Aa
في منطقة جبلية نائية شرقي صربيا تقوم قرية "أوروس ترينوفيتش" التي كان يقطنها قبل عشرات السنين 200 عائلة، وكان ثمّة مدرسة للأطفال ومتاجر للبيع والشراء وعيادة طبية وغيرها من المرافق التي تشترك فيها القرى الصربية.
أوروس ترينوفيتش التي عُرفت بطرقها الحجرية الجميلة التي تنهض على أطرافها منازلُ بحدائق وشرفات ومداخن، وبأبواب ونوافذ توصد وتشرّع وفق قوانين الطبيعة، كانت الطرقات وكذلك المنازل تنبض بحياة اجتماعية زاخرة، كل ذلك كان في غابر الزمان، أما اليوم فالقرية باتت شبه مهجورة، وثمانية أشخاص فقط آثروا البقاء ربما لأنهم افتقروا إلى بدائل أو ربما لأنّ مشاعرهم بالانتماء إلى المكان انتصرت على الاعتبارات الأخرى.
https://www.youtube.com/watch?v=2OVvbPmMQIw
وقرية أوروس ترينوفيتش، ليس حالة منفردة أو نادرة، فثمّة الكثير من القرى التي هجرها أهلها في صربيا التي اختبرت ويلات الحرب والعقوبات القاسية في التسعينيات من القرن الماضي إثر تفكك الاتحاد اليوغسلافي، وها هي صربيا الآن تختبر أزمة أخرى تتمثل في تراجع عدد السكّان في عموم البلاد.
فوفقاً للبنك الدولي، وهو إحدى الهيئات في الأمم المتحدة والتي تعنى بالتنمية، فمن المتوقع أن ينخفض عدد سكان صربيا الذي يقل قليلاً عن سبعة ملايين نسمة، إلى 5.8 مليون نسمة بحلول عام 2050، وسيمثل هذا انخفاضًا بنسبة 25 بالمائة منذ العام 1990.
تقول الحكومة الصربية: إن البلاد تفقد بلدة كل عام، وقد فقدت بالفعل نحو 18 بلدة يعيش فيها أقل من عشرة آلاف شخص، وتضيف المعطيات الرسمية أن عدد سكّان البلاد ينخفض 103 شخص في كل يوم.
ويعدُّ تراجع عدد السكّان حقيقة من حقائق الحياة في جميع أنحاء أوروبا، لكن المشكلة أكثر تفاقماً في وسط وشرق أوروبا حيث تترافق معدلات الخصوبة المنخفضة الشائعة أيضاً في الدول المتقدمة، مع معدلات الهجرة المرتفعة، إذ يهاجر الكثير من الشبّان والشابّات بحثاً عن مسوى معيشة أفضل، وذلك في وقت لم تبرح معدّلات الخصوبة تتراجع في عموم البلاد الواقعة وسط وشرق القارة العجوز.