إن انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الشمال الأطلسي (الناتو) سيكون أحد أكبر التغيرات في ميزان الأمن الأوروبي منذ سنوات عديدة، ولأول مرة ستتلقى السويد حماية من القوى النووية لكن بنفس الوقت يجري مطالبتها بالدفاع عن الدول الأعضاء الأخرى بحال وقوع أية هجوم.قال الباحث في وكالة أبحاث الدفاع السويدية الحكومية FOI نيكولاس غرانهولم: "يجب أن توقع السويد على جميع الالتزامات ولكن بإمكانها أن تقرر ما دورها في الناتو، تماماً مثلما يمكنك أن تختار مدى نشاطك وبأي مجال في إحدى الجمعيات"... فيما يلي ننشر 12 تغيراً متوقعاً عند انضمام السويد إلى الناتو: الحمايةستصبح السويد جزءاً من الدفاع الجماعي لحلف الناتو، وستتلقى ضمانات أمنية وفقاً للمادة 5 من معاهدة واشنطن، وهي أساس التحالف، وغالباً ما يطلق عليها عبارة الفرسان لأنها تتعلق بمبداً "الواحد للكل، والكل للواحد" تماماً كما هو الحال في قصة "الفرسان الثلاثة" الكلاسيكية.يعني هذا الأمر أن الدول الأعضاء يتعهدون لبعضهم البعض بالدعم العسكري المتبادل في حالة حدوث هجوم خارجي، والمادة 5 تعد جوهر حلف الناتو وتنص على أن الهجوم على دولة عضو هو هجوم على "الجميع".وستتلقى الدولة التي تعرضت للهجوم مساعدات عسكرية ومساعدات أخرى مقدمة من الدول الأعضاء، وفي حالات الطوارئ لدى حلف الناتو قوة رد سريع قوامها 5000 شخص، وبعضهم قادر على التواجد في الموقف في غضون أيام قليلة.يذكر أن المادة 5 تم تطبيقها مرة واحدة فقط وهي عقب الهجمات الإرهابية في نيويورك في 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001 حينما أرسل الناتو طائرات استطلاع بالدارات إلى الولايات المتحدة. المساعدةيعتبر الكولوني يواكيم باسيكيفي من كلية الدفاع الوطني السويدية أن التخطيط الدفاعي المشترك للسويد مع الناتو سيكون التغيير الأكبر و"الربح الأكبر".وقال: "التدريبات التي نجريها مع النرويج وفنلندا في شمال كالوت ستستمر، وقمنا بدعوة دول الناتو بالفعل هناك، وستكون تدريبات الناتو أوضح حيث تقوم بدعوة الحلفاء وربما الشركاء الآخرين أيضاً".وتابع باسيكيفي: "إنه تكامل أكبر، ولكن قبل كل شيء فإن هذا التخطيط الدفاعي هو الربح الأكبر، نحن الآن، نخطط للمنطقة بأكملها بدلاً من التخطيط الوطني الذي يتطلب المساعدة فيه ونحن نعلم الآن أننا سنحصل عليها". الأسلحة النوويةكدولة عضو ستندرج السويد تحت "المظلة النووية" لحلف الناتو حيث أن 3 أعضاء في الناتو وهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا يمتلكون أسلحة نووية، لكن رغم ذلك لا يمتلك الناتو نفسه أسلحة نووية خاصة به.وعلى الرغم من أن الأسلحة النووية جزء هام من استراتيجية حلف الناتو إلا أنه لا توجد دولة عضو ملزمة بامتلاك أسلحة نووية في أراضيها، ويمكن للسويد أن تقول لا تماماً كما فعلت الدنمارك والنرويج العضوان المؤسسان للحلف منذ بدايته.واليوم هنالك حوالي 150 سلاح نووي منتشر بقواعد عسكرية في بلجيكا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وتركيا، وذلك بالاستناد للدول التي تقدم طائرات مقاتلة يمكن تجهيزها بأسلحة نووية.