قد يبدو الأمر للوهلة الأولى بسيطاً أو بديهياً للكثير منا، فإذا سُئلنا ما الذي يوجهنا في اختياراتنا في الحياة، تلعثمنا وأخذتنا الحيرة، لذلك تبينا لكم من خلال مقابلات مع فيلسوف وكاهن وعلماء نفس الطريق الصحيح الذي يجب أن نتبعه في اختياراتنا الصعبة في الحياة.هل تريد أن تعيش أم تموت؟قد يخطر ببالك للوهلة الأولى رجل عصابة يوجه مسدس نحو رأسك، ومع أنه الاختيار سهل في هذه الحالة ما بين طلب الموت أو الحياة، إلا أن الاختيارات الصعبة في حياتنا تجعلنا نشعر بالطريقة ذاتها، حيث يجعلنا القرار عالقين أمام هذا الاختيار النهائي الذي سيغير حياتنا.يقول الكاهن أول كارلسون Olle Carlssons: «في بعض الأحيان نضطر إلى الاختيار، أحاول مساعدة شخص مصاب بمرض خطير لديه وقت قصير للعيش واقناعه ألا يموت مسبقاً حينها يختار معظم الناس العيش».التقى كارلسون طوال حياته العملية بأشخاص في حيرة ويأس واستسلام، ومنهم من أراد الانتحار ويحتاجون إلى الابتعاد عن العلاقات المدمرة أو مواجهة قرارات صعبة أخرى.لكن الكاهن أول كارلسون لا يجيب أبداً عن الأسئلة حول ما يريد الله منا فعله، حيث يقول: «قد يراني الناس كممثل لله بينهم، لكن ليس لدي الحق في اتخاذ القرار لشخص ما أبداً، في رأيي، عليك أن تتخذ هذه الخطوة بنفسك».المشاعر والأفكار الداخلية هي المفتاحمن جانبهما، يواجه عالما النفس ميمي ويلبراند Mimmie Willebrand وكلايس جونسون Claes Jonsson أشخاصاً لا يعرفون ماذا يفعلون في الحياة، ويتعلق الأمر غالباً بالبقاء أو ترك زواجٍ أو عملٍ أو وضعٍ اجتماعي.ويقول عالم النفس جونسون: «عند التفكير في قرار مصيري، ينتهي بنا الحال نفكر بطريقةٍ منطقية لتحديد الخيار الأفضل، أو قد نعجز عن ذلك فنتجه لشخص آخر لنعرف رأيه».ويشير جونسون إلى أنه من الصعب أن ننظر إلى ذواتنا ونرى حقيقة شعورنا بطريقة واضحةٍ جداً، ولكن ما أن يستطيع الشخص إيجاد إحساس داخلي اتجاه حياته وقراره، تخرج الأفكار والكلمات ويغدو الأمر أكثر بساطةً.ومن ناحيتها تؤكد ميمي ويلبراند على أهمية الانتباه للعواطف والأفكار والجسد، حيث من المهم أحياناً أن نتوقف قليلاً ونتخيل أنفسنا في السيناريوهات المختلفة وعندها ننظر إلى جسدنا ونسأل عن المشاعر التي انتابتنا أو الأفكار التي وردت إلينا، وإذا ما نظرنا بانتباه لكل هذه التفاصيل، سنفهم أفضل ما يعنيه هذا الاختيار بالنسبة لنا.وتقول ويلبراند: «عندما ينظر العميل بعمق إلى مشاعره ويتوقف عن الاستماع إلى ما يعتقده الآخرون، يصبح القرار في كثير من الأحيان أسهل بكثير».مع ذلك تشير عالمة النفس إلى ضرورة أخذ القرارات الفكرية بعين الاعتبار حينما ننظر لمشاعرنا، هل هنالك أشخاص آخرون يجب أن أقلق بشأنهم؟ أطفال مثلاً؟ هل يمكنني تحمل الإيجار والطعام؟.