في 15 مارس/آذار 2011، بدأت الانتفاضة في سورية، كان الكثير من السوريين يحلمون بالحرية والتغيير، لكن الأحداث اتخذت مساراً مغايراً، وبعد عشر سنوات، لقي مئات الآلاف من الأشخاص حتفهم، وشُرد نحو نصف سكان سورية. السويد واحدة من الدول التي لجأ إليها السوريون، بحثاً عن مستقبل آمن، لكن هذا الأمان المتوفر إلى حد كبير، مازال يشوبه القلق بسبب تضييق قوانين الهجرة واللجوء، والصعوبات التي يواجهها البعض جرّاء ذلك. الإقامة المؤقتة تقلق اللاجئين صحيفة (Svenska Dagbladet) أجرت لقاءً مع أحمد المحيميد، أحد السوريين الذين لجأوا إلى السويد عام 2015، وحصلوا على تصريح إقامة مؤقتة. كان أحمد يبلغ من العمر 16 عاماً ويعيش مع والدته وأشقائه الأربعة، عندما بدأت القذائف تتساقط على حلب. Foto Carl-Olof Zimmerman / TT يجد أحمد صعوبة في وصف التجربة التي مر بها، ويقول: "في كل مرة كنت أمشي فيها بالشارع أشعر وكأنها المرة الأخيرة، كان أصوات القذائف مستمرة طوال الوقت". في هذه الأثناء كان أحمد طالباً في الثانوية، لكن الوصول إلى المدرسة الذي كان يستغرق ربع ساعة في السابق، أصبح يتطلب ست إلى سبع ساعات بسبب سيطرة مجموعات مختلفة على عدة أجزاء من المدينة. كثف النظام السوري ضرباته الجوية، ويقول أحمد أن القصف الليلي أودى بحياة عائلة بأكملها مكونة من سبع أفراد، كانت تعيش بالقرب منهم. تم القبض عليه هو نفسه من قبل الشرطة العسكرية أثناء التحقق من هويته، وألقي به في السجن. ليتم حشره مع 19 شخص آخرين في زنزانة صغيرة تحت الأرض. ويضيف: "وضعونا تحت الأرض بطابقين. تخيل أنك في غرفة صغيرة، لا ترى النور، ولا تستطيع رؤية وجوه الآخرين أو النوم، وفي منتصف الليل تسمع أحدهم يصرخ من التعذيب". من خلال ثقب صغير في الباب، رأى أحمد جثتين معلقتين على الحائط. كانوا عراة، ملطخين بالدماء وأعينهم مغمضة. ومن الواضح أنهم تعرضوا للتعذيب. بقي في السجن لمدة تسعة إلى عشرة أيام. وكان الحراس يفعلون كل شيء لتخويفهم. بكى أحد زملائه في السجناء، وقال إنه يريد الموت. وفي اليوم السابق لإطلاق سراح أحمد، كان هناك سجين جديد ينزف من جرح كبير في ظهره. يقول أحمد: "يريدون قتل إنسانيتك، وإتلاف عقلك وقلبك". "أريد أن أعيش بحرية وأكمل دراستي" ويضيف: "أردت فقط أن أعيش وأدرس، كنت أرغب بالحرية وتجنب الخوف المستمر على حياتي". كان أحمد يحلم بالذهاب إلى أوروبا لمواصلة دراسته، وبتشجيع من والدته غادر حلب في عام 2015 وحيداً. كان طريق الهروب خطيراً، ويتطلب المرور بعدة مناطق يسيطر عليها تنظيم "داعش". من إدلب، تمكن أخيراً من الوصول إلى تركيا، وبعد ذلك، استمرت الرحلة عبر البحر باتجاه اليونان. ووصل أخيراً إلى مدينة مالمو في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015. منذ ذلك الحين، تنقل أحمد بين عدة مدن، واستقر في أوسكارشامن. درس اللغة السويدية، والتحق بالمدرسة التمهيدية. حصل على تصريح إقامة مؤقتة وسيتقدم للحصول على تصريح إقامة دائمة في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل. Foto Carl-Olof Zimmerman / TT وسبب تطبيق اللجوء المؤقت، يجب على أحمد أن يستوفي الشروط المشددة، والتي تتضمن الحصول على شهادة الدراسة الثانوية، ووظيفة ذات دخل كبير تمكنه من إعالة نفسه. يدرس أحمد الآن في المدرسة الثانوية، ويعمل في الوقت ذاته بدوام كامل في شركة لبيع الهواتف المحمولة. "الحرب قتلت أحلامنا" لا يعتقد أحمد أن هناك عدالة في كيفية التعامل مع قضايا اللجوء. حصل صديق له على تصريح إقامة قبل دخول القانون المؤقت الجديد حيز التنفيذ، وهو يدرس الآن في المعهد الملكي للتكنولوجيا في ستوكهولم. يحلم أحمد أيضاً بأن يكمل دراسته في الجامعة، وأن يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، لكن ذلك يتطلب منه المزيد من الوقت والجهد نتيجة قانون اللجوء المؤقت. يقول أحمد: "أنا ممتن لكل شيء حصلت عليه من السويد، مثل الأمن، والسكن، وفرصة العمل، والدراسة. لكنني ما زلت قلقاً على مستقبلي، ولا أعلم إن كنت سأحصل على قرار بتمديد تصريح إقامتي". بعد مرور عشر سنوات على اندلاع الحرب، يقول أحمد إنه خسر الكثير، توفيت والدته بسبب الحرب عام 2017. ويعيش أشقاؤه الأربعة، وجميعهم في العشرينات من العمر، كلاجئين في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمالي سورية. تفتقر حلب الآن إلى الأمن، ويعتقد أحمد أن لا مستقبل له في سورية. وإن عاد، فسيتم استدعاؤه للخدمة العسكرية، وهو ما يخشاه. يقول: "لم يبق لي حياة في سورية. كل شيء تدمر. لقد قتلت الحرب أحلامنا". المصدر SVD