تسنيم: "لازم يكون عنا أمل ولازم يكون عنا ثقة بالله"
أخبار-السويدAa
في لقاء ممتع مع تسنيم معراوي، الشابة السويدية سورية الأصل التي حققت نجاحات ممتازة في السويد، أخبرتنا عن رحلتها المثيرة وإنجازاتها العديدة التي حققتها خلال فترة إقامتها في السويد منذ عام 2015. تسنيم، التي تم اختيارها سفيرة لهدف التنمية المستدامة من قبل الأمم المتحدة، وحصلت على دبلوم القيادة من ملك السويد، أصبحت نموذجاً يُحتذى به في مجال الشمولية والقيادة الشبابية. في هذا المقال، سنستعرض جوانب مختلفة من حياتها وإنجازاتها.
الرحلة إلى السويد
بدأت تسنيم لقائنا بها بالحديث عن قدومها إلى السويد في أكتوبر 2015، حيث كانت تبلغ من العمر 13 عاماً. كانت البداية صعبة بسبب التحديات التي واجهتها، مثل تعلم اللغة السويدية والتأقلم مع الثقافة الجديدة. تسنيم قالت: "في البداية، كان صعوبة اللغة واختلاف الثقافات أكبر التحديات التي واجهتها، خاصة أننا نسكن في بلدية عدد المهاجرين فيها قليل، وليس لدينا أقارب في السويد". أضافت: "أول فترة كانت صعبة بالنسبة لي، ولكن بفضل دعم عائلتي وتفهمهم، استطعت التغلب على الصعوبات والمضي قدماً".
الدراسة والإنجازات الأكاديمية
رغم التحديات، أظهرت تسنيم تفوقاً دراسياً، حيث درست في مدارس السويد، وتمكنت من تحقيق معدلات عالية أهلتها لدخول جامعة يوتبوري والدراسة في كليّة طب الأسنان.
كانت تسنيم نشطة خلال سنوات الدراسة، حيث شاركت في العديد من النشاطات التي نظمها برنامج مدارس الأمم المتحدة "UNA School". تسنيم تحدثت عن تجربتها في UNA School قائلة: "كانت المشاركة في UNA School تجربة رائعة، حيث تعلمت الكثير عن القيادة والعمل الجماعي، واكتسبت مهارات جديدة".
الاعترافات والجوائز
خلال مسيرتها، حصلت تسنيم على العديد من الجوائز والتكريمات. في عام 2022، اختارتها الأمم المتحدة كسفيرة لهدف التنمية المستدامة، وفي العام الحالي 2024، تم اختيارها لتكون قائدة شبابية للتنوع والشمول. بالإضافة إلى ذلك، حصلت على جائزة من منظمة "روتاري" الدولية لنموذجها الملهم للشباب الآخرين.
أمّا الدبلوم الذي حصلت عليه تسنيم من الملك، فيعدّ أحد أبرز الاعترافات بالقيادة الشبابية، حيث أنّ هذا البرنامج قد أوجد بالأساس لتحفيز هذه الفئة على التغيير. قالت تسنيم: "شعرت بالفخر والاعتزاز عندما حصلت على دبلوم من الملك بسبب مشاركتي في برنامج القيادة القائم على القيم. كان هذا البرنامج فرصة رائعة لتطوير مهاراتي القيادية والتعرف على أشخاص من مختلف الثقافات".
يمكننا أن نفهم مدى لمعان نجم تسنيم عندما ندرك أنّ أغلب المنافسين لها كانوا أكبر سناً وخبرة منها، وبدؤوا حياتهم الجامعية بالفعل. كانت تسنيم تعلم ذلك، لكنّه لم يجعلها تتراجع، بل أعطاها الحافز للعمل بشكل أكبر، حتّى عندما كان رفاقها لديهم أولويات مختلفة عنها في الحياة اليومية.
السيدة ذات الكلاب
لم تكن رحلة تسنيم خالية من التحديات، فقد واجهت صعوبات في التكيّف مع البيئة الجديدة، وتعرضت للتنمر بسبب اختلافها عن الآخرين. لم تكن عمليات التنمر من الأشياء التي مرّت دون ندوب، سواء تلك التي استهدفتها بناء على عنصرية ضدّ السويديين من أصل أجنبي، أو تلك التي استهدفت خياراتها الشخصية في ارتداء الحجاب.
شاركتنا تسنيم إحدى هذه التجارب المؤلمة التي تعرضت فيها للعنصرية من قبل سيدة في الشارع، لكن بفضل دعم عائلتها وثقتها بنفسها، تمكنت من مواجهة هذه المواقف بشجاعة. تسنيم روت تفاصيل هذه التجربة قائلة: "مرة منذ ثلاث سنوات، كنت خارجة من الشغل وذهبت إلى الستايشن لأخذ الباص. دخلتُ في حديقة مزدحمة، وفجأة سمعت سيدة تقول لي: 'شيلي الشيء اللي على راسك'. لم أسكت لها، وقلتُ له أنّ لا حقّ لها في التدخل في شؤوني الخاصة. كان جوابها لئيماً عندما قالت: 'أنا سويدية يحقّ لي أن أفعل أقول ما أشاء'. لم تتوقع مني أن أردّ عليها، لكنني لم أسكت وأخبرتها: 'وأنا أيضاً سويدية'. كانت تملك ثلاثة كلاب بدأت بتهويشهم عليّ، وبدؤوا يعوون في محاولة إخافتي".
