبابي نحو التغيير في اليمن، ورغم كونها تعيش في لبنان إلا أنها ترددت على اليمن لمدة ثلاث سنوات ما بين 2011 و2014 للقيام بالاحتجاجات والوقفات أمام البرلمان اليمني لاتخاذ موقف جدي تجاه هذه المشكلة التي باتت تهدد الأمن الغذائي والاقتصادي في اليمن. كما نظمت عدداً من الحملات الإلكترونية لجذب الإنتباه والتوعية حول خطورة الموضوع في اليمن.

وبهدف إيجاد حلولٍ عملية، طرحت استراتيجية لإدخالها في الدستور اليمني الجديد والتي تهدف إلى ضبط زراعة القات وإصلاح المنظومة الزراعية في اليمن، إلا أنها واجهت رفض النواب البرلمانيين لامتلاك أغلبهم أراضي قات يستثمرون فيها.

أخيراً، أثمرت جهود الإرياني بالإضافة للناشطين الآخرين من خلال "الحوار الوطني" الذي أطلق حينها في اليمن، والذي وافق فيه رؤساء الأحزاب على إدخال هذه الإستراتيجية في الدستور اليمني الجديد، ذلك ما اعتبر نجاحاً كبير للحملات التي استمرت لثلاث سنوات.

ولكن للأسف، جاءت الحرب الأهلية في اليمن لتقضي على ما بنته رفقة الناشطين الآخرين طيلة الثلاث سنوات، حيث لم يتم الأخذ بكل ما كانوا يسعون إليه. ولكن ورغم ذلك، كسبت هند قاعدة شعبية واسعة في اليمن وكسبت احترام فئة كبيرة من اليمنيين والناشطين الآخرين ما جعلها تستمر في عملها كناشطة تسعى لإصلاح المجتمع اليمني.

توسّطت الناشطة العلاقة ما بين المبعوث الأممي من الأمم المتحدة والمجموعات الحوثية ما عرّضها لانتقادات كثيرة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الاستمرار والنجاح في نيل حرية المحتجزين وإرسالهم إلى مكان آمن في بلجيكا.

"قبيحة وأفتخر بذلك"

بعد وفاة والدها لم يكن بإمكانها وعائلتها البقاء في لبنان، لذا سافرت والدتها واختها إلى السويد فيما ذهبت هي إلى تركيا، لأنها كانت من ضمن مجموعة نسوية هدفها التكلم عن الحرب في اليمن من خلال مؤتمرات وحملات أجرتها المجموعة، وفضلت ذلك عن اللجوء إلى السويد الذي سيحد من حريتها وقدرتها على التنقل والسفر.

اعتقدت هند أنها بأمان في تركيا حتى حصلت حادثة مؤسفة في مدينة تعز في اليمن، حيث تعرضت طفلة ذات 8 أعوام للاغتصاب، ليبرر شيخ مسلم من جماعة الإخوان المسلمين وزعيم أحد الأحزاب في مدينة تعز تلك الجريمة بطريقة لبس الطفلة، ذلك ما أثار غضب الناشطة اليمنية. فكتبت عن الحادثة ودعت إلى إلقاء القبض عليه لتحريضه وتبريره الإغتصاب. للأسف واجهت هند موجة غضب من أنصار السياسي إلا أنها لم تعر ذلك اهتماماً.

بعد ذلك خرج الشيخ بتصريحات عنصرية تجاه المرأة اليمنية خلال خطبة له ودعا إلى الحد من حريتها وإبعادها عن المجتمع، وقال خلال الخطبة أن "المرأة الغير منقبة قبيحة"، ذلك ما أثار غيظ الناشطة لترد عليه عبر الإنترنت بصورة لها مرفقة بتعليق "قبيحة وأفتخر بذلك".

ما لم يكن متوقعاً، هو قيام الحوثيين بعرض ذلك عبر قناتهم الإخبارية، متهمين الناشطة بكونها خطر على المجتمع وأن الرد سيصل لها بالقريب لا محالة. وبالفعل وصلت العديد من رسائل التهديد إلى هند ما دفعها إلى اتخاذ القرار بالسفر لحماية نفسها وابنتها من الخطر المحدق.

مشاكل لا تنتهي

قدمت هند على اللجوء في السويد عام 2018، إلا أنها واجهت العديد من المشاكل قبل الحصول عليه. حيث بدأت المشاكل مع الشخص الذي تولى ملف اللجوء الخاص بها. إذ عمل على التخلص من ملفها عبر إخباره بالانتظار فيما وضع بملفها أنها كانت مختبئة، وضعها ذلك في مشكلة إلا أنها لم تستسلم لذلك فتكلمت للإعلام وتحدثت رويترز عن الموضوع، واستطاعت إيصال صوتها لتتجاوز هذه المرحلة بمساعدة محاميها الخاص والتسليط الإعلامي على قضيتها. وتقول هند: "لو كنت شخصاً آخر لتعرضت للترحيل".

انضمت بعد ذلك إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في السويد وأسست مؤسسة داخل الحزب أسمها "دوليون" بمساعدة بعض الأشخاص هدفها الربط بين السويد والعالم، وعملت الناشطة اليمنية في المؤسسة بشكل خاص على ربط العرب بالحزب وإيصال أصواتهم، حيث قاموا بعدة جلسات وبعضها كان مع الوزراء لإيصال أصوات العرب ومطالبهم للسلطات في السويد.

كما قاموا بإفطار في رمضان ودعوا فيه سويدين وعرب للتعرف على الثقافة العربية وذلك لمواجهة الرأي الشائع بأن المسلمين والعرب ليسوا جزءاً من المجتمع وأنهم المسبب الرئيسي للمشكلات فيه.

"في كل مجتمع يوجد الصالح والسيء"

تشير الناشطة إلى أن السويد بلد يحترم مساحة الأشخاص وحريتهم وترى أنه على السويديين الأندماج أكثر مع الغرباء حيث أنهم بطبعهم شعب طيب ومضياف ووقفوا معها في أصعب الأوقات.

كما ترى أنه باستطاعة اللاجئين تجاوز هذه المرحلة (فوز كتلة اليمين في الانتخابات) وتهدف هي شخصياً إلى أن يكون السويد بلد خالي من الصراع والكراهية والخوف. وفي المقابل تطمح الناشطة هند إلى أن تدخل في انتخابات محلية في البرلمان إلا أن ذلك أقرب للمستحيل على حد قولها.

تقول الشابّة: "أنا أعلم أن المستقبل محبط للغاية، ولكن الآن العالم مختلف ويمكن أن يصل أي أحد إلى العالم عبر الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي.. الحرب ستتوقف لا محالة. اليمن سيعود عندما تعود وحدة الانتماء وتتوقف التدخلات الخارجية ونتقبل اختلافاتنا و نركز على التعليم".

موجّهة كلامها للمهاجرين، قالت هند: "في كل مجتمع يوجد الصالح والسيء، وخصوصاً بعد فوز كتلة اليمين في الانتخابات يجب ألا يتوقع اللاجئون السيء من المجتمع وأن يحاولوا الاندماج فيه، كما أنه من الجيد أخذ المبادرة لإقامة الانشطة مع اللاجئين والسويديين والتعامل مع الآخرين وتقبّلهم والعيش معهم بسعادة". وأضافت: "إن الالتزام بالقانون واحترام ثقافة البلد وطريقة عيشه يكفيان لعيش حياة جيدة".

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - منوعات

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©