وقال الأستاذ المشارك بعلوم الحرب في كلية الدفاع الوطني السويدية ياكوب ويستنبري: "لن يجبرنا أحد على نشر أسلحة نووية في وقت السلم أو ضمن الوجود الدائم لوحدات الناتو"، ولكنه أعرب عن اعتقاده بأن النقاش حول الأسلحة النووية على الأراضي السويدية سوف يستمر.وتابع: "ليس من الواضح أننا توصلنا إلى إجابة مفادها بأن الأسلحة النووية تستخدم فقط ضد من يمتلكونها". القواعدمن الممكن للسويد أن تستقبل موظفي الناتو على أراضيها ولكن فقط بحال وافقت على ذلك، وفي الوقت نفسه من المتوقع أن تقوم السويد باتخاذ استعدادات لتكون قادرة على استقبال القوات المقاتلة بسهولة من دول الناتو سواء في التدريبات أو بحالة الحرب.وقال باسيكيفي: "لا تمتلك النرويج أو الدنمارك أو أيسلندا أسلحة نووية أو قواعد دائمة، بينما هناك منشآت عسكرية دائمة للناتو في النرويج قد تم طلبها، ويمكننا الحصول على طاقم من طواقم الناتو إذا طلبنا ذلك ولكن ربما يتعين علينا دفع ثمن ذلك بأنفسنا".وكانت قد أعلنت الدنمارك والنرويج منذ البداية أنهما لا تريدان تخزين أية أسلحة نووية أو نشر قوات في مناطقهما ويمكن للسويد القيام بنفس الأمر.لكن أحد متطلبات الناتو هو أن تستعد السويد لتلقي مساعدات عسكرية من الدول الأعضاء الأخرى على شكل قواعد جوية مثلاً، حتى تتمكن القوات الأمريكية بشكل أساسي من الوصول إلى هناك بسرعة، الأمر الذي يتطلب استثمارات في البنية التحتية واللوجستيات والحماية.قال رئيس الأبحاث في وكالة أبحاث الدفاع السويدية FOI نيكولاس غرانهولم: "خلال الحرب الباردة تم تجديد مدارج بعض مطارات السويد كي تصبح قادرة على استقبال القاذفات الثقيلة استراتيجياً، وكان ذلك جزءاً من سياسة إعادة التأمين شديدة السرية مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة".يذكر أن السويد قد وقعت بالفعل على اتفاقية البلد المضيف، مما يعني أنه يمكنها بسهولة دعم وتلقي الدعم من الناتو في الأزمات أو الحروب سواء في السويد أو المنطقة المحيطة بها، كما أنه يسهل على السويد أن تكون دولة مضيفة للتدريبات العسكرية الدولية". التكاليفمن المتوقع أن تساهم السويد بوجود أفراد في الهياكل السياسية والعسكرية للناتو بحوالي 200 إلى 250 موظف، وبالإضافة لذلك ستساهم في ميزانية الناتو المدنية والعسكرية المشتركة بحوالي 600 مليون كرون سويدي سنوياً.ووفقاً لاتفاقية بين الدول الأعضاء من عام 2014 يتطلب الناتو أن تنفق كل دول عضو ما لا يقل عن 2% على الدفاع، و20% من هذا الإنفاق يذهب للمعدات الدفاعية، علماً أن أقل من نصف البلدان تلبي هذه المتطلبات اليوم، والسويد لديها طموح بالوصول إلى هدف 2% في عام 2028.وقال غرانهولم: "قد تبدو تكلفة 600 مليون كرون سويدي باهظة الثمن ولكنه ليس كثيراً إذا أردنا زيادة إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2%". الموظفينلدى السويد اليوم وفد في الناتو يتضمن سفيراً وعدد صغير نسبياً من المسؤولين، لكن بمجرد ما أن تصبح العضوية السويدية جاهزة ستكون هناك حاجة إلى عدد كبير نسبياً من الضباط والمسؤولين للعمل لصالح الناتو في بروكسل.