في تحول ملفت وملهم في مسيرتها المهنية، تركت رئيسة القضاء السابقة والمدعية العامة بترا لوند Petra Lundh، عباءتها القضائية لتتولى مهام رئاسة الشرطة الوطنية في السويد، وهي أكبر هيئة حكومية في البلاد. لكن ما هي التحديات التي واجهتها وما رأيها بالمنصب الجديد الذي بدأت به منذ 1 ديسمبر (كانون الأول) 2023؟ لنتعرف على ذلك معاً. Foto: Jessica Gow/TT من عرض عليها هذا المنصب؟ لوند التي اشتهرت بكونها قائدة حازمة وصارمة، شغلت في أغسطس (آب) من هذا العام 2023 منصب المدعي العام، ومن ثم تولت في سبتمبر (أيلول) رئاسة محكمة سفيا العليا، وهو المكان الذي اكتسبت فيه خبرتها القضائية، مكملةً بذلك دورة مهنية مثمرة. هذه الخطوات في مسيرتها المهنية لم تكن متوقعة، لا سيما بعد تعيينها من قبل الحكومة في مايو (أيار) لتولي مسؤولية إدارة أقدم محكمة عليا في البلاد، ولكن لم يمض وقت طويل حتى جاءتها دعوة أخرى من وزير العدل، غونار سترومر Gunnar Strömmer، الذي اقترح عليها تولي منصب رئيس الشرطة، وقالت بخصوص ذلك: "لم أكن أتوقع هذا التحول. أنا لست من أفراد الشرطة، بل محامية". فمع أكثر من 35 عاماً من الخبرة في النظام القضائي، تعتبر لوند شخصية مرموقة وذات خبرة واسعة في هذا المجال، لكنها ترددت لأشهر قبل أن تقبل هذا التحدي الجديد، إدراكاً منها لصعوبة وأهمية المهمة الملقاة على عاتقها، حيث قالت: "أن تكون رئيساً للشرطة مع 38,000 موظف يُعد من بين أصعب المهام في الإدارة الحكومية السويدية. لقد كان قبول هذا المنصب من أصعب القرارات التي اتخذها في مسيرتي المهنية. ولكن في نهاية المطاف، إذا كانت الحكومة تعتبر أنني الشخص المناسب لهذا المنصب، فكان لا بد لي من المحاولة". مهام جديدة على عاتق لوند وفي مسؤوليتها الجديدة كرئيسة للشرطة الوطنية السويدية، لا تقتصر مهام لوند على إدارة واحدة من أكبر هيئات البلاد فحسب، بل تمتد لتشمل مراجعة شاملة لقانون الجرائم. وفي هذا السياق، أكدت لوند أن الدافع وراء عملها يكمن في رغبتها القوية في إحداث تحسينات وتغييرات إيجابية، وتابعت: "ما يحفزني في الوقت الراهن هو السعي لجعل السويد بلداً أكثر أماناً واستقراراً. على الرغم من أن الطريق كان طويلاً للوصول إلى ما أنا عليه الآن، ومن المتوقع أن يستغرق تغيير الأوضاع وقتاً طويلاً، إلا أنه أمر ليس مستحيلاً". وخلال مقابلتها مع وكالة الأنباء السويدية (TT) بعد أسبوعين فقط من توليها المنصب، تحدثت لوند عن تجاربها في المشاركة بمتابعة عمليات الشرطة خلال حوادث إطلاق النار التي وقعت أثناء زياراتها التفقدية، إذ وصفت الجريمة المنظمة بأنها تحدي تاريخي، وعلقت: "يجب على الدولة أن تكون قادرة على حماية مواطنيها، وهو ما نسعى لتحقيقه بكل جدية". رؤية لوند لحماية المجتمع تعتبر لوند أنه من الضروري تشديد العقوبات وإجراء بعض التغييرات القانونية، مشيرة إلى أن "هناك أشخاص خطيرين لدرجة أنه يجب إبعادهم عن الشوارع، وهذا ما لم يكن موضع تركيز في الماضي، لكن من المهم حماية المجتمع وتحقيق العدالة لضحايا الجرائم". وفي مواجهة التحديات والانتقادات، خاصةً تلك المتعلقة بإنشاء مناطق التفتيش في المناطق المعرضة للخطر، تؤكد لوند على أهمية التوازن قائلة: "المخاطر موجودة دائماً، لكن من المهم أيضاً أن نرى هذه الإجراءات كأدوات لحماية الأشخاص الشرفاء الذين يعيشون في تلك المناطق. نحتاج إلى توضيح أغراض هذه الإجراءات بشكل جلي". ومن وجهة نظر لوند، من المهم تحسين ثقة الشعب بالشرطة عبر الاهتمام بالجرائم اليومية مثل الاحتيال، السرقة، والاعتداء، بالإضافة إلى الجرائم الأشد خطورة مثل التفجيرات وجرائم العصابات، وأردفت: "يجب علينا تحسين قدراتنا في التحقيق والمقاضاة في كل هذه الأنواع من الجرائم". Foto: Jessica Gow/TT يجب التوازن بين الحياة الشخصية والعملية مع ذلك، تشدد لوند، الأم لأربعة أطفال، على أنها لا تبذل جهداً في العمل أكثر من اللازم، فقد أوضحت قائلة: "من الضروري بالنسبة لي دائماً تخصيص وقت كافٍ لعائلتي. نادراً ما أعمل في عطلات نهاية الأسبوع واحرص على العودة إلى المنزل في وقت مبكر". وترى لوند أنه من المهم إيصال رسالة إلى زملائها في العمل بأنه يمكن العمل بكفاءة وفعالية خلال ساعات العمل المحددة، وبعد ذلك، يصبح من الضروري ترك العمل والتفكير في أمور أخرى. تعتبر لوند هذا النهج ضرورياً لإعادة شحن الطاقة والحفاظ على التوازن. رسالة إلى جميع النساء ومع تحقيقها إنجازاً تاريخياً بكونها أول امرأة تتولى منصب المدعي العام في السويد عام 2018 والآن أول امرأة تشغل منصب رئيس الشرطة، تؤكد لونده أن وجودها في هذه المناصب له أهمية كبيرة، موضحةً: "لا يجب الاستهانة بأهمية الرسالة التي يتم إرسالها. من المهم أن ترى النساء الأخريات أن النجاح ممكن وأنه يجب عليهن التجرؤ على تحمل مسؤوليات كبيرة".