طلاب جامعة يوتوبوري: من أجل فلسطين ولأجل الديمقراطية في السويد! image

عروة درويش

5 دقائق قراءة|

أخر تحديث

طلاب جامعة يوتوبوري: من أجل فلسطين ولأجل الديمقراطية في السويد!

سياسة

Aa

جامعة يوتوبوري

طلاب جامعة يوتوبوري: من أجل فلسطين ولأجل الديمقراطية في السويد!

تشهد جامعة يوتوبوري Göteborgs universitet منذ شهور اعتصاماً طلابياً لدعم الشعب الفلسطيني والمطالبة بقطع العلاقات مع «إسرائيل» وتطبيق قرار محكمة العدل الدولية التي تحدثت عن وجود "إبادة الجماعية" محتملة ترتكبها «إسرائيل» في غزة. يهدف الاعتصام، الذي يجمع مئات الطلاب من خلفيات وتخصصات مختلفة، إلى إرسال رسالة واضحة تؤيد الوقوف إلى صفّ حقوق الإنسان والقانون الدولي. لكنّ هذا الحراك الطلابي، مثل معظم الأنشطة المؤيدة لفلسطين في السويد، لا تخلو من التحديات التي يواجهها المعتصمون من الإدارة والسلطات المحلية.

منذ 14 مايو 2024 هناك أكثر من عشرين خيمة للمعتصمين أمام المبنى الرئيسي لجامعة يوتوبوري في Vasaparken.

تنوّع المشاركين واتساع الحراك

عندما تحدّثتُ مع طه، أحد منظمي الاعتصام الرئيسيين، أخبرني بأنّ الحراك يشمل طلاباً من مختلف الكليات والتخصصات، بما في ذلك الطب، القانون، العلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية. إنّ كون الحراك ليس مقتصراً على الطلاب العرب والمهاجرين، بل يضمّ أيضاً طلاباً سويديين وآخرين من جنسيات متعددة، يعني بأنّ الشباب الأكاديمي السويدي يمكنه تمييز القضايا المحقّة ومساندتها، وهذه هي قضيّة الشعب الفلسطيني الذي يعاني من عدم تطبيق قرار الشرعية الدولية.

يقول طه، بأنّه حتى الآن، حصل المعتصمون على دعم من أكثر من 439 طالباً، بالإضافة إلى 200 باحث وموظّف من جامعة يوتوبوري.

إدارة الجامعة والطلّاب

من ضمن المطالب الرئيسيّة للطلاب والأكاديميين المحتجين والمعتصمين هي أن تقطع جامعة يوتوبوري علاقتها مع الجامعات «الإسرائيلية»، وأن تقدّم الدعم للباحثين الفلسطينيين أسوة بما فعلته الجامعات السويدية مع الباحثين في أوكرانيا.
 

رئيسة جامعة يوتوبوري بصحبة الملكة سيلفيا في 10 سبتمبر 2024

إنّ التصريحات العلنية لرئيسة الجامعة مالين بروبيري Malin Broberg، المنشورة في الموقع الرسمي للجامعة منذ 20 مايو 2024، هي: «أنا أتفهم تماماً أنّ الناس يريدون التعبير عن غضبهم وإحباطهم إزاء ما يحدث. وبصفتنا جامعة، فإننا ندعم حرية التعبير، وهو ما يعني حق جميع الأفراد في استخدام أصواتهم بحرية لإحداث فرق. ولا شكّ في هذا».

لكنّ بروبيري تتابع كأنّها تريد إخلاء المسؤولية عن نفسها وعن إدارتها، وتقول بأنّ أمر المقاطعة من عدمه ليس بيد الجامعة بل بيد الحكومة السويدية: «إن مهمتنا تتلخص في إجراء التعليم والبحث، وليس المشاركة في المقاطعة أو الإدلاء بتصريحات تتعلق بالسياسة الخارجية، وهو ما يريده المحتجون. ولابد أن تظل الجامعة، كمؤسسة، خالية من الضغوط الخارجية. وهذا يعني أنه لا يمكن للطلاب أو الموظفين أو المجتمع ككل أن يطالبوا الجامعة، كسلطة، باتخاذ موقف بشأن قضايا محددة. ولكي تتمكن الجامعة من إنهاء جميع أشكال التعاون مع دولة ما، يتعين على الحكومة السويدية أن تصدر تعليمات للجامعة للقيام بذلك. وكانت هذه هي الحال، على سبيل المثال، أثناء الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا، وهي المقارنة التي يتم إجراؤها في كثير من الأحيان…».