قررت تسنيم على إثر ذلك أن تمضي في طريقها، وأن تقدّم بلاغاً للبوليس polisanmälan. لكنّها لم تكتفِ بذلك، بل عادت وكتبت على غروب خاص بالبلدية ما حدث لها، وأنهته بالقول: "أنا لستُ عاتبة على السيدة بقدر عتبي عليكم يا من كنتم حاضرين هناك ولم تفعلوا شيئاً".
تلقّت تسنيم بعد ذلك الكثير من كلمات الدعم، والكثير من الرسائل التي تعبّر لها عن أنّ تلك السيدة ليست إلّا أقليّة بينهم. كما أنّها تعرّفت بعد ذلك على قصّة مشابهة لرجلٍ ذي بشرة سوداء مع السيدة العنصرية ذاتها. فقد حدث له مثلما حدث مع تسنيم، ولكن مع فارق أنّ كلاب المرأة عضّت الرجل. تبيّن فيما بعد أنّ المرأة تعاني من مشاكل نفسية!
لم تكن تلك هي القصة الوحيدة التي تعرضت فيها تسنيم للعنصرية، ولكنّها أضافت بعد الانتهاء من حكاية القصّة: "تعرضت للعنصرية من قبل بعض الأشخاص الذين لا يعرفونني، لكنني لم أسمح لهم بالتأثير عليّ، بل واجهتهم وأثبتُّ لهم أنني قوية وقادرة على تحقيق أهدافي".
العرب دمهم حامي
رغم أنّ تسنيم لم تكن تريد توجيه نصائح لأحد، فهي تقول: "لستُ في موقع يسمح لي بتوجيه النصائح، فلا أنا كاملة، ولا تجربتي تنطبق على الآخرين". لكنني أردت أن أخذ منها وجهة نظرها فيما يمكن تعميمه علينا جميعاً.
أكّدت على أهمية التكيف مع المجتمع الجديد وفهم ثقافته. وقالت: "نحن العرب دمنا حامي، وأحياناً يكون الحق معنا، فيصبح ضدنا". لهذا ترى أنّ علينا أن نضبط ردّات فعلنا أكثر بحيث تناسب المجموعات الأخرى التي نعيش معها في السويد. تقول: "من المهم أن يكون الشخص على معرفة جيدة بالمجتمع الذي يعيش فيه، وأن يتحكم في ردود فعله".
أهمية التعليم والدعم الاجتماعي
تحدثت تسنيم عن أهمية التعليم والدعم الاجتماعي في رحلتها. أشارت إلى أن التعليم كان له دور كبير في تطوير شخصيتها ومهاراتها. وقالت: "التعليم هو المفتاح الأساسي للنجاح. يجب أن نعمل بجد ونستفيد من الفرص التعليمية المتاحة لنا".
كما أكدت على أهمية الدعم الاجتماعي، خاصة من العائلة والأصدقاء. وقالت: "كان لدعم عائلتي دور كبير في تخطي الصعوبات التي واجهتها. لقد كانوا دائماً بجانبي وشجعوني على الاستمرار".
الصوت والسياسة
تتطلع تسنيم إلى مستقبل مشرق، مليء بالفرص والتحديات الجديدة. تسعى إلى مواصلة العمل في مجال القيادة والشمولية، وتطمح إلى تحقيق المزيد من الإنجازات. وقالت: "أطمح إلى مواصلة العمل في مجال القيادة والشمولية، وأتمنى أن أكون قادرة على تحقيق المزيد من الإنجازات. أرغب في أن أكون صوتاً لمن لا صوت لهم، وأن أساهم في تحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع".
وعندما أخبرتها أنّ حلمها ربّما يجعلها تتجه نحو السياسة، قالت: "سمعت هذا من الكثير من الأشخاص. لكنّ السياسة ليست هي الطريق الوحيد لتغيير حياة الناس والتعبير عنهم. هناك طرقٌ أخرى أريد أن أجرّبها".
في الختام…
تعتبر تسنيم معراوي نموذجاً ملهماً للشباب، ليس المهاجرين في السويد فقط، بل في جميع أنحاء أوروبا والعالم. قصتها تعكس الإرادة القوية والتفاني في تحقيق الأهداف رغم كل الصعوبات. تسنيم تسعى دائماً لتكون صوتاً لمن لا صوت لهم، وتعمل بجد لتقديم الدعم والمساعدة للشباب الآخرين. قصتها تذكرنا بأن التحديات يمكن أن تكون فرصة لتحقيق النجاح والتفوق، وليس بالضرورة أن تجعلنا نتراجع.
ربّما الختام الأفضل هو ما تمنّته تسنيم للعرب والمهاجرين، حيث قالت لي في نهاية حديثنا: "بتمنى تجربتي تلهم الآخرين أنهم يتجرؤوا يتعلموا، يحكوا ويفرجوا مين هنن ومايسمحوا للصورة النمطية عن العرب/المسلمين تحبطهم وتعملهم يأس. المشكلة مو انه يكون عند الواحد يأس بل ان ما يكون عنده امل بالرغم من اليأس. بتمنى انه كل شخص عم يقرأ المقالة يعرف شقد هو قيّم وكمية القوة يلي عنده ياها بإنه يغير من حياته وحياة الناس يلي من حوله للأفضل. رحلة الحياة فردية مهما ازدحمت دنيتنا وامتلأت بالناس. ومهم كتير انه نسعى لأن الأشياء مابتجي وحدها. لازم نعيش متفائلين، لازم يكون عنا أمل ولازم يكون عنا ثقة بالله".