ستقوم سينما FolketsBio في 22 نيسان/أبريل بعرض الفلم الدرامي «صندوق الذكريات Memory Box»، وهو الفيلم الذي وجد فريق "أكتر" بأنّه يستحق المراجعة، خاصة مع ترشحه لجائزة في مهرجان برلين السينمائي الدولي، وواحدة في مهرجان إشبيليا للأفلام الأوروبية، وأخرى في مهرجان شنغهاي الدولي، وجائزة مهرجان «الحرب في السينما» الدولي.رغم أنّ الفيلم لا يتحدث مباشرة عن الحرب، فهو يعكس بسلاسة الإرث المؤلم للحرب الأهلية في لبنان وصورها العالقة في رؤوس كلّ من خبر الحروب والاضطرار للهرب منها. يستخدم الفيلم قصّة ثلاث نساء: أمّ وابنتها وحفيدتها اللواتي يعشن في مونتريال في كندا اليوم.ماضٍ عالقعندما يصبح الماضي المرتبط بذاكرة الأم مختلفاً عن الماضي المرتبط بذاكرة ابنتها، تثور رغبات الحفيدة «ابنة العصر الرقمي» باستكشاف ماضي والدتها. يبدع المخرجان جوانا حجي توما، وخليل جريج في تجسيد طموحهما في بناء القصّة على حرب، دون الانغماس في الحرب نفسها.تبدأ الأحداث في يومنا الحاضر في مونتريال، حيث تعيش المراهقة أليكس «تلعب دورها بالوما فوتييه» مع والدتها مايا «تلعب دورها ريم تركي»، ومع جدتها تيتا «تلعب دورها كليمنس صبّاغ». تنقلب حياة أليكس رأساً على عقب عندما تتلقى الأسرة صندوقاً من الذكريات الغامضة في منزلهم في كندا.فتح الصندوق الباب لمرحلة لا تعرفها أليكس عن ماضي والدتها مايا. يغرقنا إغراء المحاكاة الحقيقية لمرحلة مراهقة مايا، من خلال فسيفساء جميلة من الصور الفوتوغرافية وأشرطة الكاسيت. إنّها حقبة من العمر تفتح عليها النافذة من خلال ذكريات مراهق. إنّها صور تصبح حيّة في الفلم، بحروف تجتمع لترسم شخصاً كان يعيش في ثمانينات القرن الماضي، وكلّ ذلك بأسلوب إبداعي يجد اتصاله بعالم اليوم الرقمي بسهولة.فلاشباكالحرب هي الخيط المشترك الذي يجمع مشاهد الفيلم. جزء كبير من القصة هو ذكريات تفكك الأسرة، وتفكك البلد بسبب شرور الحرب. إنّه الشرور الذي يصيب البشرية منذ القدم، ولم نتمكن إلى اليوم من تفاديه.نشهد في الفيلم كيفية انهيار الشخصيات التي عاشت الحرب، وكيفية تحوّل مثلهم العليا إلى رماد، ليصبح الأمل الوحيد هو البحر وما ورائه. إنّها قصّة دراميّة عاطفية، لا يزال بإمكاننا تلمّس صداها حتّى اليوم في الحروب في الشرق الأوسط، وهي الحروب التي أدّت بمعظمنا إلى المجيء إلى السويد. إنّها بشكل أو بآخر قصتنا، فحتّى من لم يفرّ مباشرة من الحرب، هرب من تداعياتها المدمرة، سعياً لاستعادة بعضاً من إنسانيتنا.بساطة موفّقةمن أجل إبراز قصّة بسيطة نسبياً لا تجعل المشاهد يضجر، تمّ استخدام العديد من العناصر التي تزيد من جاذبية ما يتمّ سرده إلى الجمهور. من الواضح أنّ قراءة قصّة ليس مثل تخيلها عبر الحروف والصور، ولا الاستماع إلى ما وقع من أحداث على لسان البطلة نفسها.تحاول الصور المعروضة جذب الجانب العقلاني من المشاهدين، إنّه الجانب التحليلي لدى البشر الذي يبحث عن الجمال في أصالة الأجزاء التي يشاهدها. هناك ألف طريقة لسرد قصّة، لكن أن تتمكن من كسب عطف الجمهور دون إغراقه في الدراما «الرخيصة» هو أمر متصل بالإبداع.في النهاية، إنّه فلم ممتع، ويستحق ما قالته عنه إحدى الناقدات العربيات الهاربات من الحرب: «يبدأ الفيلم في كندا وينتهي في بيروت. وفي الطريق بين البلدين، ثمة تاريخ من الذكريات والوجع والغربة والإحباط والفقد والهزيمة والإفلاس ومفردات أخرى كثيرة لا يمكن لمقال أن يتضمّنها...».