بقلم: ستيفان غوستافسون، عالم لاهوت سويدي وعضو اللجنة التوجيهية لمنتدى القيادة الأوروبيةوقع حادث جديد في السويد تم فيه حرق نسخة من المصحف الشريف بشكل علني. وبالتحديد، قام الرجل بتنظيف حذائه باستخدام صفحات من المصحف الشريف، ثم وضع قطع لحم الخنزير بداخلها، وأضرم النار في بعض صفحاته. وقد وقعت هذه الحادثة أمام أحد المساجد في منطقة سودرمالم في ستوكهولم. وتم اختيار هذا التوقيت بشكل متعمد، حيث تزامنت المظاهرة مع احتفال المسلمين بعيد الأضحى. يُذكر أن الشخص الذي نفذ المظاهرة تمكن من الحصول على إذن من الشرطة، ما أعاد إثارة النقاش حول حرية التعبير، وفيما إذا كان يجب أن يسمح بحرق المصحف الشريف في السويد، حيث سيكون هناك صعوبات في تحديد الخط الفاصل إذا تم حظر حرق المصحف الشريف بالقانون. فحرية التعبير أساسية للمجتمع المفتوح والديمقراطي، ويجب أن تكون بأوسع مدى ممكن، بغض النظر عن المشاعر المؤلمة التي قد تنشأ عن ذلك.وفي الوقت نفسه، من الواضح أن الأفعال المهينة، سواء كانت تستهدف المصحف الشريف أو أي كتاباً مقدس آخر، يمكن أن تكون مستنكرة. وفي هذا السياق، صرح رئيس الوزراء، أولف كريسترسون، أن "حرق القرآن قانوني لكنه غير لائق". من وجهة نظر مسيحية، وأيضاً تاريخية صارمة، هناك العديد من الانتقادات التي يُمكن توجيهها للمصحف الشريف. ومع ذلك، يمكن التعبير عنها بطرق أكثر بناءً، وبعيدة عن إيذاء المسلمين بحرق كتابهم المقدس. فالحوار المفتوح والمنطقي هو دائماً الأفضل.فكرة حظر حرق المصحف الشريف ترتبط بالنقاش حول التحذيرات المسبقة، والتي تساعد الأفراد على تجنب التعامل مع المواد التي قد تثير الاستياء أو تتعارض مع معتقداتهم الخاصة. كما أنها وسيلة لعزل التعبير عن وجهة نظرنا في مساحة محمية. الأمر الذي قد يكون مريحاً، ولكن ستترتب عليه آثار مدمرة على الحوار العام.يُعتبر إيمانويل كانط (1724-1804)، واحد من أعظم الفلاسفة في فترة التنوير، حيث كتب بعض الأعمال الأكثر تأثيراً في تاريخ الفلسفة. وقد تم نشر ثلاثة من أعماله المشهورة "الانتقادات" في إصدار مشترك باللغة الإنجليزية قبل بضع سنوات، وتم وضع تحذير على صفحة العنوان تقول: "هذا الكتاب هو نتاج لعصره ولا يعكس القيم الحالية. يمكن للآباء مناقشة كيف تغيرت وجهات النظر مع أطفالهم فيما يتعلق بالعرق والجنس والجنسانية والعلاقات البشرية منذ كتابة هذا العمل الكلاسيكي، قبل أن يسمحوا لهم بقراءته".من الواضح أيضاً أن الموقف الأساسي الذي يعبر عنه التحذير مقلق، ألا وهو اعتبار تعريض أنفسنا لوجهات النظر الأخرى، المختلفة عن وجهات النظر الخاصة بنا، أمراً ضاراً، لأنه يقطعنا عن الاستفادة من تاريخنا ومن ثقافات أخرى. فمن الواضح أن الشخصيات التاريخية لا تتشارك وإيانا جميع الآراء فيما يتعلق بالدين والعرق والجنس والجنسانية. ومع ذلك، هذا لا يعني أن نصوصهم خطيرة أو أن لدينا شيء لا نستطيع تعلمه منها. فالطريقة الأفضل هنا هي التعامل مع التاريخ وتقييمه، بدلاً من التحذير منه.وهنا يكمن السؤال، هل يجوز حرق المصاحف أو الكتب المقدسة؟ الجواب هو نعم، فالقانون يسمح بذلك، ولكن النقاش الأهم يتمحور حول ما إذا كان ذلك مناسباً أم لا.