مع دخول السيارات ذاتية القيادة إلى المشهد المروري في المدن، يبرز تساؤل أساسي: كيف يمكن للدراجين التواصل مع مركبة لا يقودها إنسان؟ في السويد، يعمل باحثون من المعهد الملكي للتكنولوجيا (KTH) بالتعاون مع جامعة غلاسكو على تطوير طرق جديدة للتفاعل بين الدراجات والمركبات الذاتية، بما يضمن أمان جميع مستخدمي الطريق في المستقبل. يقول الباحث في تفاعل الإنسان مع الحاسوب وقائد المشروع في KTH، أندري ماتفيينكو: «طريقة التواصل ستكون حاسمة في تحديد مستوى الأمان على الطرقات، لكن هذا المجال ما يزال غير مستكشَف بما فيه الكفاية». ويعتمد التفاعل اليومي في الطرقات إلى حد كبير على إشارات غير رسمية بين السائقين والمشاة والدراجين، مثل الإيماءات اليدوية أو التواصل البصري. لكن هذه الإشارات تفقد معناها تماماً في حال غياب السائق البشري. تجربة واقع معزز لرؤية كيف يمكن لهذا التفاعل أن يعمل في المستقبل، أنشأ الفريق بيئة افتراضية متكاملة داخل قاعة R1 النووية في حرم KTH. ارتدى الدراجون خوذات واقع معزز (AR) سمحت لهم بالتنقل بحرية في بيئة واقعية، لكن ضمن سيناريوهات رقمية تحاكي وجود سيارات ذاتية القيادة. يشرح ماتفيينكو: «خوذات الواقع المعزز تتيح للمستخدم رؤية العالم الحقيقي، مع إمكانية عرض عناصر رقمية. هكذا تمكّن الدراجون من التفاعل مع سيارات افتراضية تم عرضها مباشرة في مجال رؤيتهم». ثقافة الطريق تفرض تحديات ركز الباحثون في دراستهم على كيفية اختلاف سلوك الدراجين بحسب الثقافة المحلية للمرور، إذ أُجريت الاختبارات في ثلاث مدن تتمتع بعادات مرورية متباينة: ستوكهولم (السويد)، مسقط (عُمان)، وغلاسكو (اسكتلندا). وفي هذا السياق قال ماتفيينكو: «في ستوكهولم، يتمتع الدراجون ببنية تحتية مخصصة وممرات مستقلة، ما يجعلهم أقل اعتماداً على الإشارات غير الرسمية». «في مسقط، يضطر الدراجون لمشاركة الطريق مع السيارات، ما يجعل التواصل البصري والإيماءات جزءاً أساسياً من القيادة». «أما غلاسكو فتقع في مكان وسط بين النموذجين». هل يجب على السيارات الذاتية "تعلم لغات محلية"؟ يستنتج الباحثون أن تفاعل السيارات الذاتية مع الدراجين يجب أن يتكيف مع الثقافة المحلية لسلوك الطريق. ويقول ماتفيينكو:«تشير النتائج إلى أن المركبات ذاتية القيادة قد تحتاج إلى “تعلّم” لغات مرورية محلية لتتمكن من التفاعل بفعالية مع البيئة المحيطة». تكنولوجيا مساعدة للدراجين يدرس الفريق أيضاً كيف يمكن للتقنيات الجديدة أن تنقل نوايا المركبة ذاتية القيادة إلى الدراجين، مثل: نظارات تعرض معلومات مرئية مباشرة أمام العين، أساور ذكية تهتز عند حدوث أمر معين، إشارات ضوئية على الطريق توضّح نوايا السيارة، لافتات ذكية تترجم تصرفات المركبة. ويضيف ماتفيينكو: «لا يوجد حل وحيد كافٍ، وسنحتاج إلى نظام متعدد الوسائل. إن تعطّلت ساعتك الذكية، يجب أن يكون هناك بديل فوري لتوصيل المعلومة». المرحلة القادمة انطلقت الدراسة باختبار سيناريوهات فردية بين دراج واحد ومركبة واحدة، لكن الخطوة التالية بحسب ماتفيينكو هي الانتقال إلى مشاهد أكثر واقعية تشمل عدة دراجين ومركبات ذاتية القيادة يتفاعلون معاً في بيئة مرورية ديناميكية.