فهناك حاجة إلى حوالي 100 ضابط على الفور في مختلف الرتب، ومن المتوقع أن تصل الحاجة بشكل إجمالي إلى حوالي 250 ضابطاً ومسؤولاً.وقال نيكولاس غرانهولم: "سيستغرق الأمر بعض الوقت للعثور عليهم، نحتاج إلى أشخاص يتمتعون بملف شخصي صحيح ومهارات لغوية ويفهمون اللعبة في بروكسل، فليس كل الضباط مهتمين أو مناسبين". الجنود الموجودون في الخارجإن السويد تتعاون بشكل وثيق مع الناتو منذ عام 1994 عبر الشراكة من أجل السلام، كما أنها شاركت في العمليات التي يقودها الناتو في كوسوفو وأفغانستان وليبيا، لكن مع العضوية سيصبح التعاون أقوى وستصبح السويد جزءاً لا يتجزأ من التخطيط الدفاعي الجماعي لحلف الناتو.وقد يكون من المناسب للسويد أيضاً أن تشارك الدنمارك والنرويج في المراقبة الجوية على دول البلطيق ولديهما قوات في المنطقة.ويعتقد ياكوب ويتستبري بوجود سيناريو يجري فيه وضع الجنود السويديين بحالة حرب على حدود النرويج وفنلندا مع روسيا، حيث قال: "خلال فترة الحرب الباردة استثمرنا موارد هائلة في الدفاع عن خط كاليكس، وفي المستقبل القريب ليس من غير المنطقي أو غير المعقول أن يتمركز الجنود السويديون على الحدود الروسية في النرويج أو فنلندا". التعاون مع دول الشمالحينما تنضم جميع دول الشمال إلى الناتو سيتم تعزيز التعاون الدفاعي لدول الشمال الأوروبي عموماً، فمن الممكن أن تصبح الفكرة السويدية القديمة بتحالف دفاع الشمال والتي ألغيت حينما انضمت الدنمارك والنرويج إلى الناتو في عام 1949، حقيقة واقعة، لكن في إطار حلف شمال الأطلسي – الناتو.حيث ستشارك السويد في التخطيط التشغيلي على جميع المستويات الإدارية وستشارك في القرارات ودمج التخطيط الدفاعي الخاص بها مع أعضاء الناتو الآخرين وخاصة أولئك الموجودين في المنطقة مباشرة كالنرويج والدنمارك، وبهذه الطريقة يصبح دفاع دول الشمال متجانساً وفقاً لما كتبته القوات المسلحة السويدية.وقال نيكولاس غرانهولم أن التعاون الدفاعي لدول الشمال قد تم تطويره بالفعل، وخاصة بين السويد وفنلندا، وأوضح أن دول الشمال يمكنها أن تدعم بعضها البعض داخل الناتو.وقالت الأستاذة المشاركة في العلوم السياسية بكلية الدفاع الوطني السويدية مالنا بريتز: "أعتقد أننا سنكون قادرين على التفكير من منظور التعاون الاسكندنافي الحقيقي، فالأمر اليوم لا يتعلق بعموم بلدان الشمال الأووربي وإنما بين الحكومات، وغالباً بين بلدين أو ثلاثة بلدان.. لكن يمكن للمرء أن يتخيل تعاوناً عميقاً في بلدان الشمال". غوتلاندإن الناتو يرى غوتلاند كمنطقة استراتيجية وخاصة في حالة هجوم روسي على دول البلطيق، والعضوية في الناتو تفترض أن السويد والحلف سوف ينسقان خططهما الدفاعية، بما في ذلك القضايا المتعلقة بنوع القوات التي ستكون مناسبة للانتشار ضمن أوقات مختلفة.