18 مليون كرون تعويض للسويدي الذي قضى أطول فترة بالسجن في العصور الحديثة
 image

نفن الحاج يوسف

null دقائق قراءة|

أخر تحديث

18 مليون كرون تعويض للسويدي الذي قضى أطول فترة بالسجن في العصور الحديثة

منوعات

Aa

السجن

Bild: TT

في أعماق تاريخ القضاء السويدي، يبرز اسم "كاي لينا" كدليل مؤلم على البراءة المسلوبة وتقلبات الحظ. فالرجل الذي أمضى أكثر من عقد من الزمن في ظلمات الزنزانة، اُتهم بجريمة لم يرتكبها حتى، في قصة حيرت المحاكم وأثارت الرأي العام السويدي. واليوم بعد 19 عاماً على القضية، بعد أن تبدلت أطوار حياته وتغيرت ملامحها، نقدم لكم حكاية الرجل الذي غادر زنزانته ليواجه عالماً جديداً مليئاً بالتحديات والمنعطفات المختلفة في حياته، انضموا إلينا لاكتشاف تفاصيل قصة لينا، الرجل الذي استعاد حريته بعد طول انتظار.

كاي لينا Kaj Linna، البالغ من العمر 61 عاماً، يحمل لقب السويدي الذي أمضى أطول فترة في السجن براءةً في العصور الحديثة والتي بلغت 13 عاماً، قبل أن تبرئه المحكمة العليا في 15 يونيو/حزيران 2017، حيث أكدت المحكمة أنه لم يكن له أي صلة بالجريمة التي أُدين بسببها، وهي سرقة وقعت في مدينة كالامارك في مقاطعة نوربوتن السويدية.

موجز القضية التي هزت مدينة كالامارك

تعود القضية إلى عام 2004، حيث تعرض شقيقان لهجوم شرس في مزرعتهما في مدينة كالامارك Kalamark بالقرب من بيتيو بالسويد. الأكبر قُتل بوحشية في الحظيرة، بينما تعرض الأصغر للاعتداء الشديد، ولكنه نجا بأعجوبة، ليتم العثور عليه بعد يومين من الحادثة. وكانت السرقة جزءاً من الجريمة، حيث اختفى مبلغ 2000 كرونة من المنزل.

على ضوء الأحداث، تم القبض في أبريل/ نيسان 2004 على رجل يبلغ من العمر 33 عاماً، كان الشقيق الأصغر قد اعترف بأنه رآه. وكانت العلاقة التجارية السابقة بينهما السبب وراء التعرف. ومع ذلك، كان لدى الرجل الأدلة التي أشارت إلى شخص آخر. وكان هذا الرجل الثاني هو من أشار إلى كاي لينا، مدّعياً أن لينا كان يخطط للسرقة.

وفي يوليو/ تموز من نفس العام، تم القبض على لينا في ويلز بتهمة القتل، ليتم بعدها الحكم عليه في ديسمبر/ كانون الأول بالسجن مدى الحياة. وما زاد من تعقيد القضية هو عدم وجود أدلة قوية تربط لينا بالجريمة.

النضال من أجل البراءة

ورغم الحكم، لم يستسلم لينا وظل يطالب بإعادة النظر في قضيته. ولكن رغم جهوده، تم رفض طلباته مرتين. ولكن، في المرة الثالثة، بعد مرور أكثر من عقد من الزمن، كان هناك منعطف حاسم: قدم محامي لينا فيلماً جديداً يظهر أن الشاهد الرئيسي قد قدم معلومات مُضللة، إحدى الأدلة التي طُرحت أمام المحكمة استمدت من البودكاست "Spår"، الذي قدمه الصحفيان أنطون بيري ومارتن جونسون.

في نهاية المطاف، أي في ديسمبر/ كانون الأول 2016، أصدرت المحكمة العليا قراراً بقبول طلب إعادة النظر، في خطوة قد تغير مسار القضية نحو العدالة الحقيقية.

وفي 15 يونيو/حزيران عام 2017، تم الإفراج عن كاي لينا، حيث منحته المحكمة تعويضاً مالياً بقيمة 18 مليون كرونة، وهو أعلى تعويض لحد الآن في السويد، تقديراً لسنواته الـ 13 الضائعة. لكن هل يمكن أن يعوض المال تلك السنوات التي فقدها؟

FotoJohan Nilsson/TT

حياة جديدة بعد البراءة: الهجرة والحب

بعد تبرئته، أطلق كاي لينا كتاباً ودخل في رحلة حياتية متعددة المسارات: تزوج، قام بتأسيس فندق لكنه لم يحقق النجاح المأمول، ومر بتجربة طلاق ثم بدأ بتكوين فكرة لإقامة مزرعة عقارب. خلال حديثه مع أنطون بيري في بودكاست "Spår"، يظهر أن حياة كاي لينا قد شهدت مراحل جديدة ومختلفة. حالياً، يقيم في جنوب الفلبين، وهو متزوج من جاهارا التي تصغره بـ26 عاماً.

