رغم التوسع الكبير في وصف أدوية السمنة في السويد، لا يزال عدد عمليات جراحة السمنة على حاله، وهو ما تعزوه بعض الجهات الطبية إلى ارتفاع تكلفة الأدوية مقارنةً بالعمليات التي تغطيها الرعاية الصحية العامة. وقالت الطبيبة الاستشارية يلڤا تروله لاغيروس، من مركز علاج السمنة وأستاذة في معهد كارولينسكا، إن "معظم الشباب لا يملكون المال الكافي، بينما تتكفّل الدولة بتكاليف الجراحة". وأضافت أن وصف أدوية السمنة شهد ازدياداً بنسبة 110% العام الماضي، ومن المتوقع أن تستمر الزيادة بنفس الوتيرة خلال هذا العام أيضاً. وتشمل الأدوية المستخدمة "Wegovy"، و"Ozempic"، و"Mounjaro"، وهي أدوية تخفف الشهية أو تعزز الشعور بالشبع أو تؤثر على عملية التمثيل الغذائي. وبحسب لاغيروس، فإن الاهتمام الكبير بهذه الأدوية في وسائل الإعلام ساهم في جذب أعداد كبيرة من المرضى الجدد. وأوضحت: "نرى الآن مجموعة جديدة من المرضى، ممن يطلبون وصف أدوية لعلاج السمنة". لكن الحصول على دعم مالي لهذه الأدوية يشترط أن يكون لدى المريض مرض السكري، وإلا فعلى الشخص أن يتحمّل تكلفة العلاج بنفسه، والتي قد تصل إلى 1500 كرونة شهرياً. وقالت لاغيروس: "الكثير من الشباب يبحثون عن المساعدة، لكنهم لا يستطيعون دفع هذا المبلغ". في العيادة التي تعمل بها لاغيروس، يُعالج المرضى الذين لديهم مؤشر كتلة جسم (BMI) لا يقل عن 45، وهو ما يعادل 124 كيلوغراماً لشخص طوله 166 سنتيمتراً. وترتبط هذه النسبة بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية، والنوع الثاني من السكري. وأضافت: "أثقل مريض عالجناه كان لديه مؤشر كتلة جسم يتجاوز 70. نرى الآن مرضى كنا نراهم سابقاً فقط في مطارات الولايات المتحدة. في السويد، هناك وصمة اجتماعية قوية، لدرجة أن بعض الأشخاص يخرجون لجلب البريد في منتصف الليل حتى لا يُروا". العمليات الجراحية مستمرة بنفس الوتيرة يعيش أكثر من 1.3 مليون شخص في السويد مع السمنة. وعلى الرغم من انتشار الأدوية الجديدة، ما زال عدد العمليات الجراحية لعلاج السمنة مستقراً عند حوالي 5000 عملية سنوياً. وترى لاغيروس أن كلا العلاجين – الأدوية والجراحة – ضروريان، وغالباً ما يُستخدمان معاً. وقالت: "أعتقد أن البدء بالأدوية ثم الانتقال إلى الجراحة، أو العكس، سيصبح أكثر شيوعاً". في بعض الحالات، لا يمكن إجراء العملية للمرضى الذين لديهم مؤشر كتلة جسم يزيد عن 35، وهنا تُنصح الأدوية كخيار أولي. لكن الأدوية ليست حلاً مضموناً. فرغم أنها تقلل الشعور بالجوع، إلا أن السمنة لا تنجم دائماً عن الجوع. وأوضحت لاغيروس: "إذا كان الشخص يتعامل مع القلق أو التوتر من خلال تناول الطعام، فلن يهم إن كان جائعاً أو شبعان، لأن الدواء حينها لا يعطي نفس النتيجة". وبالنسبة لبعض المرضى، تقود الأدوية في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار بإجراء عملية جراحية. وأضافت: "يشعرون بأنهم بذلوا جهوداً كبيرة، وجربوا أفضل ما لدينا من أدوية، ولم يصلوا إلى النتيجة المرجوة، فتكون العملية هي الخطوة التالية". لكن حتى الجراحة لا تمثّل حلاً نهائياً. وقالت لاغيروس: "نتلقى إحالات أسبوعية من مرضى خضعوا للجراحة قبل عشر سنوات وازدادت أوزانهم مجدداً. فالمشكلة ليست في حجم المعدة فقط، بل في الهرمونات أيضاً. السمنة مرض مزمن يتطلب متابعة مدى الحياة". وتتراوح تكلفة العملية بين 90 ألفاً و130 ألف كرونة، وهي مشمولة ضمن الرعاية الصحية، على عكس الأدوية التي يدفعها المريض من جيبه الخاص.