لكن لا يبدو أنّ الطلاب المحتجين قد اقتنعوا بحديث رئيسة الجامعة، خاصة أنّهم ينظرون إلى جامعتهم بأنّها مؤسسة ديمقراطية يجب أن يكون لهم قدرة في التأثير على قراراتها، وأنّ الجامعة لديها مسؤولية أخلاقية تجاه القيم العالميّة. يقول طه: «في البدء، اجتمعت بنا رئيسة الجامعة وأخبرتنا بأنّ وزير التعليم ماتس بيرشون Mats Persson قد اتصل بها وأخبرها بأنّه يُمنع على الجامعة أن تتخذ أيّ إجراء للمقاطعة. لكننا نعلم جميعاً أنّ الجامعة هيئة مستقلّة، ويمكنها أن تتخذ القرارات المناسبة لها، لكنّ رئيسة الجامعة تريد الحفاظ على منصبها وعدم إغضاب الموجودين في السلطة. خاصة أنّها تراجعت بعد ذلك عن أقوالها لنا وأنّ سياسة الجامعة الداخلية هي من تتطلّب موافقة الحكومة».

أضاف طه بأنّ المشكلة مع إدارة الجامعة لم تقتصر على ذلك فقط، بل على محاولة التهميش والتجاهل المستمرة، فهم يتعاملون مع المحتجين بشكل مستفز ومثير للانزعاج، ناهيك عن أشياء أخرى مثل إزالة الإعلانات عن التظاهرات، أو البوسترات المؤيدة لفلسطين دون غيرها.

تصعيد الحملة والتحديات

لم تكن التحديات التي يواجهها المعتصمون مقتصرة على رفض إدارة الجامعة لمطالبهم. فقد شهد الاعتصام محاولات عديدة من أحزاب يمينية للتدخل وفض التجمع عبر استدعاء الشرطة، أو تشويه مطالبهم بالكتابة عنهم بأنّهم إرهابيون ويدعمون الإرهاب.

طه، من المنظمين الرئيسيين للاعتصامات في جامعة يوتوبوري

 يقول طه أيضاً بأنّ المعتصمين واجهوا صعوبات من حيث تقييد حرية التعبير داخل الجامعة. فقد ذكر أنّ الطلاب لم يعودوا قادرين على تعليق إعلانات أو ملصقات لدعم فلسطين داخل الحرم الجامعي. ومحاولات بعض أفراد أمن الجامعة إزعاجهم رغم وجودهم في بعض الأحيان على أرضٍ عامة، لدرجة أنّ الشرطة جاءت في إحدى المرات وأخبرت الحارس الأمني في الجامعة بأنّهم لم يكسروا أي قانون.

كما تعرض بعض الطلاب للتمييز بسبب ارتداءهم الكوفية الفلسطينية، حيث مُنعوا في مناسبة من دخول الحمامات خلال زيارة الباحثة مايا ويند Maya Wind في سبتمبر، بدعوى "الإجراءات الأمنية". المثير للسخرية أنّ زيارة ويند كانت لمناقشة كتابها الذي يحمل عنوان: "أبراج من العاج والفولاذ: كيف تنكر الجامعات الإسرائيلية حرية الفلسطينيين".

أو كما يضيف طه: عندما زارت الملكة سيلفيا الجامعة في 30 سبتمبر من أجل حضور مناقشة حول الصحة العقلية، أدخلوها من باب آخر ومنعوا المعتصمين من التحدّث معها أو لقائها، وذلك أيضاً بدواعٍ أمنيّة.

