الملك في يوتوبوري "لمكافحة العنف".. المشاريع وواقع الضواحي المهمشة
أخبار-السويدAa
Foto: Adam Ihse/TT - الملك في يوتوبوري
في إطار مبادرة ملكية لمواجهة تحديات الجريمة، قام الملك كارل السادس عشر غوستاف بزيارة استثنائية إلى مدينة يوتوبوري يوم الاثنين 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث استقبله حاكم فاسترا جوتالاند Västra Götaland، ستين تولغفورس Sten Tolgfors. وكانت الزيارة فرصةً للملك للحصول على نظرة شاملة حول الجهود المبذولة في مجال مكافحة الجريمة، وشملت جولته زيارة مركز الشرطة في هيالبو Hjällbo.
وخلال الزيارة، أشار الملك إلى أن يوتوبوري مرت بفترات عصيبة مرتبطة بالجريمة في الماضي، لكنه أثنى على الجهود التي بذلت في بعض المناطق لتحويل هذه التحديات إلى إيجابيات. كما زار الملك مدرسة سوميلا Sjumila في نورا بيسكوبسغاردن Norra Biskopsgården، حيث تحدّث مباشرةً مع طلاب الصف 1C حول قضايا الجريمة. وشدد على ضرورة التعاون بين جميع السلطات لتغيير الاتجاهات السلبية المرتبطة بالجريمة.
وفي تعليقه على الزيارة، قال تولغفورس إن النقاشات التي دارت خلال اليوم ركزت على إعطاء الملك نظرةً عامةً على التطورات في يوتوبوري، وعلى الأساليب المستندة إلى الأدلة التي ستبدأ في الاستخدام قريباً للعمل على منع الجريمة.
تأتي زيارة الملك في وقت حرج تشهد فيه السويد ارتفاعاً في معدلات الجريمة، ما يجعل موضوع منع الجريمة ومكافحتها في صدارة الأولويات الوطنية.
واقع يوتوبوري المظلم: بطالة وتشرد وجريمة
تواجه يوتوبوري ارتفاعاً ملحوظاً في الجرائم المتعلقة بالأسلحة، حيث سجلت زيادةً بنسبة 47% في الإخطارات بموجب قانون الأسلحة بين عامي 2013 و2021. كما تصنف المدينة حالياً في المرتبة الثانية على مستوى السويد من حيث جرائم قانون الأسلحة، ما يعكس تحدياً أمنياً متنامياً يتطلب اهتماماً وتدخلات فورية.
كما أنه وبحسب آخر إحصاء قام به "مجلس الرعاية الاجتماعية Socialstyrelsen" عام 2017، تبين أن حوالي 33,000 شخص في المدن السويدية، مثل ستوكهولم ويوتوبوري، بلا مأوى، منهم 62% من الرجال و 38% من النساء. وقد بلغت نسبة المولودين خارج السويد 43% من هؤلاء المشردين. يعاني 18% منهم من التشرد الحاد، حيث بلغت نسبة النساء 41% والرجال 59%. وكانت ثلث النساء المشردات في هذه الفئة قد تعرضن للعنف من قبل شركاء حياتهم.
تعد يوتوبوري، بعدد سكانها البالغ 607,882 نسمة، مرآةً للتحديات التي تواجهها المدن الكبرى في المنطقة الاسكندنافية، حيث يتداخل الفقر والجريمة ليشكلا نسيجاً اجتماعياً يحتاج إلى حلول مبتكرة ومستدامة لضمان الأمان والرفاهية لجميع السكان.
على خطى ألمانيا.. شرطة يوتوبوري تدشن مشروع جديد
تبنت شرطة يوتوبوري مبادرة "المنحنى الصحيح"Rätt kurva، وهي استراتيجية تهدف إلى التصدي للجريمة من خلال التركيز على الأطفال بين سن 8 و 15 عاماً المعرضين لخطر الانجراف نحو شبكات الجريمة.
واستلهمت الشرطة في يوتوبوري هذه المبادرة من نموذج ألماني ناجح "Kurve Kriegen"، حيث تعمل الشرطة بالتعاون مع الخدمات الاجتماعية لتحديد الأطفال المعرضين للخطر وتقديم الدعم اللازم لهم ولأسرهم.
وفي تفاصيل المبادرة، يُطلب من الوالدين توقيع عقد يضمن تلقي الأسرة بأكملها للدعم والتوجيه، بما في ذلك البرامج التدريبية المخصصة والتدخلات العلاجية عند الحاجة. كما يُمنح الطفل رعايةً خاصةً لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات، حيث تُراقب تطوراته عن كثب من قبل الشرطة والخدمات الاجتماعية.
وبالفعل حقق النموذج نتائجاً ملحوظةً في ألمانيا، حيث أظهرت الإحصاءات انخفاضاً بنسبة تقارب الـ 40% في معدلات ارتكاب الجرائم بين المشاركين بعد إتمام البرنامج.
أصوات صغيرة توجه رسائل كبيرة في مواجهة العنف
تولى طلاب الصف الخامس في مدرسة إريكسبوسكولان Eriksboskolan بمنطقة هيالبو Hjällbo، دور الناشطين الاجتماعيين، حيث عبروا عن آرائهم واقتراحاتهم لمواجهة موجة العنف التي تشهدها منطقتهم. وقام الطلاب بكتابة رسائل تحوي أسئلة ومقترحاتهم، تم إرسالها إلى جميع السياسيين في البرلمان السويدي Riksdag، معبرين عن أملهم في إحداث تغيير فعّال.
في ذات السياق، عبر عبد الله نصر الدين، أحد الطلاب المشاركين، عن اعتزازه بإسماع صوته وصوت زملائه للسياسيين. حيث يشارك عبد الله، البالغ من العمر 11 عاماً، في رسالته تجربةً شخصيةً مؤلمة تتعلق بمقتل ابن عم صديقه المقرب، مسلطاً الضوء على الحزن العميق الذي يحمله معه.
وتركز الاقتراحات التي قدمها الطلاب على الحاجة للمزيد من الشرطة المدنية وتوفير موارد إضافية للأنشطة الاجتماعية المخصصة للأطفال والشباب. بدورها، تحكي أوليفيا برزيبيل Olivia Przybyl، وهي أيضاً من طلاب الصف الخامس وتبلغ من العمر 11 عاماً، عن مشروع اجتماعي كان محبوباً بين الأطفال لكنه أُغلق، مؤكدةً على أهمية مثل هذه المبادرات في حياة الأطفال.
تعكس هذه الخطوة الفريدة روح الالتزام والمسؤولية التي يحملها الأطفال تجاه مجتمعهم، هذه الأصوات الصغيرة والتي تحمل في مضمونها رسائل كبيرة. كما تسلط الضوء على الأثر العميق الذي يتركه العنف في حياة الأطفال، وتبرز أهمية إشراكهم في صياغة الحلول للمشاكل التي تؤثر على مستقبلهم ومستقبل مجتمعاتهم.