حذّرت مسؤولة في الأمم المتحدة من أن المدن الكبرى حول العالم، التي لم تُخطط أصلاً لمواجهة الارتفاعات المتزايدة في درجات الحرارة، قد تتحوّل إلى «أفران» خانقة لا يمكن الهروب منها. وقالت إيليني ميريفيلي، رئيسة ملف الحرارة في برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية AFP:– المدن اليوم هي بمثابة مصائد حرارية، بُنيت لدرجات حرارة ومناخات مختلفة تماماً. لذا علينا أن نعيد التفكير كلياً في كيفية تصميمنا للمناطق الحضرية وتطويرها. خطر داهم على الفئات الأكثر ضعفاً عندما جرى بناء ملايين المدن حول العالم، لم يؤخذ تغيّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة في الحسبان. واليوم، بحسب ميريفيلي، فإن الجزء الأكثر ضعفاً من السكان هم الأكثر تضرراً من هذه التحولات المناخية. في أثينا، تعمل الأمم المتحدة على تصنيف مستويات الحرارة الشديدة، بحيث تُفعّل كل درجة منها توجيهات وإجراءات سياسية مختلفة. كما أُطلقت حملات توعية لتسليط الضوء على خطورة الحرارة المفرطة. وتشمل الجهود أيضاً إنشاء بنى تحتية توفر الظل، إضافة إلى تصميم مبانٍ تمتص الحرارة بدلاً من احتجازها. وتركّز المبادرات على وسائل النقل العامة، وخاصة تهيئة مواقف الانتظار لتوفير تبريد وظلال فعّالة. – الهدف هو إيجاد هياكل تظليلية فعّالة، خصوصاً في أماكن انتظار القطارات والحافلات، بحيث تكون مصممة خصيصاً لتوفير تبريد حقيقي، تقول ميريفيلي. استعدادات في المدن السويدية تتخذ المدن السويدية خطوات مشابهة للتكيّف مع المناخ الحار. وفي ستوكهولم، يشمل ذلك زراعة المزيد من الأشجار على جانبي الطرقات، بحسب ماليندا فلودمان من إدارة المرور في بلدية ستوكهولم. – ندرس حجم مظلة الأشجار (kron­täckning). كلما كبر حجم الظل، انخفضت درجة الحرارة أثناء موجات الحر، وهذا مفيد أيضاً للحشرات والحيوانات، تقول فلودمان لوكالة TT. تشدد ميريفيلي على أن مكيفات الهواء ليست حلاً طويل الأمد، بل قد تزيد من المشكلة. وتقول:– لا يمكننا استخدام التكييف للهروب من الأزمة التي صنعناها بأيدينا. إنه حل أناني. فأنت تبرد مساحتك الخاصة، لكنك تضخّ هواءً ساخناً إلى الفضاء العام. وترى أن التصدي الحقيقي يتطلب إشراك مهنيين من مجالات متعددة، مثل مهندسي المناظر الطبيعية وعلماء البيئة وخبراء الغابات، للمساهمة في ابتكار حلول مستدامة. تتفق عالمة الأحياء والصحفية العلمية إيزابيلا روسنغرين مع هذا الرأي، مشيرة إلى أن التكييف يستهلك طاقة غالباً ما تكون غير متجددة، ما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري بدلاً من كبحها. وتضيف أن الدول التي عاشت طويلاً في ظل مناخات حارة تتمتع بخبرة أكبر في التكيّف مع ارتفاع درجات الحرارة. أرقام قياسية في عام 2024 سجّل عام 2024 أرقاماً قياسية في جنوب شرق أوروبا، حيث تعرض السكان لمتوسط 37.3 يوماً من «الإجهاد الحراري الشديد»، أي درجات حرارة محسوسة تتجاوز 32 درجة مئوية. ولم يُسجل مثل هذا العدد من الأيام منذ بدء القياسات عام 1950. كما سُجل عدد غير مسبوق من «الليالي الاستوائية»، التي تتجاوز فيها درجات الحرارة 20 درجة طوال الليل، بمتوسط 14.5 ليلة خلال عام 2024. معلومة تقنية:لحساب درجة الحرارة المحسوسة، يُؤخذ في الاعتبار مجموعة من العوامل مثل الحرارة الفعلية، نسبة الرطوبة، وسرعة الرياح. المصدر: برنامج كوبرنيكوس الأوروبي لرصد الأرض