دفعت هذه الأحداث الطلاب لتحويل تركيزهم من مجرد دعم فلسطين والوقوف إلى صفّ القانون الدولي، إلى اقتناعهم بأنّ قضيتهم الآن باتت أكثر مباشرة، وهي الدفاع عن حقهم الديمقراطي في التظاهر وحرية التعبير.

لكن من ناحية أخرى، عندما سألتُ طه عن وضعهم مقارنة بوضع طلاب جامعة تشالمرز، وهم الذين سأخصص مقالاً آخر للحديث عن احتجاجاتهم، قال لي: «نحن يتمّ تجاهلنا ومحاولة التعمية على نشاطاتنا. لكن في تشالمرز يواجهون الشرطة ومحاولة الاعتقال».

مطالب الطلاب

يشدد طه على أنّ مطالب الطلّاب الرئيسية هي تتمثل مطالب المعتصمين الرئيسية في ثلاثة نقاط أساسية:

  1. قطع العلاقات مع الجامعات «الإسرائيلية»: يطالب الطلاب إدارة الجامعة بقطع التعاون الأكاديمي مع المؤسسات «الإسرائيلية»، تماماً كما فعلت الجامعات السويدية في دعمها لأوكرانيا خلال الحرب.
  2. إدانة الإبادة الجماعية: يصرّ الطلاب على ضرورة أن تتخذ الجامعة موقفاً واضحاً بإدانة ما يحدث في غزة كجرائم حرب محتملة، وذلك بما يتفق مع قرارات محكمة العدل الدولية التي أشارت إلى ذلك بشكل صريح.
  3. دعم الباحثين الفلسطينيين: يطالب المعتصمون بأن تقدّم الجامعة الدعم للباحثين والطلاب الفلسطينيين، على غرار ما قدمته للأوكرانيين.

مستقبل الاعتصام

رغم تجاهل إدارة الجامعة للمطالب حتى الآن، فإن الحراك الطلابي السلمي يكتسب زخماً متزايداً. أكّد طه أنّ الاعتصام مستمر، وأنّ هناك تواصلاً مع أمينة المظالم التي أبدت قلقها من تصرّفات الجامعة.

بعض الاحتجاجات في مدينة يوتوبوري

ورغم بعض التصرفات غير القانونية البسيطة، مثل قيام محتجين في يونيو الماضي بتقييد أنفسهم داخل حرم الجامعة، بهدف لفت الانتباه إلى قضيتهم، وقيام الشرطة بإخراجهم، فإنّ الطابع السلمي هو المميّز لهذا الاعتصام، والذي قال عنه طه: «إنّه الأطول في تاريخ السويد».

يشدّد طه بأنّه هو وبقيّة الطلاب باتوا مقتنعون بأنّ إدارة الجامعة باتت في موقف محرج، خصوصاً بعد تقديم مئات الموظفين في الجامعة دعمهم الخطّي للحراك، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على الجامعة للاستجابة لمطالب المعتصمين. 

كما أنّ بعض الأساتذة والباحثين، وهم: Helena Lindholm و Annika Lindberg و Mikela Lundahl Hero و Pernilla Myrne و Catharina Thörn وHåkan Thörn، قد كتبوا مشكورين مقالات خاصة بهم يشرحون بها سبب دعمهم للاحتجاجات والاعتصامات في الجامعة.

وكما هي عادتنا في "أكتر"، سنستمرّ في تقديم الدعم الإعلامي للمعتصمين والمحتجين الداعمين لقضيّة فلسطين التي لن يتمّ حلّها دون تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وفرض حلّ الدولتين، ولجميع الذين يريدون إيصال آرائهم ومواقفهم بما يتفق مع القوانين والقيم السويدية الأصيلة، وليس تلك التي يحاول اليمينيون فرضها.

شارك المقال

أخبار ذات صلة

لم يتم العثور على أي مقالات

المزيد

ستوكهولم
مالمو
يوتوبوري
اوبسالا
لوند
لم يتم العثور على أي مقالات