حذرت منظمة العمال السويدية «LO» من تدهور الأوضاع المالية للعائلات العاملة في البلاد، مؤكدة أن هوامش الأمان المعيشية لهذه الأسر أصبحت بالغة الهشاشة، وأن أي تعثر بسيط قد يؤدي إلى أزمة مالية خانقة. ودعت المنظمة الحكومة إلى التحرك العاجل، لا سيما في ظل استمرار التضخم وتآكل القدرة الشرائية. وأشار بيتر غيرلاش، الخبير الاقتصادي لدى «LO»، إلى أنه رغم التوقعات بتحسن طفيف في هوامش دخل الأسر العاملة عام 2025، إلا أن هذا التحسن يظل خادعاً. وقال في تصريح لصحيفة «آفتونبلادت»: «نقيس الأمور بالأرقام الاسمية، لكن الكرونة اليوم لا تشتري ما كانت تشتريه قبل بضع سنوات». انخفاض في القوة الشرائية بعد الجائحة وأظهرت دراسة أعدّها غيرلاش بالشراكة مع الباحثة آنا ألمكفيست أن الوضع المالي للعائلات العاملة اليوم أسوأ مما كان عليه قبل جائحة كورونا، خصوصاً عند فقدان العمل. وبيّنت الدراسة أن الفترة ما بين 2022 و2024 شهدت ارتفاعاً كبيراً في تكاليف المعيشة، لا سيما الغذاء والسكن، فيما لم تتواكب الأجور مع هذا الارتفاع، ما دفع كثيراً من الأسر لسحب من مدخراتها أو تقليص نفقاتها الأساسية. ويشير غيرلاش إلى أن «الأسر كانت تُبقي على فائض شهري بحدود 5 إلى 6 آلاف كرونة. الآن، انخفض هذا الفائض إلى 2 أو 3 آلاف، لكنه فعلياً يساوي أقل من ذلك بكثير بسبب التضخم». نماذج واقعية توضح الأزمة تضمن التقرير تحليلاً مفصلاً لعدد من النماذج الأسرية في مختلف المدن السويدية: أسرة في بلدية ألفيستا مكونة من أب يعمل بدوام كامل في الصناعة وأم تعمل 80% في قطاع رعاية الأطفال، شهدت تراجعاً حاداً في فائض الدخل الشهري. في حالة بطالة الأب، تحولت الأرقام من فائض قدره 848 كرونة عام 2021 إلى عجز قدره 3,835 كرونة متوقعة عام 2025. أم عزباء في ضاحية هانينغه تعيل طفلاً، تعمل بدوام كامل في تجارة التجزئة، تراجع فائضها الشهري من 5,681 كرونة في 2021 إلى 2,120 كرونة في 2024، وفي حال فقدان الوظيفة يصل العجز إلى 3,068 كرونة. شاب أعزب في نورشوبينغ يعمل بنسبة 80% في قطاع المطاعم، يواجه هوامش مالية ضيقة للغاية، حيث يُتوقع أن يبلغ فائضه الشهري 1,615 كرونة فقط في 2024. أسرتان في بوتشيركا وأليه، لديهما طفلان ويعمل الوالدان في وظائف صناعية ورعاية الأطفال، شهدتا انخفاضاً حاداً في هوامش الدخل، حيث انخفض الفائض من 5,968 كرونة في 2019 إلى عجز قدره 778 كرونة عام 2024 في بوتشيركا، و2,284 كرونة في أليه. دعوة لرفع إعانة الطفل وتعديل دعم السكن طالبت «LO» الحكومة السويدية برفع إعانة الطفل، التي لم يتم تعديلها منذ 2018، مشيرة إلى أن التضخم قلّص من قيمتها الحقيقية. وذكر غيرلاش أن العائلات التي لديها طفلان فقدت ما يعادل 600 كرونة شهرياً من قدرتها الشرائية مقارنة بما كانت عليه قبل ست سنوات. كما دعت المنظمة إلى تعديل نظام دعم السكن بما يتماشى مع تكاليف السكن الحالية، محذّرة من أن إلغاء الدعم الإضافي المؤقت سيؤثر بشدة على الأسر ذات الدخل المحدود، خصوصاً الأمهات العازبات. اقرأ أيضاً: 1250 كرونة لم تعد تكفي... هذا ما يكشفه تقرير جديد رفض حكومي لتعديلات الدعم ورغم هذه الدعوات، أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية آنا تيني (عن حزب المحافظين) أنه لا توجد خطط حالياً لتغيير نظام دعم السكن. وقالت إن «الدعم المشروط قد يؤدي إلى ضعف الحافز للعمل، مما يؤثر على معدلات المشاركة في سوق العمل». خلاصة التقرير خلصت منظمة «LO» إلى أن معظم العائلات العاملة في السويد تواجه ضغوطاً مالية شديدة، وأن أي حالة بطالة أو مرض طويل الأمد قد تؤدي إلى أزمة معيشية. ووصفت الوضع بالحرج، مطالبة الحكومة بإجراءات فورية لحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر في المجتمع السويدي.