استقبلت السويد عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، وخاصة عام 2015. بالرغم من ذلك، يوضّح بحثٌ بعنوان «لكنّك لا تبدو سوري! BUT YOU DO NOT 'LOOK' SYRIAN» للبروفسورة من جامعة مالمو: يوسيفا فيسيلس Josepha Wessels، أنّ العديد من هؤلاء يعانون من العنصرية والتمييز وصعوبة الاندماج. تواصلتُ مع البروفسورة للوقوف على العديد من النقاط المهمة في بحثها، ولكنّها في الوقت الحالي في إجازة. لهذا وإلى حين عودتها، سأقدّم لكم مقالاً يحوي أبرز ما جاء في بحثها الذي أجرته في مالمو ويوتوبوري، والذي يعبّر اسمه عن فحواه.السوريون في البيئات المدنية السويديةيظهر بحث يوسيفا بأنّ السوريين يفضّلون الاستقرار في المدن الحضرية الكبيرة مثل مالمو ويوتوبوري، لأسباب متعددة، منها توفر فرص التعليم والعمل بشكل أكبر، ولكن أيضاً لتجنب الشعور بالوحدة الذي يعاني منه السوريون عند الاستقرار في القرى السويدية الصغيرة. قال أحد السوريين المشاركين في الدراسة: «إنّ المجتمع السويدي بارد مثل الطقس».لاجئون سورية في السويد أوضحت يوسيفا في بحثها بأنّه كان من الأسهل بالنسبة للسوريين بناء علاقات اجتماعية مع المهاجرين الآخرين مقارنة بالسويديين الذين لا يملكون خلفية مهاجرة. وكانت فرص لقاء السوريين والمهاجرين الآخرين أكبر في المدن الحضرية مثل يوتوبوري ومالمو، وهذا ما يدفعهم للبقاء فيها.بناء الصداقات والعلاقات الاجتماعيةيبدو ممّا قلناه بأنّ أحد الجوانب الهامة في عملية الاندماج هو بناء الصداقات والعلاقات الاجتماعية. يقول البحث الذي أعدته يوسيفا، بأنّ وجود شبكة من الأصدقاء أو الأقارب من سوريا قبل الوصول إلى السويد، قد ساعد العديد من المشاركين في البحث عن بناء صداقات خلال مرحلة الاستقرار. التجربة المشتركة للهرب من الحرب خلقت روابط قوية بين السوريين عند وصولهم إلى السويد.أورد البحث قول "فاطمة"، وهي إحدى المشاركات في البحث، إنها تعاني من أزمة هوية في السويد، ولا تزال تفخر بكونها سورية. تقول: «لا أشعر أنني سويدية، رغم أنني نشأت هنا وأتحدث اللغة بطلاقة وذهبت إلى المدرسة هنا. جزء مني لن يصبح سويدياً أبدا".تغيرت الديموغرافيا السويدية بشكل كبير مع وصول السوريين. أصبحت سوريا واحدة من أكبر الدول المصدرة للمهاجرين إلى السويد، حيث يقدر عدد السوريين في السويد بحوالي 196,000 شخص بحلول نهاية عام 2021، مما يجعلهم أكبر مجموعة من المهاجرين في البلاد، بما في ذلك السويديين من أصل فنلندي، الذين كانوا يعتبرون هم المجموعة الأكبر قبل ذلك. تأثير الهجرة السورية كان له أثر كبير على المجتمع السويدي، من حيث الثقافة والاقتصاد والسياسة.يقول أحمد، أحد المشاركين في الدراسة: «السويد ليست مجتمعاً منفتحاً اجتماعياً: عادةً ما يكون الأشخاص من منطقة البحر الأبيض المتوسط أو الشرق الأوسط أشخاصاً اجتماعيين للغاية ويتحدثون مع الناس، ويتحدثون كثيراً، ويتعرفون على أشخاص، ويخرجون ليلًا، ويبقون على اتصال. العلاقة بين الشعب السويدي أقل إلى حد ما. وهذا هو سبب بعض العزلة والشعور بالوحدة. أنا وحيد، لا أعرف الجار الذي يسكن في المبنى نفسه، هذه أشياء أجد صعوبة في فهمها في المجتمع السويدي».العنصرية ضدّ السوريينتقول يوسيفا في بحثها بأنّ السوريين تعرضوا في السويد للعديد من أشكال التمييز والتحيز في حياتهم اليومية. قال أحد المشاركين في البحث: «أشعر أنني دائماً مضطر للدفاع عن نفسي في اتجاهين: أولاً أنني لست إرهابياً، وثانياً أنني مسلم وأفتخر بذلك». لافتة سويدية ترحب باللاجئين من سوريةاستخدام أسماء مستعارة غير عربية أو «تسويد» أسمائهم لتجنب ردود الفعل المتحيزة، كان من بين الآليات التي استخدمها السوريون للتعامل مع التمييز.تحدث أحد السوريين في مالمو عن تجربته مع التمييز عندما ذهب إلى طبيب الأسنان ولم يكن يتحدث السويدية جيداً، حيث تحدث بالإنجليزية، فردّ عليه الطبيب: «أنت تتحدث الإنجليزية بشكل جيد بالنسبة لسوري».التحديات المؤسسيةوفقاً لبحث يوسيفيا، فمن بين التحديات التي يواجهها السوريون في السويد، هناك التحديات المؤسسية التي تتعلق بالتعامل مع وكالات الهجرة والاندماج. عبّر العديد من المشاركين في البحث عن تجاربهم السلبية مع مكتب الهجرة السويدي، حيث وصفوا المباني بأنها غير مرحبة وأن التعامل معهم كان يتم بشكل بيروقراطي وجاف. قال أحد المشاركين: «...حتى النوافذ محمية من الأسلحة، لا تحصل على تواصل مع الناس، إنه حقاً ليس مكاناً مرحباً».لكن على الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها السوريون في السويد، إلا أن السلطات السويدية ومنظمات المجتمع المدني تبذل جهوداً كبيرة لمكافحة العنصرية وتقديم الدعم اللازم للمهاجرين. تعمل الكثير من السلطات في السويد على تقديم برامج تعليمية وتدريبية للمهاجرين لتحسين فرصهم في سوق العمل وتعزيز اندماجهم في المجتمع السويدي.كما أن المجتمع المدني يلعب دوراً هاماً في دعم السوريين من خلال تقديم المساعدة القانونية والاجتماعية، وتنظيم فعاليات تهدف إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة وتقليل الفجوة بين المهاجرين والمجتمع السويدي.