في أعقاب مقال رأي في صحيفة DN السويدية، قارَنَ الحاخام موشي دافيد هكوهين بين الخطاب الحالي الذي يستهدف اللاجئين السوريين والخطاب العنصري الذي استهدف اليهود وغيرهم في أوروبا خلال ثلاثينيات القرن الماضي. تناول المقال أوجه التشابه بين الخطابين، مع تحذير واضح من مخاطر العودة إلى نفس النهج الذي أدى إلى كوارث إنسانية في الماضي. وجاء ذلك عقب تصريح لزعيم حزب الديمقراطيين السويديين جيمي أوكيسون في رسالة إلى السوريين في السويد الذين احتفلوا بسقوط نظام بشار الأسد، قائلاً: "عليكم اعتبار هذا فرصة جيدة للعودة إلى أوطانكم". منصة Aktarr أجرت مقابلة حصرية مع الحاخام هكوهين للوقوف على آرائه بشأن القضايا المثارة في مقاله، والتعمق في وجهات نظره حول تحديات الاندماج والتعايش في السويد وأوروبا، ودور القادة الدينيين في بناء جسور التفاهم بين المجتمعات المختلفة. كما تناولنا معه رؤيته حول كيفية بناء مجتمع أكثر شمولية، رغم تنامي الخطابات القومية والانقسامات الاجتماعية. يمكنكم قراءة مقال الحاخام بالضغط هنا س: ما الدروس التي يمكن أن نستخلصها من تاريخ اليهود في أوروبا لتجنب تكرار أخطاء الماضي، خصوصًا في ظل الخطابات الحالية التي تستهدف اللاجئين ومجموعات أخرى؟ ج: رغم اختلاف المجموعات المستهدفة والظروف التاريخية، إلا أن الخطاب الكاره وأهدافه يظلان متشابهين. الهدف دائمًا هو تعزيز القومية من خلال تقديم "الآخر" كعدو أو سبب للمشكلات. في ثلاثينيات القرن الماضي، كان اليهود والغجر والمثليون وغيرهم هم "الآخر". اليوم نرى نفس الخطاب يتكرر ضد اللاجئين، مثل السوريين، حيث يتم تصويرهم كمصدر للمشاكل. هذا النهج يعكس خوفًا عميقًا وغير مبرر من الأقليات، مهما كانت جهودها للاندماج. س: قارنت في مقالك الخطاب الحالي عن اللاجئين السوريين بخطاب الثلاثينيات. كيف ترى تأثير هذه المقارنة على النقاش العام حول سياسات الهجرة والاندماج في السويد وأوروبا؟ ج: إذا أردنا بناء مجتمع شامل، علينا أن نقدّر الاختلافات الثقافية ونعترف بأنها تسهم في تطور المجتمع. ولكن من الضروري أيضًا التحذير من تكرار أخطاء الماضي، حيث يُعاد استخدام نفس الخطابات العنصرية التي تسببت في مآسٍ. هذه المقارنات تذكير ضروري للجميع بأن السماح بانتشار خطاب الكراهية قد يؤدي إلى نفس النتائج الكارثية. س: كيف يمكن للمجتمعات التي تدّعي تعدد الثقافات، مثل السويد، تعزيز التعايش ومكافحة الكراهية والتمييز؟ ج: أعتقد أن السويد ليست مجتمعًا متعدد الثقافات بمعناه الحقيقي. التعددية الثقافية تعني القبول والتقدير، وليس فرض ثقافة واحدة على الجميع. يجب أن تكون هناك مساحة حقيقية لجميع الثقافات والهويات الدينية. ولكن عندما نجد أن حرية التعبير والدين تُستخدم أحيانًا كأداة لإقصاء الآخرين، فإن ذلك يشير إلى عدم وجود بيئة شاملة حقيقية. من جهة أخرى، معاداة السامية والإسلاموفوبيا ليست مشكلات تخص اليهود أو المسلمين فقط، بل هي أعراض لمجتمع يعاني من انقسامات عميقة. علينا العمل معًا للتصدي لهذه الموجات من الكراهية. س: ذكرتم في مقالتكم أن الأجيال الجديدة من اللاجئين السوريين ترى السويد كوطن حقيقي. ما النصيحة التي تقدمها لصانعي السياسات لدعم اندماج هذه الأجيال؟ ج: يتطلب الاندماج الحقيقي مساحة للتعبير عن الثقافة والخبرات الشخصية، بما في ذلك الصدمات التي عاشها اللاجئون. على المجتمع أن يتيح لهم فرصة "تفريغ حقائبهم"، والمقصود هنا هو تقديم الدعم اللازم لإيجاد مكانهم فيه. بالمقابل، على اللاجئين وقادتهم أن يعملوا على الاندماج بفاعلية. إنها فرصة للاجئين لاتخاذ قرارهم: هل سيعودون إلى وطنهم أم سيختارون السويد كوطن جديد؟ بناء هذا الاختيار يتطلب التزامًا بالمسؤوليات والاستفادة من الفرص. س: ما الدور الذي يمكن أن يلعبه القادة الدينيون في مواجهة خطاب الكراهية وبناء التفاهم بين المجتمعات المختلفة؟ ج: للقادة الدينيين دور محوري في بناء التفاهم وتعزيز التعايش. مثال على ذلك هو موقف الجالية اليهودية من حرق المصحف، حيث أدانت هذا الفعل ووصفته بجريمة كراهية. هذا التضامن أرسل رسالة قوية ليس فقط للمسلمين، بل للمجتمع ككل، وساهم في تغيير الرأي العام والخطاب القانوني. الإسلام واليهودية يحملان قيمًا أساسية تدعو إلى قبول الآخر والعناية به. لدينا أمثلة تاريخية مشرقة على التعايش بين المسلمين واليهود، خصوصًا في الدول العربية. إذا عملنا معًا لمواجهة التمييز، سنبعث برسالة أمل قوية قادرة على مواجهة التطرف من جميع الأطراف. الخاتمة الحاخام هكوهين يدعو إلى استلهام دروس التاريخ لبناء مستقبل أكثر شمولية وعدالة. رسالته واضحة: التعاون بين المجتمعات المختلفة هو المفتاح لمواجهة التحديات الحالية وبناء مجتمعات تعتز بتنوعها.