منوعات

يحيى: من مدير موارد بشرية في 3 دول إلى عامل تنظيف في السويد

يحيى: من مدير موارد بشرية في 3 دول إلى عامل تنظيف في السويد image

عروة درويش

أخر تحديث

Aa

يحيى: من مدير موارد بشرية في 3 دول إلى عامل تنظيف في السويد

تتعاظم العنصرية في وجه البعض، فيتحول سيل أحلامهم بحياة أفضل في السويد إلى طوفان يجرف أيّ أمل في البقاء. ومهما حاولوا فظروفهم تقسو عليهم، لدرجة تدفعهم بالتفكير في الرحيل والبداية في مكان آخر من جديد. لنتعرّف على قصّة يحيى 

يحيى كاشف (اسم مستعار) من أصل فلسطيني-سوري، كان يعيش في الإمارات منذ باكر طفولته تبعاً لعمل والده فيها. جاء إلى السويد في 2014، وهو يعيش اليوم في خوبو Sjöbo.

حصل يحيى على شهادة جامعية في إدارة الأعمال عندما كان في الإمارات، ووفقاً ليحيى، فقد عمل لصالح عدد من الشركات الكبرى، وكان آخرها شركة عالمية في الاستشارات الهندسية كمدير للموارد البشرية في ثلاثة فروع: في الإمارات وقطر والسعودية، حيث كان يدير فرعي قطر والسعودية عن بعد لعدم قدرته على السفر لكونه فلسطيني الجنسية.

يقول يحيى بأنّه بالرغم من أنّ البقاء في الخليج هو أمر غير مأمون لأيّ أجنبي، فهو لم يفكر من قبل بالقدوم إلى أوروبا. فقد كان لديه عمله ومركزه الاجتماعي، وقانع وسعيد بما لديه. لكن وفقاً له، في عام 2013 جاءت إدارة جديدة للشركة التي يعمل فيها، لينشب بينه وبينها خلاف أدّى لإزاحته عن منصبه.

وجد يحيى نفسه فجأة بلا عمل، تعيش زوجته ووالدته على كفالته في الإمارات. لم تكن العودة لسوريا خيار مطروح، ولم يكن البقاء في الإمارات ممكناً بعد ذلك بالنسبة له، فقرر اصطحاب زوجته ووالدته والمجيء إلى السويد.

عزيز قوم ذل!

لم يواجه يحيى وعائلته مشكلة في الإقامات في 2014، وكان قد حضّر نفسه للبدء في العمل حال إمكانه من ذلك. كان يحيى يعتقد بأنّ لغته الإنكليزية وخبراته العملية ستسهلان الأمر عليه، ولكن بدأ الواقع يتجمّع أمامه مثل سد.

بعد 6 أشهر من وصوله إلى السويد، بدأ يحيى العمل في كامب للاجئين على أمل أن يسمح له هذا بالاندماج أسرع في سوق العمل. بقي يعمل في الكامبات حتّى إغلاقها في جنوب السويد في 2018.

يقول يحيى بأنّه خلال كامل تلك الفترة استمرّ بالبحث عن عمل وإرسال سيرته الذاتية، ولكن لا مجيب ولا حتّى فرصة مقابلة. انخرط في الكثير من دورات مكتب العمل وأيضاً بلا فائدة. ثمّ بعد إغلاق الكامبات وجد يحيى نفسه من جديد بلا عمل.

لست هنا لأشحد

بعد تسريح يحيى من العمل أحيل إلى صندوق ضمان البطالة (أوكاسا)، وكان يشعر بأنّ عليه أن يجد عملاً على الفور، فبالنسبة ليحيى الحياة على المساعدات من السوسيال ليس بالأمر المقبول، وكما عبّر بنفسه: "لست هنا لأشحد بل لأعمل". ولهذا لم يتلقَ يحيى المساعدة من السوسيال إلّا لمدّة ثلاثة أشهر أثناء انتظاره مكتب العمل. 

وجد يحيى عملاً في فندق في لوند في خدمة الغرف في 2019. يقول يحيى بأنّه احتمل سوء بيئة العمل والأجور غير المستقرة في سبيل الحصول على عقد ثابت (فاست)، والذي ماطل فيه صاحب العمل. يقول يحيى: "بعد مرور عام على عملي كان واضحاً بأنّ صاحب العمل لن يفي بوعده ولن يمنحني عقد عمل ثابت، لأشهد ضياع عام آخر من حياتي، فترك الفندق.

بقي يحيى يعيش على صندوق البطالة قرابة عام آخر، ليضطرّ بعدها للقبول بعملٍ في شركة تنظيف. لم يكن يحيى يشعر بأنّه قد وجد حياته بعد، فبالنسبة له كما يقول: "شعرت بأنّ خبرتي ودراستي يؤهلانني لعمل أفضل، ولكن ما باليد حيلة حتّى لو عنى ذلك شعورك بأنّ سنين دراستك وخبرتك قد ضاعت". لهذا عمل في شركة التنظيف وبقي فيها أكثر من عامين ليترك العمل اليوم بسبب ما سمّاه: "الضغوط العنصرية الشديدة".

