يبدو أحمد المصطفى (18 عاماً) شاباً ضاحكاً، يجد بعض الصعوبة في البقاء جالساً بهدوء. مرّد الأمر ربما لرغبته الدائمة بالحركة وشغفه بالرياضات الجسدية، خاصة بعد أن حقق انتصارات كبيرة نسبةً لعمره الصغير بعد أن نال الميدالية الذهبية في الملاكمة لمن هم دون وزن (74) في السويد لعام 2021. بعد هذا الانتصار عُرض عليه الانتساب إلى المنتخب السويدي الوطني في الملاكمة كي يُمثّل السويد في المُباريات الدولية وينافس آخرين يكبرونه في العمر، ولذلك فهو يحضّر اليوم لبطولة جديدة ستجري بعد بضعة أشهر. Foto Aktarr أحمد ابن محافظة إدلب، ترك سوريا منذ ست سنوات وكان ما يزال طفلاً صغيراً، لكنه حمل من هناك بذور الاهتمام برياضة الملاكمة، خاصة وأن عمه ووالده كانا يمارسانها بكثرة. واليوم ورغم صغر سنه هو يعيش حياةً حافلة في مدينة تريليبوري حيث يعمل في مطعم ويكمل دراسة هندسة الكهرباء في المدرسة الثانوية (اليومناسيت)، هذا إلى جانب الوقت الطويل الذي يخصصه لممارسة رياضته المفضلة. فهو بدأ قبل ثلاث سنوات ونصف في التدرب على رياضة (kickboxing) في نادي تابع لكمون البلدية التي يعيش فيها، بعد أن مارس سابقاً رياضات أخرى ككرة القدم والكاراتيه. وبمجرد فوزه في أول مباراة خاضها أدمن أحمد الملاكمة، أو كما يقول: "صرت أريد أن أتدرب أكثر وأفوز دائماً". واليوم يبدو أن ساعات الأسبوع لا تكفيه، وهو المليء بالطاقة، لممارسة أنشطة رياضية مختلفة، فهو يتدرب ما يقارب خمس مرات على رياضة الملاكمة ويمارس رياضة الجري مرتين أسبوعياً ويترك الوقت الباقي لتمارين الحديد التي يواظب عليها كي يقوّي جسده ويخفف من ألم الإصابات. إلى جانب ذلك يهتم الرياضي الشاب بتناول الأكل الصحي معظم أيام الأسبوع ويسمح لنفسه بتجاوزات قليلة تتيح له تحمّل الحمية التي يتبعها. يقول أحمد بأنه لا يفكر باعتماد الـ (kickboxing) مصدراً للدخل رغم أن البعض يحقق مكاسب مادية من الإعلانات لشركات معينة أو من الجوائز المادية التي تقدم للرابحين في المباريات. "لا يهمني أن اكسب دخلي من هذه الرياضة فأنا أريد ممارستها لأنني أحبها وأطمح مستقبلاً أن أكون مهندس طيران" يقول معلقاً. رغم أن أحمد لا يعرف واقع رياضة (kickboxing) في سوريا لكنه متأكد من أنه السويد تدعم من يحب ممارستها، فهنا كما يقول: "يجلسون معك ويهتمون بك إن أحرزت تقدماً ويفكرون بطريقة لمساعدتك"، فعلى سبيل المثال بات أحمد يمتلك اليوم مفتاح النادي الذي كان يتدرب به ويستطيع متى أراد فتح باب النادي وإكمال تدريباته. Foto Aktarrوعند سؤاله كيف يتحمل ألم الإصابات التي تترتب عن ممارسته رياضة عنيفة مثل (kickboxing)، يقترب أحمد ضاحكاً كي يرينا آثار الكدمة الزرقاء التي تحيط بعينه، ويقول لنا بأن هذه هي الحال دائماً: "أنا دائماً مصاب والإصابات في هذه الرياضة لا تُعد، فأنا إما أعاني من كسر أو تورّم طوال الوقت، لكن التدريب الدائم يخفف مع الوقت من ألم الإصابات". وبخلاف الاعتقاد السائد الذي يرى فيمن يمارس هذا النوع من الرياضة شخصاً يميل للعنف، يقول أحمد أن (kickboxing) علمته أن يتحكم بنفسه أكثر وبردود فعله وساعدته على تحسين التركيز، فهذه الرياضة من وجهة نظره تعلّم المرء القانون والاحترام والتحكّم بالغضب. "فأنا قبل أن أبدأ الملاكمة كنت سريع الغضب ومستعداً لافتعال المشاكل، لكن الآن الأمر مختلف الآن" يقول ضاحكاً. في نهاية حديثه مع "أكتر" يوجّه أحمد رسالة للشباب الذين في مثل سنه، ناصحاً إياهم بالتوجه للرياضة بدلاً من الاكتفاء بالجلوس في المنزل أو البحث عن التسلية، أو حتى التوجه لأمور خطيرة مثل المخدرات وتجارتها، ينهي حديثه معنا بالإشارة إلى مباريات يتوق لخوضها وانتصارات ينتظر تحقيقها.