خاص "أكتر"... تحدثت منصّة "أكتر" مع الخبير والباحث الاقتصادي محمد يوسف للوقوف على تفاصيل وخفايا مشكلة اختفاء ونقص الحسابات في بنكي سويدبنك ونورديا: ما السبب الحقيقي وراء ما حدث؟ هل أخذت الحكومة والسلطات المسؤولة على محمل الجد؟ هل ما حدث هو مشكلة تقنية أم هجوم قراصنة أم فساد؟ ما الذي يجب على الناس فعله كي يحفظوا أموالهم وقيمتها؟بشكل عام، ما تعليقك على ما حدث مؤخراً في حسابات سويدبنك ثمّ في بنك نورديا؟ هلّا شرحت لنا الأمر بشكل مبسّط.الأمر ببساطة هو أنّ الناس تفاجأت بوجود نقص في أرصدتها. كانت السحوبات عشوائية ومتفاوتة، ولم يكن هناك مبلغ ثابت. بعض الناس سُحب منها ألف، والبعض عشرة، وآخرون مليون، بينما البعض لم يُسحب من حسابهم أيّ مبلغ. كان السحب على الحسابات الجارية، ولكن حتّى من يملكون حساباً مغلقاً أو حساب توفير «سباربنك» تمّ السحب منه.هناك نظريتان لما حدث، النظرية الأولى: وقوع هجوم سيبراني على حسابات البنك. فجرّاء الحرب الروسية في أوكرانيا، واعتماد السويد على الخدمات البنكية الإلكترونية بشكل كبير، يمكن لقراصنة موجودين في بلد مثل روسيا أن يزرعوا فيروس داخل أجهزة البنك ليسحب من الناس مبالغ عشوائية.النظرية الثانية: وجود فساد داخلي في البنك من قبل شخص أو عدّة أشخاص لديهم معرفة برمجية، وقادرين على حلّ شيفرات البنك، فيقومون بالسحب من الحسابات وتحويلها إلى حسابات أخرى. العملية معقدة وتدخل ضمن «سلسلة متتالية» ينتهي الأمر بها في حساب لا يمكن تتبعه.الخبير والباحث الاقتصادي محمد يوسف لأكترنظراً لتكرار مسألة الأخطاء التقنية، والتخويف من هجمات قرصنة وغيرها، هل تتعامل البنوك مع ما يحدث بجديّة؟لم يكونوا في سويدبنك ولا في نورديا واضحين وشفافين، فلم يعقدوا مؤتمراً صحفياً، بل نشروا أنّ هناك خطأً صحفياً. كانت تصريحاتهم متخبطة. فتارة يقولون مشكلة في تكنولوجيا المعلومات، وتارة يتحدثون عن حلّ المشكلة في الليلة ذاتها، وتارة أخرى يقولون بأنّ الأمر سيستغرق أسبوع... إنّ عدم الشفافية كفيلة بتقليل ثقة الناس بسويدبنك ونورديا، خاصة أنّهما تحت المجهر بسبب الاتهامات بالضلوع في غسيل الأموال القادمة من مصادر متعددة، مثل الشرق الأوسط. كما ذكر تقرير صدر مؤخراً بأنّهما بيئة مناسبة لغسيل الأموال القادمة من روسيا.هناك الكثير من البنوك في البلد لم تتعرّض لهجومات سيبرانية، ولم تتعرّض لمشاكل تقنية، الأمر الذي يثير الشكوك في هذين البنكين.ماذا عن ردّ الفعل الحكومي؟رغم أنّ البنك قد أعلن بأنّه حقق أرباحاً بقدر 4,3 مليار كرون في الربع الأخير. لكن لا يمكن التأكد من مصداقيّة هذا الرقم، فنحن بحاجة للجنة من الحكومة كي يدرسوا وضع البنك. فالحكومة هي «عيننا» على البنك، وعلى عاتقها يقع اكتشاف ما يحدث: أهو هجوم سيبراني أم فساد داخلي.من الواضح أنّ الحكومة لم تتعامل مع الأمر بشكل جدي، وهم يتحدثون في البرلمان والحكومة عن مسائل حرية التعبير والتظاهرات، بينما يهملون كوننا بلد تعتمد على المدفوعات الإلكترونية، فما بين ٧٥ إلى ٨٠٪ من السويديين يسددون مدفوعاتهم بالبطاقة أو باستخدام خدمة التحويل سويش.يذكرنا هذا بأزمة البنوك في لبنان عندما كانت الأموال تطير من البنوك والشعب غافل. لا شيء ممّا أقوله يتعارض مع أنّ الاقتصاد حر والحكومة لا تتدخل، فاليوم هناك خلل في أحد البنوك، وعلى الدولة أن تتصرّف كحارس للمال وليست كمتفرّج فقط.إنّ ترك الأمر على حاله يعني أن يتكرر، وعندها لن نتمكن من دفع الفواتير أو الدخول إلى حساباتنا، وستتضرر قطاعات أخرى غير البنوك عندها. يرى بعض جمهور منصّة "أكتر" أنّ على الحكومة السويدية أو السلطات المختصة أن تعزز التعامل بالكاش، ما مدى صحّة هذا وهل هو ممكن في الحقيقة؟هذا صعب من الناحية العملية، فهو سيتطلّب تغيير نظام المراقبة المالية وإيجاد بديل جديد. فالمدفوعات الإلكترونية تعني سهولة في الرقابة على التحويلات ومنع التهرب الضريبي وغيره.يمكن أن يقللوا من التعاملات الرقمية في المدفوعات الحساسة، ولكن نظام الرفاه الاجتماعي هش إن لم يكن هناك رقابة على الأموال، وهو ما يمنع العودة إلى الكاش.يقول بعض ممّن قابلتهم منصّة "أكتر" بأنّ الأمر مخطط له وفقاً لما يسمّى «نظرية إعادة الضبط الكبرى لمنتدى دافوس»، التي بحسب رأيهم تريد التحضير لعمليات فوضى مالية كبيرة لتعيد بناء نظام مالي على أنقاضها، بينما يرى آخرون أنّ ذلك مجرّد نظرية مؤامرة لا أساس لها. ما رأيك في الأمر؟لا أعتقد بأنّ ذلك منطقي، فهو يشبه أن يطلقوا النار على قدميهم. كما أنّ هناك مفتشيّة الرقابة المالية finansinspektionen تعمل مثل «المخابرات» على البنوك، حيث لديهم سيطرة كبيرة على قطاع البنوك والأموال في البلد.Tomas Oneborg-SvD-TTبتقديرك الشخصي، هل يجب على السلطات المالية الحكومية أو البرلمان أن ينشأ لجنة تحقيق أو شيء من هذا القبيل لطمأنة الناس، أم أنّ ما جرى مجرّد خطأ فني والإعلام يبالغ في خطورة الموقف؟بالتأكيد يجب أن يكون هناك لجنة. ليس بالضرورة أن تكون مثل لجنة كورونا، يمكن لمفتشيّة الرقابة المالية أن تعقد مؤتمراً صحفياً لتقول بأنّها ستعدّ تقريراً يصدر خلال شهر، تقوم فيه بجرد موجودات البنك ووضعه المالي وقدرته على تغطية ودائعه أو إعلان إفلاسه. سيكون هكذا تقرير لازماً وشفافاً من أجل الناس.