أظهرت دراسة جديدة أن عدد الوفيات خلال موجة الحر في أوروبا العام الماضي كان أعلى بشكل ملحوظ مما كان يُعتقد في السابق. ووفقاً لهذه الدراسة، توفي حوالي 61,000 شخص بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وكان المتخصصون يفترضون سابقاً أن عدد الوفيات يتراوح بين 15,000 إلى 20,000 شخصاً. إلا أن الحسابات الجديدة التي أجريت من قبل باحثين في إسبانيا وفرنسا وسويسرا تشير إلى أن عدد الوفيات الفعلي كان ثلاث إلى أربع مرات أعلى من التقديرات السابقة.وقام الباحثون، الذين نشروا نتائج دراستهم في مجلة "نيتشر ميديسين Nature Medicine"، بتحليل العدد الكلي للوفيات في أوروبا ومقارنته بالحرارة المسجلة خلال الفترة من 30 مايو/ أيار وحتى 4 سبتمبر/ أيلول 2022 - والتي كانت أعلى درجة حرارة تم تسجيلها على الإطلاق في فصل الصيف، حيث تجاوز متوسط درجة الحرارة المعتادة للفترة من عام 1991 إلى 2020 بمقدار 1.4 درجة مئوية.كما تم تسجيل أعلى درجات الحرارة في جنوب أوروبا، ولا سيما في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، بينما شهدت إنجلترا وألمانيا أيضاً أياماً حارةً جداً.وكانت إيطاليا الدولة الأكثر تضرراً، حيث يُقدر أن حوالي 18,000 شخص توفوا بسبب ارتفاع درجات الحر. تليها إسبانيا بنحو 11,300 حالة وفاة، ثم ألمانيا بـ 8,200 حالة وفاة، وفرنسا بـ 4,800 حالة وفاة، وبريطانيا العظمى بـ 3,500 حالة وفاة، واليونان بـ 3,100 حالة وفاة.وعند مراعاة العدد السكاني، تتصدر إيطاليا القائمة. حيث كان عدد الوفيات لكل مليون نسمة في إيطاليا يبلغ 295، تليها اليونان بنسبة 280، وإسبانيا بنسبة 237، والبرتغال بنسبة 211.كما كان من المتوقع أن تكون الوفيات الزائدة أكثر بين كبار السن، ولكنها كانت أيضاً أعلى بين النساء مقارنةً بالرجال - وربما يعود ذلك إلى وصول النساء إلى أعمار متقدمة بشكل كبير في معظم البلدان. السويد الأكثر حظاًوعلى الرغم من تفشي الموجة الحارة، لم تتعرض الدول الشمالية لأوروبا بما فيها السويد والدانمارك لآثارها بنفس القدر. في الواقع، تمكنت السويد بصعوبة من تفادي الموجة الحارة بشكلٍ نسبي في عام 2022، وذلك في تباين واضح عن عام 2018 حين تعرضت السويد والدنمارك لموجة حر.وفيما يتعلق بالسويد، يُقدر أن حوالي 700 شخص توفوا بسبب ارتفاع درجات الحر في ذلك العام. بالمقابل، كان عدد الوفيات المرتبطة بالحر في العام الماضي قليلاً- حيث يُعتقد أنه توفي حوالي 40 شخصاً فقط بسبب ارتفاع درجات الحر.وفيما يتعلق بالدروس المستفادة من هذه الأحداث، يحذر الباحثون من آفاق غير مشجعة للمستقبل إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لمواجهة التغيرات المناخية. فوفقاً لحساباتهم، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فمن المتوقع أن يموت حوالي 68,000 شخص مبكراً في كل صيف بحلول عام 2030.إن هذا التحذير يلزم الحكومات والمجتمعات باتخاذ تدابير عاجلة وفعالة لمواجهة تغير المناخ، وضمان سلامة المواطنين في ظل ارتفاع درجات الحرارة المتوقع في المستقبل. إن معركة مكافحة الحرارة القاتلة في أوروبا لا تزال تحتاج إلى جهود مشتركة ومستمرة لحماية حياة الناس وضمان مستقبل أكثر استدامةً.