مدّ وجزر في أسعار الأغذية
ارتفعت أسعار الغذاء في السويد بشكل بطيء على مدى العقد الماضي دون أيّ قفزات حادة في السعر، وحتى جفاف 2018 الكارثي على المحاصيل لم يؤدي إلى قفزات كبيرة في الأسعار. بلغ تضخم أسعار المواد الغذائية وسطياً 1.7% سنوياً.
كما قاومت أسعار الغذاء التضخم الذي ضرب الكثير من أسعار المواد الأخرى، الأمر الذي لم يسمح للتضخم العام بأخذ مكانه في السويد، وهو ما يمكن قياسه باستخدام «مؤشر أسعار المستهلك».
وبحسب كارل إيكيردال، كبير الاقتصاديين في اتحاد تجارة Livsmedelsföretagen، فالعام الماضي، وبسبب الميل العام لتخزين الأطعمة بسبب المخاوف من الوباء، ارتفعت الأسعار وشملت الكثير من أنواع الأطعمة. عنى هذا انخفاضاً في الأسعار هذا العام، وتحديداً في هذا الوقت من العام.
تأثير ارتفاع سعر مُدخلات الإنتاج
لكنّنا ندرك بأنّ الارتفاع العام في مُدخلات الإنتاج عامة، ومُدخلات إنتاج الأغذية في هذا السياق ستؤثر على المنتجين وتؤدي لرفع الأسعار. يعتمد اتحاد التجارة في قياس تكاليف مُدخلات الإنتاج والمواد الأولية على مؤشر تعني نتيجة «50» أنّ النتيجة محايدة. ويظهر المؤشر بأنّ آخر قياس هو 79، وهي القيمة الأعلى لأسعار وتكاليف المواد الأولية ومُدخلات الإنتاج في 12 عام مضت.
شهدت المواد الخام الهامة لصناعة الأغذية، مثل فول الصويا، والقمح، والذرة، وزيت النخيل، ارتفاعات حادة في الأسعار العام الماضي.
وهذا بدوره يجب أن يكون متوقع، لأنّ الفلاحين الذين ينتجون المواد الخام لابدّ مضطرون للتعويض عن الارتفاع في أسعار مُدخلات الإنتاج مثل أسعار الديزل والأسمدة.
لكن هناك سبب آخر لارتفاع أسعار البضائع: المحصول السيء للأغذية حول العالم. ففي أمريكا الجنوبية كمثال، ضرب الجفاف الفلاحين وأراضيهم الزراعية. بينما في أوروبا فقد عانى الفلاحون من الجفاف من جهة، ومن كميات الأمطار الكبيرة من جهة أخرى.
بسبب ارتباط الإنتاج بعضه ببعض، فلا بدّ أن نراقب تأثير ارتفاع أسعار البلاستيك ومواد التغليف الأخرى، وأيضاً الفوضى الحاصلة اليوم في سوق شحن البضائع.
أسعار الكهرباء تصل لمستويات قياسية في السويد
أسعار الكهرباء، وخاصة في جنوبي السويد، لم تصل يوماً للمستوى السعري الذي وصلت إليه حالياً. حيث بات اليوم هنالك أسعار قياسية جديدة، ووصلت الأسعار إلى ذروة جديدة عند 163 أور لكل كيلوواط ساعي.
ارتفاع قياسي في أسعار البنزين والديزل في السويد
ارتفعت تكلفة تزويد السيارات بالوقود في السويد إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، وبلغ سعر لتر البنزين حالياً 16.64 كرونة سويدية، وسعر لتر الديزل 17.67 كرونة سويدية.
يُعزى ارتفاع أسعار الوقود في السويد إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط عالمياً.
وفقاً لـوكالة الأنباء السويدية TT، ارتفع مؤخراً سعر لتر البنزين بمقدار 15 أوره، وسعر لتر الديزل بمقدار 10 أوره في محطات الوقود.
وعلى مدار العام الماضي، ارتفع سعر لتر البنزين 95 أوكتان بأكثر من 30 في المئة، ففي الصيف الماضي، كان السعر حوالي 12 كرونة سويدية، مقارنة بأكثر من 15 كرونة اليوم، وأحد التفسيرات لذلك هو كوفيد -19
تتالي التأثير على المستهلك
عدم إحساس المستهلك بالأمر بسرعة سببه أنّه يتطلب وقتاً أطول ليضرب رفوف المتاجر، وذلك بعد أن تضرب الزيادة أسعار المنتجات الزراعية أولاً، تليها شركات الأغذية في المرحلة الثانية. وارتفاع أسعار الفواكه والخضروات هو الأسرع، يليها ارتفاع أسعار اللحوم، ثمّ منتجات الحبوب مثل الخبز والمعكرونة تأخذ الوقت الأطول.
السبب في أنّ منتجات الحبوب هي آخر من يتأثر هو اعتماد طريقة تخزين الحبوب في مخازن وصوامع يبيعها الفلاحون محتواها على أجزاء كلّ نصف سنة. يجعلها هذا تتأخر في إيصال تأثير ارتفاع الأسعار للمستهلكين، لكنّها تصل في نهاية المطاف. من الدلائل على ما نقوله أنّ الأسعار تنخفض عادة عندما يكون موسم الحصاد، لكنّ الأسعار لم تنخفض هذا العام.
ولأنّ أحكام السوق قوية جداً هنا، ولا تدخل حقيقي فيها، فليس هناك من طريقة أخرى تعوض فيها شركات المواد الغذائية عن التكاليف المرتفعة إلّا بفرض أسعار مرتفعة، ولهذا فالسيناريو الوحيد المنطقي ضمن ظروف عمل السوق هذه هي ارتفاع أسعار المواد الغذائية هذا الخريف.
العمالقة يحكمهم ذات القانون
حتّى بين الشركات الغذائية الكبرى، فقد لوحظ ارتفاع في أسعار الأغذية هذا الخريف. يمكننا أن نقرأ في تقرير شركة «أرلا Arla» لمنتجات الألبان والحليب نصف السنوي بأنّ الشركة تتوقّع زيادة سريعة في الأسعار في مزارع الماشية التي تملكها أرلا والتي ستؤثر على أسعار الحليب.
وقد علّق المدير التنفيذي للشركة على هذا التقرير بأنّهم مقبلون على نقل هذه التكاليف إلى المستهلك.
البقالة بدورها تلعب دوراً محورياً في ديناميكية تسعير المواد الغذائية. في السويد توقّع الشركات الكبرى المهيمنة، أمثال Ica وAxfood وCoop عقوداً نموذجية كلّ ثلاثة أو ستّة أشهر، ولهذا فعند نهاية مدد هذه العقود سنرى تأثير ارتفاع الأسعار في رفوف المتاجر ونستشعر به.
رفضت شركة Ica التعليق على الأمر، بينما ردّت Axfood في بريد إلكتروني بأنّه في حال وجود أسباب مبررة لارتفاع الأسعار، فسيتم تحميلها للمستهلك عاجلاً أم آجلاً. لكنّها لم تُرد التنبؤ بما سيحدث في المستقبل.
سيكون من الصعب على البعض تقبّل الأمر، لكننا في «أكتر» نتوقّع بأننا مقبلون على ارتفاع مستمر في الأسعار مالم تتدخل الحكومة بشكل ما لمقاطعة السوق والتدخل في عملياته، وهو الأمر الذي لا يبدو لدى أحد في الحكومة النيّة بعمله في الوقت الراهن.