عنصريّة هائلة

يلقي يحيى باللوم على "سوء حياته" على العنصرية. فوفقاً ليحيى بدأت العنصرية منذ تقدمه بسيرته الذاتية وعدم تلقيه رد، فيحكي لنا كيف أنّه، بعد أن بدأ يشكك في مؤهلاته، قام بإرسال ذات سيرته الذاتية باستخدام اسم سويدي، ليجد بأنّ عدّة شركات لم تكن قد استجابت لطلبه الأصلي قد بدأت بالتواصل معه.

كان فضولي قد أخذني إلى سؤال يحيى: "لماذا تعتقد بأنّ السبب هو العنصرية، ربّما كانت لغتك السويدية الضعيفة فأنت تعتمد بشكل أكبر على الإنكليزية"، فأجاب: "أنا قادر على التحدث بالسويدية بشكل مقبول. لكن إن أردت أن أسلّم لك بأنّ لغتي هي السبب، فلننظر إلى تجربة زوجتي. زوجتي اليوم تتحدث السويدية بطلاقة وأنهت جميع مراحل الدراسة بشكل ممتاز، ورغم ذلك هي غير قادرة على إيجاد عمل، وهي كذلك تتعرّض للكثير من المواقف العنصرية ذاتها التي أتعرّض لها".

طلبنا من يحيى أن يحكي لنا عن أمثلة من العنصرية التي تعرّض لها، فحكى لنا عن رجل ذهب مع شركته لينظفوا له منزله. كان على يحيى أن ينظف النوافذ، ولكن الرجل لم يسمح له بالدخول إلى المنزل. ثمّ بدأ بمعاملته بشكل فظ وسيء لدرجة لم تسمح ليحيى بأن يتمّ عمله كما يجب. عندما جاءت زميلة يحيى السويدية للالتحاق به، بدأ الرجل الفظ يصبح ودوداً أكثر، ومحترماً أكثر، الأمر الذي جعل يحيى يصاب بالذهول.

يتابع يحيى قائلاً: "بعد ذلك أخبرتني مديرتي بأنّ الرجل اتصل بها وبدأ بتأنيبها بسبب تشغيلي، فوفقاً للرجل نحن المهاجرون والمسلمون نأتي إلى السويد ونأخذ أعمال السويديين".

أراد يحيى أن يتابع ويحكي لي عن المزيد من المواقف العنصرية، لكنّي شعرت بشيء ناقص فسألته: "ما الذي فعلته المديرة عندما تحدّث معها الرجل؟"، فأجاب: "وفقاً لما قالته لي فقد وبخته وأخبرته بأنّ الشركة لن تنظّف له النوافذ بعد اليوم، وأنّها حاولت تطييب خاطره بأنّ عليه ألا يلقي بالاً لهذه الأحاديث".

سألتُ يحيى: "ألم تكن المكالمة مسجلة، ألم تنصحك باتخاذ إجراء قانوني؟" كان جواب يحيى بالنفي. للأسف ليس هذا بالأمر الجديد، فقد سمعت عن الكثير من حالات العنصرية القابلة للإثبات التي يتمّ تجاهلها من قبل المدراء وأرباب العمل.

ما العمل؟

ما الذي سيفعله يحيى بعد هذه السنوات التي يعتبرها سيئة بحقّه؟ يقول: "لا أعلم، ولكني سأترك السويد على الأرجح... سأقصد إمّا مكاناً يتقبّل المهاجرين بشكل أفضل مثل كندا أو أمريكا، أو ربّما أقصد دولة عربية مثل مصر حيث لي بعض الأصدقاء".

ينهي يحيى قصته: "أوّل وصولنا إلى السويد كنّا نعشق السويديين، فقد كانوا مرحبين وشعرنا بأنّنا وصلنا إلى حيث يمكننا أن نبني حياة أفضل، لكن في السنوات الأخيرة باتت الحياة والعنصرية لا تطاق... ربّما قام بعض اللاجئين بإعطاء صورة سيئة عنّا، ولكنّ الإعلام والضخّ ضدّ المهاجرين هو المسؤول الأول عن العنصرية التي تواجهنا والتي جعلت حياتنا مظلمة"

ربّما يحيى، وبرغم سوء الأوضاع التي اضطرّ لمعايشتها، أفضل حالاً من غيره. فقد وصل إلى السويد قبل التشدد مع اللاجئين والمهاجرين، ولهذا يحمل اليوم الجنسية السويدية، والتي ستسمح له بالتأكيد بحركة أكبر من جنسيته الأصلية إن قرر مغادرة السويد. لكن ماذا عن الذين يتعرضون للعنصرية ذاتها أو ربّما بدرجة أكبر، وهم غير قادرين حتّى على تجديد الإقامة المؤقتة! ...

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - منوعات

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©