لم تكن تدرك الشابة نور أتيم يوماً أن حياتها ستنقلب رأساً على عقب، عندما اضطرت هي وعائلتها إلى الفرار من سوريا عام 2015 واللجوء إلى كندا هرباً من الحرب. لكن هذا لم يحبط عزيمتها، وفتح لها باباً إلى حياة جديدة مكنتها من أخذ الفرصة وتحقيق حلمها.على خطة والدها وجدها، لطالما تمنت نور أن تصبح قائد طائرة، لتتمكن من الوصول إلى ما طمحت إليه في كندا وهي الآن قائدة طائرة في إحدى شركات الطيران التجارية، وهي مهنة لم تكن تعتقد أنها ممكنة بالنسبة لها، كما ساعدتها على التواصل بطريقة خاصة مع والدها الراحل.المهاجرة نور أتيم في صغرهاتقول نور للـ بي بي سي: «لطالما كنت أرغب بالسفر مع والدي على متن الطائرة، لكنه توفي عندما كان عمري لا يتجاوز الخامسة». وتضيف: «كان أبي طياراً، يعمل في الخطوط الجوية السورية، لذا فالسفر بالطائرة إلى دمشق يوماً ما، سيكون شيئا خاصاً ومميزاً حقا بالنسبة لي».رحلة الوصول للهدف لم تكن سهلةعملت نور في البداية في وظيفيتين حتى تتمكن من تمويل تكاليف دراستها، موظفة استقبال في مكتب طبيب، ونادلة في مطعم، إضافةً إلى جمعها مبلغاً مالياً من خلال حملة تمويل جماعي، حيث تواصلت نور حتى مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وكان ذلك خلال فعالية عامة أقيمت في مونتريال.فضلاً عن اقتراض بعض المبالغ من الأصدقاء والأقارب.المهاجرة نور أتيمفي هذا الصدد، تقول نور للـ بي بي سي: «كان ترودو يزور مكتبة محلية، فذهبت إلى هناك، وأنا أحمل صورتي مع أبي، وأخبرته أنني أريد أن أصبح قائدة طائرة مثله». وتتابع: «أحالني السيد ترودو إلى عضو البرلمان المحلي، لكن لم يكن هناك الكثير مما يمكنهم فعله، لأنني لم أكن مواطنة كندية». لكنها من حينها حصلت على الجنسية الكندية.وفي سبتمبر/ أيلول عام 2018، حصلت نور على شهادة تؤهلها لقيادة الطائرات، وبعدها بعام بدأت العمل مدربة طيران قبل أن تنضم إلى شركة تشغل رحلات جوية في مناطق نائية في شمالي كندا. لكنها كانت تضع نصب عينيها العمل مع "إير إنويت Air Inuit" فقد أعجبت بعمل الشركة مع المجتمعات المعزولة، ووجدته ملهما. تقول نور: «هذه الشركة هي شريان الحياة بالنسبة لتلك المجتمعات، فلا يمكن الوصول إلى مناطقها إلا عن طريق الجو. وهذا يجعل عملنا خدمةً أساسيةً لا غنى عنها». وتضيف: «إنه شعور خاص جداً، أن تطير خدمةً لهدف، أو قضية».وتوضح نور للـ بي بي سي قائلةً، إن الظروف المحيطة بهذا العمل تتطلب شجاعةً وقلباً قوياً.في السياق ذاته، تقود نور طائرتها في الليل، محلقةً فوق مساحات لا نهائية من الغابات المعزولة والسهول الجليدية، من دون أن ترى ضوءاً يلوح في الأفق، بينما تحاول تحديد ممرات الهبوط سيئة التجهيز والإضاءة، مقارنةً بالمطارات المعتادة. ويترافق ذلك عادةً مع رياح ناشطة، ودرجات حرارة منخفضة، يمكن أن تصل بسهولة خلال الشتاء إلى 40 درجة مئوية تحت الصفر.تقول نور: «لا شيء يمكن أن يمنحك إحساساً بالسيطرة أكثر من قيادة طائرة. ويزداد هذا الشعور قوةً عندما يكون غالباً باستطاعتك أن ترى أضواء الشفق الشمالي». وتضيف مازحةً: «بل طوال الوقت!».[READ_MORE]