عندما اقترب الثوار من دمشق وسيطروا على العاصمة، لم يتبقَ أمام بشار الأسد سوى خيار واحد: الفرار. مشاهد الفوضى التي أعقبت سقوط النظام لم تترك سوى بقايا حياة مترفة كان يعيشها الديكتاتور، بينما كان ملايين السوريين يعانون من ويلات الحرب الأهلية التي امتدت لأكثر من عقد. ليلة الفرار: رفاهية مهجورة في قصره الفخم وسط دمشق، كان بشار الأسد يعيش حياة من الرفاهية المطلقة. ولكن عندما أصبحت العاصمة في متناول قوات المعارضة، غادر الأسد وأفراد عائلته القصر على عجل، تاركين وراءهم مشاهد من الثراء الذي بدا وكأنه من عالم آخر.بحسب صحيفة "VG" النرويجية، فإن الأسد فرّ إلى روسيا، تاركًا قصره عرضة للنهب من قبل سكان عانوا طويلاً من الفقر والقهر تحت حكمه. قصر تحول إلى رمز للانتقام ما إن انتشر خبر سقوط القصر حتى اقتحمه السكان، الذين كانوا يبحثون عن أي شيء يعبر عن الانتصار على نظام عاشوا تحت وطأته خمسين عامًا.الأحواض الفارغة التي كانت تحوي أسماك الزينة، الأسرّة التي سُلبت من مراتبها، والأجهزة المنزلية المفقودة، كانت كلها مشاهد تعكس انهيار رمز القوة الذي كان يمثله القصر. وعلى جدران مكتبة الأسد، كُتبت عبارات مثل: «روحك ملعونة يا أسد»، تعبيرًا عن غضبهم من سنوات القمع. ذكريات ترف وحياة مزدوجة بين الحطام، عُثر على صور شخصية تكشف جانبًا من حياة الأسد التي كانت غامضة للسوريين. في الصور، يظهر الأسد يلهو في الثلج، ويستمتع بالسباحة، ويتناول الطعام في حفلات خاصة.لكن تلك الصور كانت تمثل تناقضًا صارخًا مع واقع الشعب السوري، الذي عانى من قصف المدن ودمار المنازل، وهرب بالملايين بحثًا عن الأمان في بلدان أخرى. أنفاق وبنكرات لم تُستخدم داخل القصر، قاد أحد مقاتلي المعارضة، يدعى عبدالحكيم، فريق صحيفة "VG" إلى شبكة من الأنفاق المخفية تحت الأرض.تتصل هذه المخابئ المحصنة بقصور أخرى تعود لعائلة الأسد في الحي ذاته. في أحد المخابئ، كانت هناك غرف نوم، مطابخ، ومناطق معيشة مهيأة لاستيعاب العائلة لأسابيع. شهادات من الناجين عبدالحكيم، الذي فقد أفرادًا من عائلته بسبب قمع النظام، قال للصحيفة: «لقد صدمت من هذا الكم الهائل من الرفاهية. لم أرَ شيئًا مشابهًا في حياتي. النظام قتل والدي وشقيقي وأفرادًا من عائلتي».أما علا رداوي، وهي من سكان الحي القريب من القصر، فوصفت سنوات من العيش في البرد والظلام بسبب نقص الكهرباء، مضيفة: «أطفالي كانوا يبكون كل ليلة من البرد القارس. كنا نعيش في الجحيم بينما كان الأسد يعيش في هذه الفخامة». دعوة لتحقيق العدالة رغم فرار الأسد إلى موسكو، لم يهدأ غضب السوريين. تقول علا: «نريد أن نراه يعود ليواجه العدالة. يجب أن يحاكم في سجن صيدنايا، حيث قتل النظام آلاف الأبرياء. فقط عندها سنشعر أننا حققنا حريتنا». سقوط دمشق وفرار الأسد يفتحان فصلاً جديدًا في تاريخ سوريا. وبينما يحتفل البعض بالانتصار، يبقى الأمل في تحقيق العدالة والإصلاح في بلد عاش لعقود تحت حكم الحديد والنار.