في خطوة تهدف إلى تقليل المخاطر الصحية والنفسية الناتجة عن التبرع بالحيوانات المنوية، دعت ثماني دول أوروبية، من بينها السويد، إلى وضع حدّ مشترك لعدد الأطفال الذين يمكن إنجابهم من متبرع واحد، وسط مخاوف متزايدة من ارتفاع أعداد الإخوة غير الأشقاء دون علمهم أو علم ذويهم. ويأتي هذا التحرك بعد تقارير عن انتشار النطاف من متبرع واحد إلى عدة دول أوروبية، ما يفتح المجال لوقوع علاقات قرابة غير مقصودة وزيادة احتمال انتقال أمراض وراثية نادرة. نقص المتبرعين المحليين يقود إلى "تصدير النطاف" رغم أن معظم الدول الأوروبية تفرض قيوداً محلية على عدد الأطفال المسموح بإنجابهم من المتبرع الواحد — من طفل واحد في قبرص إلى عشرة أطفال في دول مثل فرنسا واليونان وإيطاليا — فإن هذه القيود لا تسري على التبرعات العابرة للحدود، ما يخلق ثغرة قانونية تستغلها بنوك تجميد النطاف التجارية لتصدير الحيوانات المنوية إلى الخارج. وقالت الباحثة كارولينا أوستغرين، من المجلس الوطني السويدي للأخلاقيات الطبية، إن هذه المبادرة تهدف إلى "منع العلاقات العائلية غير المقصودة بين إخوة غير أشقاء، وتقليل خطر الأمراض الوراثية"، مؤكدة أن بعض العيادات السويدية صدّرت بالفعل نطافاً لمتبرعين إلى دول أخرى، ما يخالف السقف المحدد محلياً بستة آباء فقط لكل متبرع. قضية مثيرة للقلق: 67 طفلاً من متبرع واحد في واحدة من أبرز القضايا، تبيّن أن متبرعاً يحمل طفرة جينية نادرة مرتبطة بالسرطان أنجب 67 طفلاً، أُصيب عشرة منهم بالمرض، ما أثار جدلاً واسعاً حول فعالية الفحوصات الطبية ومدى كفايتها لاكتشاف أمراض وراثية نادرة. وفي هذا السياق، أشار بنك النطاف الأوروبي إلى أن المتبرعين يخضعون لاختبارات طبية دقيقة، لكن الطفرات النادرة مثل TP53 المرتبطة بأنواع من السرطان قد لا تظهر في هذه الفحوص. ضغوط أخلاقية في مواجهة تحذيرات تجارية بنوك التجميد حذرت من أن فرض سقف صارم على عدد الأطفال من كل متبرع قد يؤدي إلى نقص كبير في التبرعات، مشيرة إلى أن 3–5% فقط من الرجال الذين يخضعون لمرحلة التقييم يتم قبولهم فعلياً. كما حذرت من أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى ارتفاع التكاليف وإطالة فترات الانتظار. غير أن أوستغرين رفضت هذه المبررات، قائلة: "لا يمكننا تبرير المخاطر الأخلاقية والنفسية بحسابات اقتصادية". الدعوة إلى سجل أوروبي موحّد تشير المبادرة السويدية، التي حظيت بدعم من بلجيكا ودول إسكندنافية أخرى، إلى أهمية إنشاء سجل مركزي للمتبرعين على مستوى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى إلغاء خيار إخفاء هوية المتبرع. ويهدف ذلك إلى تمكين الأطفال من معرفة أصولهم وتجنب أي التباس مستقبلي في العلاقات العائلية. ومع تطور تقنيات الحمض النووي ومنصات التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل على الأطفال المولودين عبر التبرع أن يكتشفوا وجود إخوة غير أشقاء لهم، ما قد يسبب آثاراً نفسية معقدة. ثغرات في قانون 2027 الأوروبي ورغم أن لائحة الاتحاد الأوروبي الجديدة الخاصة بـ"المواد ذات الأصل البشري"، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ عام 2027، تشكل خطوة باتجاه توحيد المعايير، فإنها لا تنص على وضع حد موحد لعدد الأطفال من كل متبرع، ولا تشمل إنشاء سجل موحّد للمتبرعين. وفي ختام حديثها، قالت أوستغرين: "النطاف يُصدّر اليوم إلى جميع أنحاء العالم... هذا ليس مجرد شأن أوروبي، بل مسؤولية دولية تتطلب تنظيمًا عالميًا".