ولتبسيط الأمر وضعت ويلبراند أربعة أجزاء مختلفة للنظر فيها وهي الاحتياجات المادية والاحتياجات الاجتماعية والاحتياجات الشخصية والقيم الشخصية.تشرح عالمة النفس ويلبراند، أن الكثيرين يعلقون في اختياراتهم خائفين، ولكن من الأسهل أن نحول ذلك إلى قرار عملي في حياتنا، وأن نقبل أن ما نحن عليه يتطور باستمرار، وهذا لا يعني أن الاختيار غير مهم، ولكن ما نختاره غير أبدي وغالباً ما توجد طرقٌ أخرى للمضي قدماً.قال الفيلسوف جان بول سارتر Jean-Paul Sartre: «إن عدم الاختيار هو الاختيار أيضاً لذا من الشائع يبقى الناس على ما هم عليه دون أن يمتلكوا الشجاعة لاتخاذ قرار».وتقول ويلبراند، إنه من الضروري أن يبقى الشخص فترةً في الحالة قبل اتخاذ القرار، ولكن ما هو أكثر أهمية أن لا يسترخي المرء فيها وأن يكون قادراً على أخذ القرار بتغيير الأمور.وتؤكد العالمة أيضاً أن الكلمات مثل "أصبحت اختياراتك" أو "أنت مؤلف كتاب حياتك" تساعد على تصور ما يعني أن تشكل حياتك وتعيشها وفقاً لإرادتك. وتقول: «لكي نكون قادرين على اتخاذ القفزة، يجب أن نثق في أنفسنا ونثق في الآخرين والحياة. علينا أن نعتقد أن الأمور ستنجح بطريقة ما على الرغم من أن المستقبل غير مؤكد».قيمنا هي هويتناسيباستيان رينمان Sebastian Rehnman، فيلسوف وأستاذ الفلسفة في جامعة ستافنجر Stavangers، لديه محادثات فلسفية حول اختيارات الحياة أيضاً.يقول رينمان: «يأتي الناس إليّ بكل أنواع الأسئلة الأخلاقية والوجودية التي تثيرها الحياة. ونبحث بشكل مشترك في ما هو على المحك. أحياناً نجد حلولاً وأحياناً نجد أنه ربما يجب أن نفهم المشكلة بطريقة مختلفة؟ وفي بعض الأحيان نجد أنه لا يمكننا إيجاد الحلول، ولكن من المهم هنا أن نتحلى بالشجاعة في الحياة وأن نحيا. عش بالرغم من البؤس إذا لم تتمكن من تغييره».ويشير الفيلسوف، إلى أننا نجعل الأمر صعباً على أنفسنا حينما نفكر في اختيارين فقط، لكن بالتفكير في عدة خيارات مختلفة ومتنوعة يمكننا أن نصبح أكثر انفتاحاً وتقبلاً لتجربتنا وبذلك نفهم ما هو الخيار الأفضل في ظروفنا.ومع ذلك، هنالك أشخاص يعانون من القلق الذي يجعل من الصعب عليهم الاختيار من بين جميع الخيارات في الحياة. ويرون الأمر من ناحية واحدة فقط، إذا كنت هنا فأنا لست هناك.يقول رينمان إن الشيء المهم هو التمسك بقيمي الشخصية، كيف أعيش؟ ما الذي أقدره في حياتي وما الذي أعارضه؟ هذا هو ما يعبر عن هويتي وعمّا أريد أن أكون.ختاماً إن القاسم المشترك بين الفيلسوف وعلماء النفس والكاهن هو أن الاستماع إلى داخلك وقيمك ومشاعرك هو ما تبني عليه خياراتك لتكون صحيحة. وحتى إذا تبين في المستقبل أنك اخترت خطأً، فستبقى تشعر بشعور أفضل لأنك اخترت بطريقتك وبحسب ما رأيته مناسباً حينها.