شركة سمبر Semper السويدية، بعد أكثر من 80 عاماً، قد تغلق مصنعها في مدينة يوتني Götene، لتترك ورائها أكثر من 190 عامل وموظّف عاطلين عن العمل. يقول عمّار "اسم مستعار" بأنّه بدأ العمل في المصنع بعد عامٍ من قدومه إلى السويد منذ 8 أعوام، وبأنّه اليوم سيبقى دون عمل، ليستغرب سبب الإغلاق مع أنّ المعمل، كما يقول: "فاعل ويحقق الأرباح، وهو الوحيد من نوعه في السويد".أخبرنا عمّار بأنّه تمّ إبلاغ جميع الموظفين في المعمل الشهر الماضي (يناير) بنيّة إغلاق المصنع. يضيف عمّار بأنّ المصنع الذي تمّ بناؤه في الأربعينيات في المدينة، تمكّن من تأمين فرص عمل للكثير من الوافدين الجدد إلى السويد، وسمح لهم بالاندماج وتعلّم اللغة وثقافة العمل هنا، لكنّ هذا كلّه دون معنى اليوم.يقول روبرت بودر Robert Buder، وهو عامل آخر في المصنع مضى عليه في عمله أكثر من 25 عام، بأنّ: "قائد القوات المسلحة والحكومة يحذران من الحرب ويدعوان للاكتفاء الذاتي، وبأنّ الجميع يشترون الشموع وراديو الطوارئ، لكن ما أهميّة هذا عندما لا يمكننا إيجاد غذاء للأطفال!".لا علاقة له بالربحما الذي يدفع شركة تحقق الأرباح للتفكير بإغلاق مصنعها ونقل إنتاجها إلى الخارج؟ لإيجاد الإجابة تواصلتُ مع المسؤولة الصحفية لدى شركة سمبر Semper: آن ليندفلت Anne Lindfeldt، والتي أجابت: "لا يوجد قرارٌ نهائي بعد. نيتنا هي إغلاق مصنع Götene، ومازلنا في مفاوضات مع النقابات". أضافت ليندفلت أنّ: "هذا لا يتعلق بالأداء أو العمليات أو الموظفين، بل هو نتيجة التغيير في الاستراتيجية والظروف الخارجية".يبدو أنّ "الظروف الخارجية" التي تحدثت عنها ليندفلت ترتبط بشكل رئيسي بتحقيق توقعات دفعت الشركة منذ البدء للاستثمار في المصنع. فالشركة المملوكة لـ Hero Group قررت في 2017 أن تستثمر في المصنع بناء على التوقّعات في ظروف تلك المرحلة، ولكنّ عوامل خارجية "بما في ذلك انخفاض استهلاك حليب الأطفال الصناعي، وانخفاض معدلات المواليد، وارتفاع التضخم" منعت حصول الشركة على النتيجة التي توقعتها. كما أنّ توقعاتهم قاتمة أكثر بحلول 2026.الأمر الآخر الذي يبدو غائباً عن الكثير من التغطية الإعلامية لما يحدث، شرحته ليندفلت بإسهاب، ويمكننا إيجازه بالقول بأنّ التركيز الاستراتيجي للشركة تشمل فئتين رئيسيتين في بلدان الشمال: فئات أغذية الأطفال، والوجبات الخفيفة الصحية. وأنّ المصنع في يوتني لا ينتج سوى 20٪ من أحجام الإنتاج التي تقع ضمن الفئات الرئيسية، وبالتالي "فنسبة 80٪ المتبقية من الحجم ليست جزءاً من المجموعات الرئيسية التي تركز عليها المجموعة.لكن بغض النظر عن السبب، ما الذي سيفعله العمّال بهذا الخصوص؟ من أجل الإجابة عن هذا السؤال، تواصلتُ مع نقابة Livsmedelsarbetareförbundet التي تمثّل عمّال الشركة وتتفاوض معها بالنيابة عنهم، وسألتهم عن الإجراءات المحددة التي تتخذها النقابة للتخفيف من الآثار على الموظفين والمجتمع المحلي. وإن كان هناك أي مبادرات لدعم العمال المتأثرين من خلال برامج إعادة التدريب، أو خدمات التوظيف، أو المفاوضات بشأن حزم نهاية الخدمة التي تعكس تفانيهم ومساهماتهم؟كان الردّ من الرئيس الثاني للنقابة يولان فينبيري Jolan Wennberg، والذي بدا متحفظاً في إجاباته بسبب دخوله في مرحلة المفاوضات مع الشركة، حيث قال: "بأنّ المفاوضات المحلية مستمرة، وبالتالي فإنّ تحديد أيّ إجراء سيعني استباق نتيجة التفاوض حول الآثار المترتبة على قرار المجموعة المالكة".ماذا عن العمّال؟لا يمكن تغطية هذه المسألة من وجهة نظر الربح والخسارة فقط، فلدينا عمّال سيفقدون عملهم. ما هي الخطوات لتقليل خسارة هؤلاء، وما هي الإجراءات الرسمية التي قد تمنع حدوث مثل هذه الأمور في المستقبل؟ أجاب يولان فينبيري من النقابة عن مقترحات النقابة لعدم تكرار هذا السيناريو: "لقد حددنا ثلاث نقاط نرى أنّها إجراءات معقولة للحد من نقل إنتاج الغذاء: الأولى: تقديم متطلب المبيعات كخيار أول قبل إيقاف ونقل إنتاج الغذاء المربح. الثانية: جعل الشركة التي على وشك الإغلاق تتحمّل كلفة الانتقال بأكملها، ويشمل ذلك جميع تكاليف التدريب والجهود الانتقالية، بالإضافة إلى أي إعانات بطالة. الثالثة: تقديم رسوم الإغلاق التي يجب على الشركة دفعها للدولة".لكنّ شركة سمبر، على لسان المتحدثة الصحفية، تقول بأنّ الشركة تدرك بأنّ "الوضع صعب على الموظفين، ولهذا هم متواجدون من أجلهم ومستعدون للإجابة عن أيّ أسئلة قد تكون لديهم". علاوة على ذلك، ستضمن الشركة "دعم كلّ من يرغب بذلك من حيث المساعدة في التدريب والمشورة والتحضير للعثور على عمل بديل".هل لدى النقابة خطط ضغط أخرى؟ماذا عن الرأي العام، هل يمكن حشده من أجل الضغط المستقبلي لإقرار الإجراءات التي تقترحها النقابة؟ هل يمكن أن نشهد حملات توعية للمستهلكين بأهمية دعم الإنتاج المحلي والحد من الاستعانة بمصادر خارجية، وأثر ذلك على التوظيف والاستدامة والاعتبارات البيئية؟يقول الرئيس الثاني للنقابة فينبري بأنّ احترام المفاوضات الجارية مع شركة سمبر تمنعه من التعليق على العواقب المحتملة لإغلاق المصنع تحديداً. لكنّ فينبري أضاف: "لكن منظور عام، يمكننا أن نلاحظ أن سلوك المستهلك يلعب دوراً في القرارات المتعلقة بالإغلاق والاستعانة بمصادر خارجية. نعلم أيضاً أنّه بالنسبة للمستهلك يعد الإنتاج المحلي والاستدامة أمراً هامّاً".لكنّ المشكلة هنا كما وضّح فينبري هي في "التغطية التي يمكنها أن تحافظ على اهتمام وسائل الإعلام، وبالتالي الجمهور، على مدى فترة طويلة. ففي مجتمع المعلومات سريع الخطى اليوم، هناك حاجة إلى زاوية أو موضوع جديد باستمرار لأي شيء حتى يكتسب الاهتمام. نحن نعمل باستمرار على تطوير اتصالاتنا مع التركيز على الاستدامة طويلة المدى، ولكننا نستخدم أيضاً الحملات اعتماداً على الموضوع".في هذا الوقت، تحافظ Livsmedelsarbetareförbundet على حوار مستمر مع الممثلين السياسيين البارزين، وكما يوضّح فينبري، فهذا الحوار: "قد يميل بالاعتماد على الظروف السائدة إلى أن يكون حواراً فردياً. ما نؤكده في المقام الأول هو الحاجة إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي داخل البلاد، مع لفت الانتباه إلى المخاوف العالمية، ويمكن أن يكون فيروس كورونا وآثاره مثالاً".كيف تضمن الشركة المعايير ذاتها في الخارج؟شعار شركة سمبر هو: "لكل شخص الحق في الحصول على غذاء جيد"، ويمكننا أن نفهم أنّ معايير إنتاج الغذاء في السويد تضمن جودة الغذاء، فكيف يمكن ضمان هذه الجودة عند نقل الإنتاج إلى الخارج؟ علاوة على ذلك، كيف يمكن ضمان تحقيق أهداف الاستدامة الغذائية والبيئية أيضاً؟تقول مسؤولة سمبر الصحفية، ليندفلت، عن ذلك بأنّهم يختارون المواد الخام بناء على الجودة الأفضل وليس بناء على أيّ معيارٍ آخر. الأمر الآخر الذي يضعونه في الاعتبار هو مدى قرب أصل المكونات من منشآتهم، وذلك بغية تحقيق الاستدامة.ربّما الأهمّ في هذا السياق، وفقاً لليندفلت، أنّ جودة أغذية الأطفال يتمّ ضمانها من خلال "التشريعات الأوروبية"، ولهذا سيتمّ مراقبة منتجات سمبر بشكل صارم كما هي الحال الآن دون تغيير، وسيستمرّ تكييف اختيار المكونات والتركيب بحيث تساهم أغذية الشركة الخاصة بالأطفال في منحهم حالة غذائية جيدة.لا ترى ليندفلت أنّ نقل الإنتاج سيؤثر بأيّ شكل على جودة المنتجات، وهي تقلل من قيمة المخاوف من ذلك، حيث تقول: "لدى عملائنا ولاء كبير للعلامة التجارية بسبب الجودة التي نقدمها. سوف نضمن نفس الجودة والنكهات للمساهمة في بداية جيدة في الحياة لهذه الأجيال القادمة. عندما نسأل المستهلكين، فإنّ علامة Semper التجارية ترتبط بالثقة والتغذية والجودة وليس بمكان إنتاجها. كمثال، نرى قبول المستهلك الكامل لمنتجات أغذية الأطفال التي يتم تصنيعها في إسبانيا".