تحدث كاي لينا عن قصة حبهما قائلاً: «تعرفنا على بعضنا عبر الإنترنت وتواصلنا لعدة أشهر، قرابة نصف عام، قبل أن أقرر الانتقال والاستقرار هنا في الفلبين نهائياً»، ثم يضيف بتأمل: «الهجرة مرة أخرى»، مستعرضاً ما مرّ به من تجارب في العلاقات وفترته السابقة في جزر الكناري.

Foto Johan Nilsson/TT

انتقاله للعيش في جزر الكناري سابقاً 

لنعود إلى عام 2017، فبعد تبرئته فوراً اختار الانتقال للعيش في جزر الكناري. ولكن الأضواء الإعلامية لم تتركه، فقد أصبح جزءاً من مشروع استثماري أثار جدلاً واسعاً. ووصف النقاد هذا المشروع بأنه دعوة للأشخاص ذوي الدخل المحدود للاستثمار في عملة رقمية غير معروفة، حيث اعتبرها البعض - منهم خبير البيتكوين توت لوفستروم - بأنها عملية احتيال. وفي سبتمبر/أيلول 2021، أعلن كاي لينا انسحابه من المشروع بشكل مفاجئ، ووجهت له انتقادات حادة في برنامج "آثار" حول تورطه في هذا المشروع.

استقراره في الفلبين: تأسيس عائلة مرة أخرى في عمر الـ61

في الفلبين، استقبل كاي لينا وجاهارا مولودهما جينسن يوهانس لينا بفرح وحماس. على الرغم من اختيارهم عدم تعليمه اللغة السويدية - إذ عبّر لينا عن رأيه لأنطون بيري أثناء المقابلة في البودكاست قائلاً أن هنالك لغات أقرب من السويدية - إلا أن استقباله للأبوة في سن الواحد والستين لم يُمثل له تحدياً، حيث قال لينا: «إنها تجربة رائعة. كنت أرغب بهذه التجربة، وعندما التقيت بجاهارا، الشابة التي ترغب في تكوين أسرة، لم يكن هناك مجال للتردد. الحياة في الفلبين مختلفة جداً عن السويد. لدينا خادمة تعمل ستة أيام بالأسبوع و12 ساعة يومياً، وأما جهارا فتعمل بمرونة مشابهة لي».

في المقابل، أشار لينا إلى أنه الآن يرأس شركة في مجال البناء ويدير فريقاً من 15 موظفاً. وخلال المقابلة، تحدث عن علاقته بأسرته في السويد، والأموال التي استثمرها في مشاريع متنوعة. 

علاقته بوطنه الأم: السويد

تحدث لينا أيضاً عن علاقته بوطنه، يبدو أنه لا ينوي العودة إليها في الوقت القريب، حيث قال: «أرى السويد كدولة لا تناسبني، ولا أشعر بالحاجة للعودة إليها. مع ذلك، أحب الطعام السويدي وأقوم بتحضيره هنا (أي في الفلبين)».

واختتم حديثه معبراً عن رغبته في عودة محتملة مع ابنه جينسن ليشهد الطبيعة السويدية الخلابة. 

يُذكر أن الحلقة الجديدة من بودكاست "Spår"، الذي يروي فيها لينا قصته ومعاناته وكيف أثرت السجون فيه وكيف تغيرت حياته بعد الحرية، أصبحت متوفرة يوم الثلاثاء 17 أكتوبر/ تشرين الأول عبر منصات "Acast" و"Thirdear"، وفقاً لما أوردته صحيفة "اكسبريسن" السويدية


حقائق

يُعد بودكاست "SPÅR" نتيجة تعاون فريد بين شركة A-one produktion وAcast واستوديو Third Ear. يضم الفريق التحريري للبودكاست كل من أنتون بيري، ومارتن جونسون، وماريا هانسون بوتين، وإيفاليسا والين، حيث تتناول الحلقات في الغالب قضايا قانونية وجرائم شهيرة، وقد تم تسليط الضوء في أحد الحلقات على قضية كاي لينا، حيث عُرض البودكاست كجزء من الأدلة الجديدة التي أسهمت في تبرئة كاي لينا.

شارك المقال

أخبار ذات صلة

لم يتم العثور على أي مقالات

آخر الأخبار

ستوكهولم
مالمو
يوتوبوري
اوبسالا
لوند
لم يتم العثور على أي مقالات