بعد ٤٠ عام في السويد: كنّا مدللين ولكن وضعكم اليوم أفضلخاص "أكتر"... التقى فريق "أكتر" بالسيّد أحمد حمادة، مدرّب السواقة السويدي من أصل فلسطيني، الشهير بين الكثيرين من المهاجرين. بعد ٤٠ عام قضاها أحمد في السويد، تحدّث معنا عن تجربته في السويد: كيف كانت السويد بالنسبة للمهاجر؟ هل كان السويديون عنصرييين ومتحفظين تجاه المهاجرين؟ ماذا عن تضارب العادات والتقاليد؟Hagsätra 60th voxeruopالفرق بين السويد من ٤٠ عام واليومعندما يقول القادمون الجدد إلى السويد من العرب بأنّهم يشعرون بالوحدة، ينتابني العجب. أقوله لهم: لديكم اليوم جالية كاملة من العرب، ولديكم مطاعمكم وطعامكم الشهي، ومع كلّ هذا التطور التكنولوجي يمكنكم أن تشعروا وكأنّكم في أوطانكم. قبل ٤٠ عام لم يكن لدينا شيء ممّا لديكم اليوم. كنّا نحتفظ بعلبة الفول لأوقات الاحتفالات. كانت حياتنا في تلك الأيام جامدة مقتصرة على العمل.السويديون لم يتغيروا وهم كما هم، متحفظين تجاهنا لأبعد الحدود. لا يقع الذنب في ذلك على السويدي، ولا يقع علينا أيضاً، فنحن بسبب منبتنا المختلف لدينا طبائع مختلفة. كمثال، نحن نريد للأشياء أن تحصل بسرعة (محروقين لتحصل) ما يجعلنا غير منضبطين بالنسبة للسويديين. من الأمثلة على ذلك أنّ صوتنا قوي، فعندما ندخل إلى متجر يظننا السويدي ونحن نتحدث كأننا نقاتل، فيشعر بالخوف.Neal Jennings flickrكنّا مدللينعندما وصلنا إلى السويد قبل ٤٠ عام كنّا قلّة، ودفع هذا السويديين ليشعروا بالفضول تجاهنا. كان يريد أن يبقينا معه ليتعرّف إلينا، فكنّا بمثابة الولد المدلل للسويديين. فكان يأخذننا إلى الحدائق وإلى الرحلات، ويسأل عننا بشكل دائم. كان لديّ لوحدي في تلك الأيام مسؤول من الخدمات الاجتماعية، كنت أهرب منه فيلحقني. اليوم بتنا ندقّ عليهم شباك تلو الآخر ولا نجدهم.السويدي المربكأصيب السويديون بالإرباك تجاهنا ولكن ليس هذا بسببنا، ولكن بسبب أننا جميعنا بالنسبة إليهم أجانب. لا أتحدث هنا عن العرب، بل عن جميع الأجانب: البولندي والروماني وغيرهم. إن أرتكب أحد هؤلاء الأجانب خطأ، فبالنسبة لنا هم متمايزون ومختلفون عنّا، ولكن بالنسبة للسويدي فجميعنا أجانب.السويديون قادرين على التفريق بين معظم اللاجئين بمثل قدرتنا على تفريق الصيني عن الكوري عن الياباني: تفريق شبه معدوم. لكنّهم في الوقت ذاته قادرين على التمييز في مجالات محددة. كمثال، عملت كمترجم للشرطة، وكنّا بانتظار شخص يزور شهادات سواقة. أثناء الحديث مع الشرطة قال لي: ليس العرب هم من يشتهر بتزوير شهادات السواقة، وذكر لي عرقاً مختلفاً.بالنسبة للسويديين، العرب مشهورون – إلى جانب الأتراك – بجرائم الشرف.Said Morsy Elassalعاداتنا وتقاليدنا غير مفهومة لهميمكن إجمال مشاكلنا مع السويديين عموماً بالمشاكل المرتبطة بالعادات والتدين والقيم التي نعتبرها ثوابت لا يمكننا تخطيها. يزعجهم أننا لسنا نشبهم وهم غير قادرين على فهم طقوسنا وتقاليدنا وشكل تديننا.فلنأخذ ما حدث مع بالودان كمثال. ما حدث هو قيام شخص باستفزاز جالية بأكملها لا يستهان بوجودها، وهو الأمر الذي باتت السلطات والشرطة السويدية تشعر بخطأ السماح به كمعيق في وجه الاندماج. لو قام سويدي بحرق القرآن في منزله ٢٠ مرة لما كنّا سمعنا به ولا كنا لنحرّك ساكناً، ولكن ما قام به هو عمليات استفزاز مباشرة موجهة نحو جالية بعينها.لكنّني أفرّق بين ردّات الفعل الأولى: الفطرية والطبيعية، وبين أعمال العنف التالية التي حدثت، والتي أرى بأنّها كانت عشوائية ومدسوسة إلى حدّ ما.أرى بأنّ ردّ الفعل الأمثل بالنسبة لنا هو الاتفاق على رابطة كبيرة تجمع جميع المسلمين في السويد، وأن يتمّ تقديم عريضة باسمهم لشرح الأمر لهم وتحميلهم المسؤولية عن الشرخ في عدم الاندماج بين المسلمين وبقيّة السويديين.لا نعلم المدى الذي ستتحقق فيه آمال أحمد حمادة بوجود رابطة تنسّق ضدّ أعمال المتطرفين أمثال بالودان، ولا نعلم إن كان من الممكن أن ننظر كمهاجرين بأنّ حالنا أفضل من حال المهاجرين قبل ٤٠ عاماً، فرغم أنّنا لم نعد نرى في الفول حالة احتفالية، إلّا أنّ العنصرية المتزايدة قد تكون أمراً يجب أخذه بالاعتبار عند المقارنة.اقرأ أيضاً في "أكتر"هل يمكنك أخذ قرض أو دين والسفر خارج السويد للتهرب منه بعد سنوات؟ وهل هناك منع سفر؟رغم جنسيته السويدية يريدون إعادة زوجته إلى دمشق!