رغم مرور أشهر على الحريق الكارثي، لا تزال الناجية السويدية إنجيلا بورغستروم Ingela Borgström، البالغة من العمر 57 عاماً، تتذكر بتفصيل تلك الليلة المشؤومة التي التي سلبت منها زوجها وتركت فيها خسارة عميقة وإصابات شديدة.تعود أحداث القصة إلى ليلة شتاء قاسية في فبراير/شباط 2023، حيث عاشت إنجيلا وزوجها أحلك لحظات حياتهما عندما اندلعت النيران في منزلهما الكائن في بلدية فياناس في مدينة أوميو السويدية، حيث انتشرت النيران بسرعة في جميع أرجاء المنزل. وبفعل الدخان الكثيف، فقدت إنجيلا وعيها وسقطت خلف الأريكة وهي تحاول النجاة بحياتها.وعند وصول فرق الإنقاذ إلى الموقع، وجدوا زوجها الذي وافته المنية فيما بعد. ثم قاموا بتهوية الشقة ومغادرتها دون أن يلاحظوا وجود إنجيلا التي بقيت ملقاة خلف الأريكة لمدة ساعة ونصف تقريباً بعد الإبلاغ عن الحريق.Foto: VKبعد ذلك، تلقت فرق الإنقاذ معلومات تشير إلى وجود شخص متبقي في الشقة، مما دفعهم للعودة مرة أخرى ولاحظوا وجود قدمين تظهران خلف الأريكة. وعلى الفور تم إنقاذ إنجيلا ونُقلت إلى مستشفى أكاديميسكا في أوبسالا حيث أجريت لها عمليات جراحية نتيجة إصابتها بحروق خطيرة في نصف جسدها، كما اضطر الأطباء لبتر أصابع يدها اليسرى.وبعد مرور شهر، استعادت إنجيلا وعيها للمرة الأولى منذ الحريق. وفي تلك اللحظة الصعبة، تلقت أيضاً خبر وفاة شريكها، وذلك كان بالنسبة لها كضربتان موجعتان على الرأس. فإنها تعتبر تلك اللحظة قاسية للغاية لدرجة أنها لا تستطيع التحدث عنها حتى يومنا هذا.وفي الوقت نفسه، أعربت إنجيلا عن صدمتها وعدم فهمها للسبب الذي أدى إلى عدم رؤيتها في ذلك الوقت الحرج. وتقول: "كيف أمكنهم عدم رؤيتي في ذلك المكان؟ لا ينبغي أن يحدث هذا. لو لم تعود فرق الإطفاء مرة أخرى، كنت سأموت هناك. حتى إن الشاب الذي نقلني بالإسعاف لم يتوقع أبداً أنني سأبقى على قيد الحياة".الكشف عن سبب الحريقكشف تقرير للصحيفة المحلية VK أن سبب الحريق كان نتيجة سيجارة مشتعلة أشعلت قطعة من الملابس وانتقلت إلى الكرسي في غرفة المعيشة. كما أوضح تقرير الصحيفة أن الشقة لم تكن مجهزة بجهاز إنذار الحريق، مما تسبب في تفاقم الوضع وعدم قدرة فرق الإنقاذ على استشعار وجود إنجيلا في الوقت المناسب.كان من غير الممكن رؤية إنجيلاوفقاً لروجر ويستربيري، رئيس إدارة الإنقاذ في بلدية فياناس، كان هناك ظروف غير متوقعة جعلت إمكانية رؤية إنجيلا مستحيلة، حيث يشير إلى إن رجال الإطفاء لديهم فقط دقائق للتحرك إلى موقع البلاغ، وأن الوقت القصير للتوجه قد يؤدي إلى توتر في الموقع.وتابع قائلاً: "يستغرق الوقت نحو دقيقة للوصول من محطة الإطفاء إلى الموقع. وخلال هذه اللحظات القليلة، يجب على الفريق تجهيز وارتداء معدات الإنقاذ قبل أن يبدؤوا في مكافحة النيران. يحدث ذلك بسرعة كبيرة. لا يكون لديهم وقت للتحدث والتنسيق بين بعضكم البعض كما يجب عليهم الاستعداد للمهام القادمة بسرعة".ومع ذلك، أكد ويستربيري أنهم اتخذوا بعض التدابير لضمان عدم تكرار مثل تلك الحوادث، إذ قاموا بتنظيم تدريبات وتمارين إضافية لفرق الإطفاء والإنقاذ. كما قاموا بمراجعة الإجراءات وتحديد أدوار محددة للموظفين في حالات الطوارئ المختلفة، مما يساعد على تجهيزهم عقلياً للتعامل مع المواقف المتوقعة.بين الأمل والحزن.. رحلة إنجيلا في التأقلم مع حياتها الجديدة. Foto: SVTاليوم، تعيش إنجيلا في شقة جديدة بعد أن فقدت كل ممتلكاتها وملابسها في الحريق. وعلى الرغم من استخدامها للمشاية المتحركة داخل الشقة، إلا أنها بحاجة إلى كرسي متحرك للخروج من المنزل بسبب إصابتها التي تمنعها من المشي لمسافات طويلة. ومع ذلك، تعاني إنجيلا من الشعور بالحبس داخل الشقة الجديدة، حيث لا يوجد بها مصعد، وتعتمد على خدمات المساعدة المنزلية ومساعدة الأصدقاء لتلبية احتياجاتها اليومية.تصف إنجيلا شعورها قائلة: "لطالما تمكنت من الاعتماد على نفسي. في الماضي، كنت أمضي وقتي في الخارج طوال الوقت، الآن لا يمكنني مغادرة الشقة سوى مرتين في الأسبوع. أشعر وكأنني بسجن. لقد انتقلت من كوني إنسانة حرة إلى شخص يعتمد على مساعدة الآخرين. إنها حياة غريبة. في بعض الأحيان، أستيقظ في الليالي مبللة بالعرق وأحلم بأن ساقي تحترقان. هذا هو أسوأ ما مررت به".وفي حديثها مع التلفزيون السويدي SVT، تضيف إنجيلا قائلة: "في الحقيقة، كان من المفترض أن أكون ميتة. أذكر محاولتي الهروب، ولكن النيران اشتعلت بسرعة وانتهيت وسط اللهيب خلف الأريكة. بعدها، لا أتذكر شيئاً. أحياناً أسأل نفسي لماذا نجوت؟ لماذا لم أمت مع زوجي في ذلك اليوم؟ لكنني قطة بسبعة أرواح. من المهم أن ننظر إلى الأشياء بإيجابية، حتى لو أراد الأطباء الآن بتر بعض أصابع القدم اليمنى"."يا له من أمر فظيع"وفي السياق نفسه، انتقدت إنجيلا خدمة الإطفاء كونها لم تتصل بها أبداً بعد الحريق، واصفة الأمر "بالفظيع للغاية".وعند سؤال روجر ويستربيري في حول وجود خطط لمقابلة إنجيلا، رد قائلاً أنه لا يوجد خطط لذلك وأنهم لا يقومون عادةً بمثل هذه المقابلات، ولكنه يشعر أنهم بحاجة إلى مراجعة هذه الإجراءات.[READ_MORE]