حازم وباسكال: «قم بخطوة فالجلوس في المنزل والتفكير لن يفيدك»
أخبار-السويدAa
حازم وباسكال مؤسسا هيمافي
عندما يحلم شخصان بشيء ما، ويبدآن بالعمل لتنفيذه بكلّ إمكاناتهما، فاحتمالات نجاحه مرتفعة جداً. فما بالك لو كان ذلك في بلدٍ مثل السويد، حيث الفرص لنجاح روّاد الأعمال الصغار أعلى منها في أيّ مكان آخر في العالم؟ من هنا جاء لقائي بحازم وباسكال، مؤسسا ومديرا منصّة «Hemavi» للتأجير ومساعدة القادمين الجدد إلى السويد في الكثير من النواحي، محاولاً فهم سبب تميز عملهما، وسرّ نجاحهما.
من هم حازم وباسكال؟
في البدء، من المفيد أن نأخذ فكرة عن مؤسسي «Hemavi»: حازم وباسكال.
حازم من أصل عربي، جاء إلى السويد من مصر ولديه خلفية في المالية والاقتصاد. كان هدفه من السفر هنا في نوفمبر 2018 هو الحصول على ماجستير في العلوم المالية، حيث التقى بباسكال، وقاما بعد إنهاء دراستهما بتكوين مشروع Hemavi معاً.
أمّا باسكال، فهو سويدي الأصل من بليكنيه Blekinge، ويعيش اليوم في ستوكهولم، وهو على وشك العودة إلى مالمو حيث مقرّ شركة Hemavi. لدى باسكال خلفية في الاقتصاد وتمويل الأعمال، حيث درس في جامعة لوند، وكذلك في سنغافورة. قضى باسكال بضع سنوات في النرويج، وعمل في مجال الاتصالات وتمويل الأعمال، وهو كما يصف نفسه: «شخص «تحليلي» للغاية، يحبّ الأرقام».
المكان المناسب للأجانب
هناك الكثير من المنصّات والتطبيقات التي تقدّم مساعدة في الإسكان اليوم، فما الذي يجعل منصّة Hemavi مميّزة عن البقيّة؟ من الواضح أنّها تقدّم خدمات ممتازة، سواء من ناحية ضمان الأمان من عدم الاحتيال، أو من ناحية اعتماد فكرة المطابقة بين اهتمامات المؤجرين والمستأجرين. لكن هل هناك جوانب فريدة أخرى في Hemavi؟
يجيب باسكال عن هذا قائلاً: «ما يجعلنا فريدين هو أننا 100% موجودون لتقديم خدماتنا للأجانب الذين يأتون إلى هنا. لقد تم تصميم كل شيء للأشخاص الذين لا يعرفون السوق المحلية، وكلّ شيء متاح باللغة الإنكليزية. كما أنّ كلّ شيء لدينا رقمي 100٪. إن كنتَ قادماً من الخارج، فمنصتنا تهدف إلى أن تمثّلك وتفكّر مثلك، لذلك يمكنك حل كل شيء وأنت مرتاح في منزلك، ويمكنك التأكد من عدم تعرضك للاحتيال في هذه العملية بشكل أساسي».
يضيف حازم عن الأمر بطريقة ملفتة للنظر، حيث يقول: «أودّ أن أقول إن ما يميزنا كثيراً هو مجموعة المستخدمين. Hemavi مخصصّة للمستخدمين الدوليين، ونحن نغطي أجزاء أكبر بكثير من السكن ضمن رحلة المستخدم. لذا فإنّ Hemavi هو أكثر من مجرد مسكن. يبدو الأمر كما لو أننا صديقك المحلي في سوق جديد، ويعمل على إرشادك، ما يجعل عملية الانتقال سلسة للغاية لهذا السوق».
في الحقيقة هناك الكثير من التفاصيل التي قد يعرفها الذين يسكنون في السويد والدنمارك عن السوق المحلية، ولكن بالنسبة لشخص أجنبي وقادم جديد، من الواضح أنّ هذه المعرفة غائبة، ولن يمكنه الحصول عليها بسرعة. وهنا يأتي دور Hemavi، المرشد للقادمين الجدد.
