تشهد السويد معدلات بطالة مرتفعة تاريخياً، ما يتطلب سياسة نشطة من الحكومة تجاه سوق العمل. غير أن الحكومة، وبدلاً من الإعلان عن استثمارات كبرى في الميزانية الربيعية لخلق فرص عمل، تواصل نهجها القائم على تقليص موازنات الهيئات الحكومية، مع التركيز على فرض مزيد من الشروط على العاطلين عن العمل. وتُظهر الأرقام أن الوضع في سوق العمل السويدي خطير، حيث تجاوزت نسبة البطالة 9 بالمئة، مع ازدياد معدلات البطالة بين الشباب والعاطلين لفترات طويلة. وفي الوقت ذاته، تواجه الشركات والهيئات الحكومية صعوبة في إيجاد كوادر تمتلك الكفاءات المطلوبة. وقالت بريتا ليون، رئيسة اتحاد موظفي الدولة «Fackförbundet ST»: «لقد تم تحميل الأفراد مسؤولية البطالة، وليس المجتمع. وبهذا الشكل، تنشغل الحكومة بفرض الشروط على الأفراد بدلاً من خلق الظروف اللازمة لدمج المزيد منهم في سوق العمل. العاطلون عن العمل بحاجة إلى دعم، وليس إلى تحميلهم الذنب». وأشارت إلى أن الحكومة أكدت استعدادها للتحرك لمواجهة الآثار السلبية الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية العالمية غير المستقرة، مضيفة: «الوقت قد حان للتحرك، فالآثار السلبية أصبحت واقعية». ودعت إلى زيادة المخصصات الإدارية لوكالة التوظيف «Arbetsförmedlingen» لتمكينها من توظيف المزيد من المستشارين. وأوضحت أن النقص في عدد موظفي مكتب العمل يمنعها من إصدار قرارات بشأن التدخلات المطلوبة لدعم الباحثين عن عمل، ما يؤدي إلى إعادة الأموال إلى خزينة الدولة رغم الاحتياجات الهائلة، مؤكدة أن هذا النهج لا يُعد فعالاً. تقليصات متواصلة تُضعف أداء الهيئات منذ أزمة التسعينيات، عمدت الحكومات المتعاقبة – بغض النظر عن انتمائها السياسي – إلى تقليص مخصصات الهيئات الحكومية، من خلال ما يُعرف بـ«اقتطاع الإنتاجية». ويعني ذلك فعلياً أن على الهيئات الحكومية تحسين كفاءتها التشغيلية سنوياً لتتمكن من تغطية الزيادات في رواتب موظفيها. ويُعد المبلغ الإضافي البالغ 60 مليون كرونة الذي خصصته الحكومة لمكتب العمل في ميزانية الربيع أقل من المبلغ الذي خسره مكتب العمل جراء اقتطاع الإنتاجية الذي قلّص الزيادة المخصصة للرواتب في عام 2025، ما يعني أن هذا التمويل لا يمثل استثماراً حقيقياً في عمل الوكالة. وتحذر جهات نقابية من أن نظام التقليصات السنوية ليس مستداماً، لاسيما في حالة مكتب العمل، التي لا يمكنها الاستمرار في تحسين الكفاءة عاماً بعد عام على حساب جودة الخدمات – فلا يمكن للمستشارين تقليص وقت اللقاءات مع الباحثين عن عمل باستمرار. وقالت بريتا ليون: «نحن الآن نشهد زيادة في معدلات البطالة طويلة الأمد، ونعلم أن هذه الفئة تحتاج إلى دعم كبير في بحثها عن العمل. وكالة التوظيف تحتاج إلى زيادة في مخصصاتها. لكن بدلاً من ذلك، تقوم الحكومة بإغلاق مكاتب الخدمة التي تتيح للعاطلين فرصة الحصول على دعم شخصي، ما يجبر العديد منهم على السفر مسافات أطول للحصول على موعد فعلي».