مع اقتراب موسم العطلات الصيفية، يعلو صوت التفاؤل وتكثر خطط الراحة والاستجمام. لكن خلف هذه المشاعر الإيجابية، تكمن مشكلة صامتة قد تنغّص على كثيرين فرحتهم: التوقعات العالية التي قد تتحوّل من دافعٍ للأمل إلى مصدر للضغوط وخيبات الأمل. تقول أخصائية علم النفس السويدية آنا بينيش إن هذه التوقعات، رغم أنها ليست كلها سلبية، إلا أنها قد "تُعقّد الأمور بشكل كبير" إذا لم نتعامل معها بواقعية. التوقعات... سلاح ذو حدين عادةً ما تكون العطلة الصيفية وقتاً ينتظره الناس طوال العام، حيث يتوقون إلى الراحة، أو لممارسة الأنشطة المختلفة، أو لقضاء وقت ممتع مع العائلة. غير أن رسم صورة مثالية لهذه العطلة، ثم مقارنتها بالواقع، يؤدي غالباً إلى الإحباط. وتشرح آنا بينيش قائلة: "التوقعات ليست شيئاً سيئاً في حد ذاتها. أحياناً تكون وسيلة للبقاء، خصوصاً في الأوقات القاتمة من السنة. عندما نمشي في شباط/فبراير مثلاً ونفكر: متى ستأتي الشمس؟ متى ستأتي الدفء؟ هذه التخيلات تمنحنا الطاقة للاستمرار". لكن المشكلة تكمن – حسب قولها – عندما نرفع سقف التوقعات لدرجة أننا نعتقد أن كل مشاكلنا ستزول فور دخول شهر تموز/يوليو، أو أن كل ما هو سلبي في حياتنا سيختفي لأننا ببساطة في "العطلة". الواقع لا يختفي... حتى في العطلة تشير بينيش إلى خطأ شائع يرتكبه الكثيرون، وهو الاعتقاد أن الحياة اليومية تتوقف في الإجازة، قائلة: "نتناسى أن الشجارات بين الإخوة لا تختفي لمجرد دخول العطلة، أو أن شريك حياتك المزعج سيتحوّل فجأة إلى شخص مثالي، أو أن الأطفال سيكونون سعداء طوال الوقت. العكس تماماً، ففي العطلة نقضي وقتاً أطول مع بعضنا البعض، وهذا بحد ذاته قد يخلق احتكاكاً أكبر". كيف تتعامل مع التوقعات؟ تنصح بينيش كل من يشعر بالقلق حيال التوقعات العالية قبل العطلة، بأن يبدأ بالحوار الصريح مع أفراد عائلته أو أصدقائه قبل بدء الإجازة. "اسأل نفسك: كيف أتخيّل هذه العطلة؟ ماذا أريد منها؟ كيف كانت العطلة الماضية؟ نميل إلى نسيان أن الحياة تستمر، حتى في الصيف، وأن المشاكل قد لا تختفي، لكنها قد تصبح أخف إذا نظرنا إليها بواقعية". وتضيف أن الحديث الصريح يساعد في تقليص التوقعات المبالغ فيها وتحويلها إلى أهداف واقعية يمكن تحقيقها. لا لإلغاء التوقعات... بل تعديلها ورغم كل التحذيرات، لا تدعو بينيش إلى التخلّي عن التوقعات كلياً، بل إلى الاعتدال فيها، مشيرة إلى أنها قد تكون بمثابة "صورة ذهنية إيجابية" تساعد الإنسان على الشعور بالسعادة. "لكن إذا توقعت أن العطلة ستكون بلا أي مشاكل، مليئة بالحب والرومانسية، والجو مشمس على مدار الساعة، والأطفال سعداء دائماً، فأنت تسير نحو خيبة أمل أكيدة". الضغط المالي... الوجه الآخر للتوتر تسلّط بينيش الضوء أيضاً على الجانب الاقتصادي للعطلات، خاصةً عند العائلات التي لا تملك القدرة على السفر أو لا تمتلك منازل صيفية مثل غيرها. فقد تؤدي المقارنات مع الآخرين – خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي – إلى شعور بالنقص أو الفشل. "يأتيني كثير من الآباء الذين يشعرون بالضغط لأنهم لا يستطيعون السفر أو استضافة الناس في بيوت صيفية، كما يفعل البعض من حولهم. هذا يخلق شعوراً بالحزن والقلق، وغالباً ما يكون غير ضروري". وتشدّد على أن القيمة الحقيقية للعطلة ليست في حجم ما يُنفق، بل في جودة الوقت المُتاح، خاصةً للأطفال. "الأطفال يسعدون بالسباحة في بحيرة قريبة بقدر سعادتهم بالسباحة في بحيرة كومو الإيطالية. الفكرة واحدة، المهم هو اللحظة نفسها". 7 نصائح ذهبية من آنا بينيش لقضاء عطلة أكثر راحة: تحدث مع عائلتك عن رغباتكم وتصوراتكم قبل بدء الإجازة. راجع تجاربك السابقة لتفادي الأخطاء المتكررة. ضع أهدافاً واقعية بدلاً من صور خيالية مثالية. تقبّل أن المشكلات اليومية قد تستمر حتى في الإجازة. لا تُقارن نفسك بالآخرين على وسائل التواصل. ركّز على جودة الوقت وليس على كمية الإنفاق. احتفل بالصغير قبل الكبير... فالسعادة قد تكون في أبسط التفاصيل.