قصص قريبة من القلب
عندما أجريت بحثاً مسبقاً حول Hemavi، قبل اللقاء بحازم وباسكال، وجدت الكثير من التقييمات الممتازة عن الشركة في مواقع تقييم سفر شهيرة، وكان هذا أمراً جميلاً فيه الكثير من التفاصيل عن التسهيلات التي قدمتها Hemavi للمسافرين من الخارج.
طلبتُ من المؤسسين أن يشاركاني قصص نجاح لهما قريبة إلى قلبهما، فحكى لي حازم قصّة تعبّر عن مدى تفاني مؤسسي Hemavi في إنجاح منصتهما: «لديّ قصّة في ذهني العام الماضي. كان هناك طالبة إيطالية تنتقل من إيطاليا إلى ستوكهولم. أعجبها مكانٌ هنا، لكن عندما انتقلت إلى منزلها في ستوكهولم، لم يكن المكان نظيفاً كما تم الإعلان عنه. بعد ذلك، تواصلت معي خلال المساء لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا فعل شيء لمساعدتها. لقد قمت حرفياً باستخدام هاتفي لإجراء الكثير جداً من الاتصالات مع أصحاب العقارات الذين لديهم عقارات حقيقية، ونحن نعرف ما هي الأماكن المتاحة لأصحاب العقارات الحقيقية ومن ليس لديهم ذلك».
يضيف حازم بنوع من الفخر الذي يتمتع به من أنجز شيئاً هاماً بالنسبة له: «ثمّ تواصلت مع سيدة لديها مكان متاح، وقمتُ بترتيب مكالمة فيديو بينها وبين الطالبة الإيطاليّة في تمام الساعة 8 مساءً في الليلة نفسها التي وصلت فيها. ثم أصلحت الأمر حتى تتمكن من الانتقال إلى منزل الجديد في غضون ساعة تقريباً. قامت الطالبة بعد ذلك بكتابة تقييم ممتاز لنا قالت فيه أنّها شعرت بأنّه تم الاستماع من شخص حقيقي كان موجوداً من أجلها خلال كامل الرحلة… وكما قال باسكال، عندما تأتي من الخارج فأنت وحيد تماماً في هذه الرحلة هنا، ونحن بشكل أو بآخر الصديق المحلي الذي لديك. نحن نمسك بيدك خلال هذه العملية للتأكد من أنّه يمكنك تحقيق أقصى استفادة».
التحدي الأكبر
من الطبيعي أن يواجه روّاد الأعمال تحديات كبيرة عند بدء عملهم، وأثناءه. كان من المثير للاهتمام لدي أن أسمع بعض التحديات من رائدي الأعمال حازم وباسكال.
كان باسكال هو البادئ بالحديث، حيث لخّص التحديات التي واجهتهم بالقول: «من الواضح أننا واجهنا الكثير من التحديات وأعتقد أننا كنّا نعمل الآن منذ أن بدأنا التفكير في الفكرة منذ أربع سنوات فقط وكان المستقبل دائماً غير مؤكد. هناك الكثير من الأشياء التي تحدث خارجة عن سيطرتنا، على سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بالتمويل، تغير المشهد بأكمله بشكل هائل خلال بضعة أشهر. الآن فجأة أصبح الحصول على تمويل المشروع أصعب بكثير. هناك عوامل خارجية لا يمكننا التأثير عليها حقًا ونحتاج إلى التعايش معها، لذلك فنحن نعمل في بيئة غير مؤكدة وتستفيد منها على أفضل وجه… كوني رائد أعمال، فهذا يشبه فلسفتي في الحياة: كل ما عليك فعله هو اتخاذ القرار الأفضل في كل وقت».
يضيف بنوعٍ من الواقعية التي لن تسمعها إلّا من شخصٍ جرّب السقوط عدّة مرات، وبعدها الوقوف على قدميه من جديد: «لقد وجدنا بالفعل هذا المكان المناسب، وقمنا بالكثير من التجارب، ووجدنا بشكل أساسي ما يتفاعل معه الناس بشكل جيد، وما الذي يقدره الناس، وما الذي يرغبون في دفع ثمنه، وهذا ما مهد الطريق إلى ما نحن فيه اليوم. لقد كان هناك الكثير من التجارب للوصول بنا إلى النقطة التي نحن فيها اليوم، ونحن ممتنون جداً لما تعلمناه».
