منذ بدأ جاسوس المطاعم مهامه السريّة في إعطاء تقييم دقيق ونقد مفصّل لأداء المطاعم، باتت تشغله حرب الثقافات بين المطاعم العربية والتركية والأوروبية والآسيوية وغيرها. كثيراً ما فكر في المفارقة التي تجعل المجتمعات العربية تفتخر بطعامها ومطبخها الشرقي وتعتبره جزءاً من هويتها، لكنها في الوقت نفسه كثيراً ما تسيء لهذا المطبخ وسمعته.مع نمو منصّة أكتر للأخبار في السويد، وازدياد معرفتها بما يحتاجه جمهورها عبر ما يشاركونها به من معلومات وطلبات تخص حياتهم، وجدنا أنّ الطعام هو أحد أكثر الأمور التي يهتم بها متابعونا. لذلك، بدأنا العديد من المشاريع المرتبطة بالطعام: مثل شرح العلامات والرموز التي توضع على المنتجات الغذائية في السويد - يمكنكم الضغط هنا للإطلاع عليها - وكذلك العديد من المقالات المتخصصة بالطعام. الآن، ومع بدء الربيع واقتراب فصل الصيف، وافق فريق منصة أكتر - بعد نقاشات معمقة- على البدء بمشروع "جاسوس المطاعم". لقراءة المزيد عن مشروع "جاسوس الأكل" اضغط هنا تحت ثقل هذه الأفكار، قرر جاسوس المطاعم أن "يكف مغيّب" عن المطاعم السورية والعربية ويمنحها استراحة قصيرة منه ومن تقييماته والتوجّه إلى مطعم (Lezzet Mangal) التركي في مول (Kista) في مدينة ستوكهولم. والمطعم يقدم طعامه في رمضان على مدار اليوم للصائمين وغير الصائمين. يقول الجاسوس أن تجربة التنويع وزيارة مطعم تركي، كانت فكرة جيدة، بحيث أعطى الجاسوس المطعم (7.85) نقطة من (10). وفيما يلي بعض التفاصيل حول زيارته:الطعم والجودة (8\10) امتلك المطعم قائمة طعام غنية تجعل الزبون يقف حائراً فيما يطلب، فهناك شاورما الدونر التركية وشاورما الدجاج واللحم المشوي وفطائر اللحم بعجين، إلى جانب تشكيلة واسعة من المقبلات المرافقة. وعلى اعتبار أن الجاسوس في الأسابيع الماضية أتخم من عشرات ساندويشات الشاورما التي دخلت إلى معدته، قرر تجريب اللحم بعجين هذه المرة. لم يخب ظنه وجاءت الفطيرة محمصة وطرية ذات مذاق خاص، كما أن الرز والبرغل مطهوان بصورة جيدة. الخدمة (8\10)يدرك الجاسوس بداية أن افتتاح مطعم في الـ (Food Court) أو البهو الخاص بأي مول تختلف عن المطاعم التي تمتلك بناءً قائماً بذاته، كما أن التقييم قد يختلف في الكثير من التفاصيل. رغم ذلك وفيما يتعلق بالخدمة، شعر الجاسوس عند وصوله بأنه غير مرئي، أو أنه مجرّد رقم بالنسبة للعاملين في المطعم. فكادر (Lezzet Mangal) لم يبتسم أو يظهر له أي نوع من الترحيب. يقول الجاسوس معلقاً:"قد أكون الزبون رقم 300 بالنسبة لهم، لكن كنت أتمنى أن يدللوني كما لو كنت الزبون الأول". لكن المطعم التفّ على قضية برودة الاستقبال بتقديم الطعام بسرعة قياسية للزبائن، حيث وصل الطعام ساخناً بمجرد طلبه وهذا أمر يحسب للمطعم فيما يتعلق بالخدمة. النظافة (7\10) عموماً كانت المساحة المخصصة للمطاعم في مول (Kista). نظيفة جداً، وهذا أمر لا يعود لشطارة كل مطعم وإنما لشركة الخدمات والتنظيف التي تتعهد عادة بتنظيف الطاولات والملاعق والصحون والحفاظ على النظافة العامة للبهو. في حين ارتدى معظم العاملين في المطعم قبعات مخصصة، لكن بعضهم لم يرتدِ قفازات بلاستيكية. الأسعار (7\10)اعتبر الجاسوس أن سعر الوجبة كان مرتفعاً نسبياً، لكنه يعلم أن هذا أمر شائع لدى المطاعم الصغيرة التي تستأجر محلاً في المولات، لأن الأجرة التي يضطر هؤلاء لدفعها للمول تكون مرتفعة جداً. لكن في المقابل حجم الوجبة كان مشبعاً جداً، وطعمها لذيذ جداً، ما جعلها بنظر الجاسوس تستحق الكلفة المرتفعة التي دفعت لأجلها. الجو العام (9\10)مجدداً، كان الجو العام الخاص بمطعم (Lezzet Mangal) جزءاً من الجو العام للبهو الخاص بجميع المطاعم في مول (Kista)، فهنا لا يمكن تقييم الموسيقى أو الديكور أو الحديث عن هوية خاصة لكل مطعم. كما أن آراء الناس تختلف بين من يستمتع بتجربة تناول الطعام في المول، ومن يراه مكاناً مكتظاً مليئاً بالضوضاء. من جهته، لم يشعر الجاسوس بأن هناك ما أزعجه أو شوش عليه الاستمتاع بوجبته الشهية، وفكّر ألا ضيّر بتناول الطعام هنا كل حين وآخر . رأي الجاسوس (9\10)في المحصلة كان الجاسوس سعيداً بالتجربة لأن مذاق اللحم بعجيّن والمقبلات أفقده صوابه، لكن وجد نفسه يفكر بقضايا عامة قد لا تتعلق بهذا المطعم على وجه التحديد. فعلى سبيل المثال استوقفته كلمة حلال التي علّقها مطعم (Lezzet Mangal) في مواضع مختلفة في المطعم وكتبها على قائمة الطعام. فالجاسوس بخبرته الطويلة كطاهٍ سابق يدرك أن ضمان كون اللحم "حلالاً" حقاً وفق شروط الشريعة الإسلامية قد يكون أمراً يصعب تحقيقه أو ضمانه في السويد، ولذلك هو بات مقتنعاً أن هذه الكلمة كثيراً ما تكون مجرد أداة تسويقية لجذب الزبائن المسلمين. من جانب آخر وبينما يمشي الجاسوس مبتعداً عن المول وجد نفسه يفكر بالمطاعم الأفغانية والإيرانية والكردية والتركية الموجودة في مدن سويدية مختلفة، وفكر أن معظم هذه المطاعم تظهر درجة من الانضباط والاحترافية والاحترام للمهنة لا نراه في الكثير من المطاعم العربية التي تتغنى بالطعام العربي لكنها تكون السبّاقة في تشويه سمعته.