عندما تشترك الحاجة البشرية للحماية مع التكنولوجيا والهندسة المعمارية، قد تظهر عجائب لا تُصدق! تحت شوارع ستوكهولم الهادئة، تكمن قصة مذهلة عن ملجأ نووي عملاق تم تحويله لاحقاً إلى مرآب للسيارات. لكن هذا الملجأ لم يكن مجرد مأوى عادي، بل كان يوماً معلماً عالمياً يُظهر قوة وحنكة السويد في التخطيط والبناء. تعالو نكتشف معاً هذا العمل الهندسي البارع ودوره في تاريخ العاصمة السويدية!المصدرتاريخ الملجأ وبناؤهبُني هذا الملجأ في الخمسينات من القرن الماضي، خلال ذروة الحرب الباردة، حيث كانت الحكومة السويدية تتوقع هجوماً نووياً وكانت تستعد لتطوير قنبلتها النووية الخاصة أيضاً. تم تصميم الملجأ لاستيعاب حوالي 20,000 شخص، وليس ذلك فقط، بل كان يحتوي على مساحة لوقوف 550 سيارة. وعند اكتماله، كان الملجأ الأكبر في العالم من حيث الحماية من الهجمات النووية، وأكبر مرآب للسيارات في أوروبا.محطة وقود بنيت عام 1955المرآب الآنتحفة هندسية أسفل ستوكهولميمتد الملجأ تحت سطح الأرض بمسافة حوالي 400 متر، ويشق طريقه في اتجاه شمال- جنوب تحت الجزء الشمالي من سودرمالم. وهو مُقسم إلى ثلاثة طوابق، توزع فيه المساحات بذكاء وابتكار. كما أن الأنفاق المؤدية إلى الملجأ ليست مجرد ممرات، فهي مُصممة حتى تتحمل الضغط والتأثيرات الخارجية. وتضمنت البنية الهندسية للمأوى بوابات مزدوجة من الخرسانة ومداخل متعددة، وكل ما يُظهره المكان في الخارج هو أنبوب تهوية وشواية هواء وإشارة الملجأ على الجدار الداعم. وتجسيداً للتفكير الاستراتيجي، تم التخطيط أيضاً لنفق طوارئ إلى المترو عند سلوسن، ولكن بقي المخطط مجرد حبر على ورق ولم يتم بناؤه.FotoJessica Gow/TTسبب بناء الملجأ والهدف منهفي فترة الحرب الباردة، كانت الدول حول العالم تترقب التهديد النووي المحتمل وتحاول الاستعداد له. ولم تكن السويد، رغم حيادها التاريخي، استثناءً لذلك. تجلى هذا القلق في تخطيط الحكومة السويدية وتنفيذها لمشروعات بناء الملاجئ السكانية في مختلف أنحاء البلاد. وكان هدف هذه الملاجئ هو حماية السكان المدنيين من أي هجوم نووي محتمل. وفي ظل هذه الظروف، أُنشئ ملجأ "كاتارينا بيرجيت" في ستوكهولم ليصبح أكبر ملجأ في المدينة، وأكبر ملجأ مقاوم للقنابل الذرية في العالم عند اكتماله. وفي أوقات السلم، تحول الملجأ أيضاً لمرآب للسيارات، موفراً حلاً ذكياً لنقص مواقف السيارات في المدينة.FotoJessica Gow/TTهل ما زال الملجأ قائماً؟مع مرور الوقت، خسر الملجأ معظم وظائفه الدفاعية، وأصبح يستخدم مرآب للسيارات فقط. وفي السنوات الأخيرة، تمت مناقشة مصير هذا المرآب /الملجأ، حيث أشير إلى احتمال هدمه بسبب تدهوره. ورغم هذه النقاشات، يظل الملجأ جزءاً هاماً من تاريخ ستوكهولم وذاكرة سكانها.يعتبر مأوى "كاتارينا بيرجيت" شاهد حي على الفترة التاريخية التي مرت بها السويد خلال الحرب الباردة. ويمثل التزام الحكومة السويدية بحماية مواطنيها والاستجابة لاحتياجاتهم المعيشية في الأوقات الصعبة. وعلى الرغم من تحول وظيفته الآن، إلا أنه يظل رمزاً لفترة تاريخية مرت بها البلاد.