بعد أن وافق حازم على ما قاله شريكه باسكال، أضاف بنوع من التبصّر المستقبلي: «كلّ مرحلة لها تحدياتها الخاصة، ولا تعرف أبداً ما هو التحدي التالي. لكن نعم، التوسّع وتحقيق أقصى استفادة منه بميزانية محدودة، من الواضح أنه لن يتطلب مليار دولار في البنوك. أعني، توسيع نطاق الأعمال وتنميتها، بينما لديك موارد محدودة، يمثّل تحدياً كبيراً طوال الوقت».
المستقبل
يبدو أنّ مؤسسا Hemavi يسعيان اليوم لفتح مناطق جديدة إضافيّة للمدن الرئيسيّة التي يتركز فيها الطلب اليوم، مثل ستوكهولم ويوتوبوري وكوبنهاغن.
لكن هناك أمرٌ آخر يدور في خلدهما، وقد عبّرا عنه باسكال جيداً بالقول «أعتقد أن هناك الكثير من الأشياء التي يمكننا توفيرها للمستخدمين عند انتقالهم إلى بلد جديد لم ننظر فيها بعد، وذلك لأننا لم نملك الوقت والموارد لتقديم المساعدة. هناك الكثير من فرص البيع، حيث يمكننا أن نتشارك مع أفضل الخدمات ذات الصلة بالدخول إلى سوق جديد. يمكن أن تكون أشياء محلية جداً، حتى مثل المطاعم أو المتاجر، ويمكن أن تكون أشبه بمكان الحصول على بطاقة الهاتف الخاصة بك… نحن نقوم فقط بملء أجزاء صغيرة من الثقوب الكبيرة حتى الآن».
نصيحة لروّاد الأعمال
كما يقول المثل: «اسأل المجرّب»، ولهذا من المهم أن نسمع نصيحة شخصين تمكنّا من تحقيق الكثير في فترة وجيزة، فهناك الكثير من الإمكانات، وهناك الكثير من روّاد الأعمال الذين يريدون بناء شيء حقيقي لهم.
يقول باسكال: «هناك الكثير مما يمكن قوله وأعتقد أن أفضل شيء، ربما يكون مبتذلاً، لكنه حقيقي: عندما تقول شيئاً بصوت عالٍ، وتقوله لشخص آخر، يصبح الأمر أكثر واقعية إلى حد ما. هذه هي الطريقة التي توقفت بها عن استخدام أكياس النيكوتين في السويد لأنني قلت للجميع الآن سأتوقف عن التدخين. ومن ثمّ تجعل الأمر حقيقياً».
يضيف محذّراً من عدم توقّع أن يكون كلّ شيء جاهزاً: «أعتقد أنه في الوقت الحاضر من السهل جداً أن يرغب الناس في القيام بالأشياء في كل مكان، وهم لا يعرفون حقاً أيّ اتجاه يجب أن يبدأوا وهذا جيد، لكن فقط اتخذ خطوة صغيرة. ما عليك سوى أن تبدأ في جعل الأمر حقيقياً، ولا تخجل من أنك لم تقطع شوطًا طويلاً بعد لأنه من الواضح أنه لا أحد فعل ذلك عندما بدأ. إذا جلست وحدك في المنزل وتفكر في الأشياء، فلن يحدث شيء حقًا».
ربّما الخاتمة الأفضل هي المثال الذي أعطاني إياه باسكال، ووافقه عليه حازم: «لا تركز كثيراً على أن تكون جيدًا في البداية. حتى أفضل الأشخاص الذين يبنون أكبر الشركات يقولون ذلك دائماً. على سبيل المثال، ينسن فونغ، مؤسس NVIDIA، قال: لم يكن لديّ أي فكرة عما كنت أفعله عندما قمت ببناء NVIDIA، وكيفية جعلها تعمل. وهي الشركة الأكثر تنوعاً على هذا الكوكب في الوقت الحالي».