يشهد التحول الصناعي نحو الطاقة الخضراء Grön omställning في السويد تطورات لافتة، لكنه يواجه أيضاً تحديات جوهرية. للوقوف على هذه التحولات، تواصلتُ مع البروفيسور كريستيان بيرغرين Christian Berggren، بروفسور التنظيم الصناعي في جامعة لينشوبينغ، للوقوف في العمق على بعض المواضيع الرئيسية المتعلقة بالتحول الأخضر.من المهم أن نذكر بأنّ بيرغرين كان قد كتب منذ فترة وجيزة عن نجاحات صناعية في التحوّل الأخضر دون الحاجة لدعم حكومي، الأمر الذي أثار اهتمامي أيضاً.مزيج ضروري أم تنافس غير عادل؟أحد الأسئلة التي طرحتها على كريستيان كانت حول التوازن بين الطاقة النووية Kärnkraft وطاقة الرياح Vindkraft في السويد، ومدى إمكانية تمويلهما معاً على المدى الطويل. أوضح البروفسور كريستيان أن هناك حاجة ماسة لكلا المصدرين، حيث قال:«كلا المصدرين ضروريان لتحقيق توازن في إمدادات الطاقة. الطاقة النووية يمكن أن توفر الاستقرار طويل الأمد، بينما تلعب طاقة الرياح دوراً في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. المشكلة الرئيسية ليست في اختيار مصدر على حساب الآخر، بل في توفير التمويل اللازم لكليهما».كما أشار أيضاً إلى التحديات السياسية والاقتصادية التي قد تعرقل تطوير مصادر الطاقة المتجددة، مضيفًا: «العائق الأكبر هو عدم وجود استثمارات كافية في طاقة الرياح البحرية، وهو أمر تشهد بقية أوروبا فيه دعماً أكبر».دون دعم حكومي!في مقال مستقل كتبه البروفسور كريستيان، تحدّث عن النجاح الكبير الذي حققته شركات مثل "Hitachi Energy" في لودفيكا و"NKT" في كارلسكرونا دون الحاجة إلى دعم حكومي. عندما سألتهُ عن إمكانية تكرار هذه النجاحات في مناطق أخرى من السويد، أكد أن هذه المشاريع كانت استثنائية إلى حد كبير.«المشاريع في لودفيكا وكارلسكرونا تعتمد بشكل أساسي على الطلب المتزايد من أوروبا على الطاقة النظيفة، ولا توجد ضمانات بأن هذه التجارب يمكن أن تتكرر بسهولة في مناطق أخرى دون ظروف مشابهة. لكنّها تظل نموذجاً يُحتذى به في كيفية الاعتماد على الابتكار والصناعة المحلية».عائق أمام التحول الأخضرأحد أبرز التحديات التي تواجه السويد هو نقص الاستثمار في البنية التحتية، خصوصاً في قطاع النقل. الشركات مثل "Hitachi Energy" تعتمد بشكل كبير على النقل بالسكك الحديدية لنقل معداتها الثقيلة، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً. في هذا السياق، علق كريستيان على ضرورة تحسين البنية التحتية:«التحدي الأكبر الآن هو تحسين شبكة النقل، خاصة السكك الحديدية، لتتمكن الشركات من نقل معداتها الثقيلة. إذا لم تستثمر السويد في تحسين هذه البنية، فإن التوسع الصناعي قد يتباطأ بشكل كبير».وأشار إلى أن التحسينات المطلوبة ليست فقط لنقل البضائع Godstrafik، بل أيضاً لتحسين النقل الشخصي Persontrafik في مناطق مثل بيريسلاغن Bergslagen وكارلسكرونا Karlskrona.تدخل حكومي مطلوب؟سألناه عن المشاريع الكبرى مثل "Northvolt" و"Flagship One"، التي تواجه صعوبات مالية كبيرة، وعن الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة في هذه الحالة. أعرب كريستيان عن وجهة نظره بأن التدخل الحكومي يجب أن يكون مدروساً بعناية.«التدخل الحكومي في هذه المشاريع يجب أن يتم بحذر. الحكومة بحاجة إلى تحقيق توازن بين دعم هذه المشاريع وضمان أنها تظل قادرة على الاستدامة دون الاعتماد الكامل على الدعم الحكومي. في حالة فشل هذه المشاريع، يمكن أن يؤدي ذلك إلى هدر كبير في الموارد والوقت».في الختام…يظل التحول الأخضر في السويد عملية معقدة تتطلب توازناً بين السياسات الحكومية والاستثمار في البنية التحتية. كما أشار البروفيسور كريستيان بيرغرين، هناك حاجة إلى دعم أكبر في مجالات معينة مثل النقل وطاقة الرياح البحرية، في الوقت الذي تظل فيه النجاحات الصناعية في لودفيكا وكارلسكرونا مثالاً يحتذى به. ومع ذلك، يبقى المستقبل غير مؤكد، ويعتمد إلى حد كبير على مدى استعداد الحكومة للاستثمار في البنية التحتية ودعم المشاريع الكبرى.