وفي مثل هذه الحالة قد يكون من المناسب وضع قوات الناتو في غوتلاند، حيث قال ياكوب ويستبري من كلية الدفاع الوطني السويدية: "إذا كان جزءاً من التخطيط الدفاعي المشترك داخل الناتو فيجب تركيز تلك الموارد على الأراضي السويدية، ومن المحتمل أن نكون مستعدين لإبقاء أراضينا مفتوحة في اليوم الذي تبدأ به الحرب، لكن هذا لا يعني أننا بحاجة إلى الوجود الدائم في وقت السلم". الشمال السويديتعتبر مناطق من شمال السويد هامة من أجل التخطيط الدفاعي للسويد وحلف شمال الأطلسي.فشبه جزيرة كولا الواقعة في المحيط المتجمد الشمالي هي موطن القوة النووية الروسية القائمة على الغواصات، وهي ذات أهمية استراتيجية كبيرة لروسيا لأنها أساس "قدرة الدولة من الدرجة الثانية"قال نيكولاس غرانهولم: "إذا أرادت روسيا توسيع منطقتها فستكون لابلاند السويدية والفنلندية وكذلك شمال النرويج وسفالبارد محط اهتمام، ويوجد بالفعل تعاون لدول الشمال هناك وخاصة في مجال الطيران، وهو الآن سؤال أمام الناتو".وقال ياكوب ويتبري عن تصوره بأن "القواعد الجوية الأمريكية مثلاً ستكون مستعدة للمشاركة في التخطيط الدفاعي لحلف الناتو في لوليو أو أوسترسوند". التخصصإن واحد من النتائج المحتملة لعضوية الناتو أن القوات المسلحة السويدية متخصصة فيما يجيدونه بالفعل بينما قد تساهم دول الشمال الأوروبي الأخرى بتخصصاتها المختلفة.حيث تمتلك السويد العديد من الغواصات المتقدمة، بينما استثمرت فنلندا بشكل أساسي في القوات البرية الكبيرة على طول حدودها الطويلة مع روسيا.. هذا الأمر مثالاً على الموارد المتكاملة.كما أن السويد تمتلك قوة جوية قوية نسبياً بالإضافة إلى الغواصات والسفن القتالية السطحية في حين أنها أسوأ بكثير بما يتعلق بالقوات القتالية البرية.ومن الممكن أن يؤدي هذا التخصص والتكامل إلى اعتماد تبادل جديد بين بلدان المنطقة المجاورة وقد يكون الوقت مناسباً "لنزع الطابع القومي عن القوات المسلحة" وفقاً لياكوب ويستبري.وقال رئيس الأبحاث في FOI كريستر بالين أن تصميم الدفاع السويدي سوف يتغير على المدى الطويل. السياسة الخارجيةيعتقد العديد من المراقبين والمحللين أن السياسة الخارجية للسويد سوف تتغير حينما ستصبح دولة عضو في حلف الناتو.قالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة يوتوبوري آن ماري إكينغرين: "سنعتبر دولة أكثر غربيةً من الدول الأخرى، وسيكون من الأسهل التركيز على القضايا الأخرى بحال كان هناك رخاء ولم تكن السياسة الأمنية على رأس جدول الأعمال، بخلاف ذلك أعتقد أنه سيكون من الصعب خروج الصوت السويدي".في المقابل يشير آخرون إلى أن النرويج اتبعت دائماً سياسة خارجية مستقلة والتزمت بالسلام رغم أنها عضو في الناتو.واعترفت وزيرة الخارجية السابقة مارغوت فالستروم أنه سيكون من الصعب النضال نحو نزع السلاح في إطار حلف شمال الأطلسي الناتو ولكنها تعتقد أن السويد بمقدورها المتابعة في مسارها الخاص.وقال فالستروم: "يجبب أن نقرر الاستمرار باتباع سياستنا الخارجية الخاصة، هناك الكثير مما يتعلق بكيفية تطور حلف الناتو.. فإذا كان الأمر يتعلق بالديمقراطية عالمياً، فسيكون من المثير أن نرى كيف سيتصرف، أما إذا كان هناك تركيز أكبر على السيطرة العسكرية والأسلحة فسيكون هناك مزيد من الحاجة للتنسيق في دائرة الناتو".