في السنوات الأخيرة بتنا نسمع الكثير – وخاصة من غير المختصين على وسائل التواصل الاجتماعي – بأنّ علينا أن نأخذ فيتامينات ومتممات غذائية، وخاصة فيتامين "د". لكن في الحقيقة وكما قالت الصيدلانيّة رشا درويش لفريق "أكتر" تعليقاً على الذين يتناولون هذه المغذيات بشكل عشوائي: «إذا ما كنت حامل أو في تحاليل بتثبت العوز بالفيتامينات فبس نحنا عم نحوّل بولنا لمصدر غني بالفيتامينات...».في 2021، قدّرت دراسة أنّ قيمة تجارة المتممات الغذائية في سوق شمال أمريكا وحدها تبلغ 50 مليار دولار. لكن المشكلة ليست في عدم فاعلية هذه المتممات فقط، بل في كونها ضارة أيضاً. Knut Falchإقياء وأعراض أخرىفي تقرير طبي نُشر هذا الشهر يوليو/حزيران 2022، تمّ وصف حالة مريض بريطاني تمّ نقله إلى المستشفى مع مجموعة متنوعة من الأعراض: القيء المتكرر والغثيان وآلام البطن وتشنجات الساق وطنين في أذنيه وجفاف الفم وزيادة العطش والإسهال. إضافة لفقدان قرابة 13 كيلوغرام من الوزن خلال شهر.بدأت الأعراض لدى المريض قبل حوالي شهر من إسعافه إلى المستشفى، حيث تزامن مع قيام "خبير تغذية خاص" بإعطائه وصفه فيتامين يتناول من خلالها يومياً 3750 ميكروغرام، وهي جرعة لا يمكن أن تكون طبيعية ضمن أيّ معيار طبي.كانت جرعة الفيتامينات التي وصفها "أخصائي التغذية" هي: فيتامين "د"، وحمض الفوليك، وأوميغا 3، وفيتامينات بي-3، وسي، وكي-2، وبي-2، وبي-6، إضافة للسيلينيوم والزنك والإيودين والكالسيوم والمغنيزيوم ودستة من أشياء أخرى.يذكر موقع الشركة الطبية السويدية KRY: قد يؤدي الإفراط بتناول فيتامين “د” إلى آثار سلبية جانبية. ورغم أنّ ذلك لم يحدث إلّا بحالات قليلة، فقد يؤدي الإفراط في تناول فيتامين "د" إلى التسمم به. وقد تتجمع مستويات عالية من الكالسيوم في الدم، ويؤدي تخزين الكالسيوم إلى الفشل الكلوي. صناعة فيتامين “د” عبر النظام الغذائي أو البشرة لا يمكن أن يؤدي لتراكم كميات خطرة منه، ولكن يمكن ذلك عبر تناول المتممات الغذائية. Janerik Henriksson/TTهام ولكنإنّ أهميّة فيتامين "د" شديدة، وهذا متفق عليه علمياً، فعوزه يسبب مشاكل مثل الكساح لدى الأطفال، ومشاكل في الأسنان والعظام وغيرها كثير لدى البالغين.لهذا ففي السويد، وأماكن أخرى مثل فنلندا وكندا وأستراليا، يفرض القانون إضافته إلى الحليب. وتقوم الكثير من الشركات بشكل طوعي بإضافته لمنتجات غذائية متنوعة. قامت إحدى الدراسات بنشر أنّ الناس الذين يعيشون في فنلندا الذين قد تضاعف مستوى فيتامين "د" في أجسادهم منذ تطبيق قانون إضافته للحليب في عام 2003.لكن حتّى دون تناوله بشكل خارجي، يمكن للجسم صناعته بمجرّد التعرّض للشمس نصف ساعة وليس أكثر. من الجدير بالذكر أنّه في دراسة منشورة في 2020، كانت النتيحة بأنّ امتصاص (25(OH)D) هيدروكسي-فيتامين “د” لدى الأطفال المشاركين في السويد أقلّ من المتوسط المطلوب، بينما كان تركيزه مقبول لدى عموم المشاركين (أطفال وبالغين) لا يقلّ عن 30 نانو-مول/ليتر.Mats Schagerström/Ttإياكم والإفراطقد يؤدي التسمم بجرعات مفرطة من فيتامين "د" إلى مشاكل متعددة تتراوح من أعراض نفسية عصبية مثل النعاس، والارتباك، واللامبالاة، والذهان، والاكتئاب، والذهول، وحتى الغيبوبة، إلى مشاكل الجهاز الهضمي مثل آلام البطن والقيء والإمساك، القرحة الهضمية، والتهاب البنكرياس، وأعراض القلب والأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب، إلى مشاكل الكلى الحادة والفشل الكلوي.تقول الصيدلانية رشا بأنّ هناك مشكلة أخرى متمثلة بأنّ فيتامين "د" مديد العمر بشكل كبير، ولهذا فالجرعات الزائدة منه قد تبقيك مريضاً لأسابيع.الخبر السيء أنّ الإفراط في تناول الفيتامين "د" منتشر بشكل كبير حول العالم اليوم، والسبب في الغالب يعود إلى نقص المعرفة، والاعتماد على استشارات وخبرات أشخاص غير موثوقين، إضافة إلى عامل الترويج الشديد للشركات الصانعة لهذه الفيتامينات.لكن هناك خبر جيّد أيضاً أنّ الشخص الذي تمّ إسعافه إلى المستشفى استعاد عافيته بعد العناية به بشكل خاص وإيقاف جرعات الفيتامينات التي يتناولها.يتمنى فريق "أكتر" للجميع الصحة، وعدم تناول الفيتامينات دون إرشادات من مختصين حقيقيين.اقرأ أيضاً:المسافرون غاضبون.. اعتداءات بالجملة على موظفي مطار أرلاندا!