كيف اعترف سويدي بقتل 30 ضحية وأكل بعضهم لكنّه لم يفعل؟
أخبار-السويدAa
Foto Yvonne Åsell / SvD / TT
فريق منصّة «أكتر» لأخبار السويد
يبدو الأمر مثل رواية جريمة إسكندنافية، لكنّها حقيقية. في التسعينيات من القرن الماضي، اعترف ستوره راغنا بيريفال Sture Ragnar Bergwall ، المعروف أيضاً باسم توماس كويك، بارتكابه 30 جريمة قتل ما جعله أكثر القاتلين المتسلسلين السويديين شهرة. ثمّ عاد وغيّر اسمه وانكشف بأنّ اعترافاته مزيفة.
أقرّ كويك بارتكاب 30 جريمة، ولكنّه أدين بثمانية فقط. وأقرّ في جلسات علاجية في بلدية Säter في مقاطعة دالارنا، بأنّه اغتصب وأكل بعضاً من ضحاياه ومثّل بجثثهم.
وصفه والد إحدى ضحاياه: «إنّه شبحٌ طار عبر إسكندنافيا ليقتل أكثر من 30 شخصاً».
لكن في 2001 توقّف كويك عن التحدّث مع الشرطة، وانسحب من العلن، وغيّر اسمه من جديد.
بلا أثر
قام الصحفي السويدي هانيس روستام Hannes Råstam في 2008 بالاهتمام بشكل خاص بكويك. زاره في مسقط رأسه، وتفحص وثائق المحكمة البالغ عددها 50 ألف صفحة، والملاحظات العلاجية، وتحقيقات الشرطة.
خرج روستام بنتيجة واضحة: ليس هناك أيّ دليل مادي على إدانة بيريفال. لا آثار حمض نووي، ولا سلاح جريمة، ولا شهود. ليس هناك شيءٌ سوى اعترافه، والذي أقرّ بالكثير منها تحت تأثير الأدوية المخدرة القوية.
ثمّ في النهاية، وبعد أن واجهه روستام بما وجد، أقرّ كويك – الذي عاد لاسم بيريفال، بأنّه زيّف كامل قصته.
ألّف روستام كتاباً عن الأمر، ومات في اليوم التالي لإنهائه مسودة الكتاب في 2012، ولم يشهد نشره. لكنّ الكتاب أثار ضجّة هائلة وفضائح للنظام القضائي السويدي والإسكندنافي عموماً. وتمّت على إثره تبرئة بيريفال من 5 تهم من أصل 8 أدين بها، ثمّ في منتصف 2013 تمّت تبرئته من الجرائم الثلاث المتبقية.
بعض الجرائم المشبوهة
لم يكن هناك أي رابط بين الجرائم التي اعترف بها كويك. أي لم يكن هناك ما يميز نمطه كقاتل متسلسل، فقد كان يقتل الأطفال والرجال والنساء، ويغتصب، ويستخدم أشكالاً متنوعة من الأسلحة، ويقوم بالتخلص من الجثث بأشكال متنوعة. كان هذا الأمر ليثير الشكوك بحدّ ذاته.
تثير بعض الإدانات التي أقرّها القضاء السويدي ضدّ كويك/بيريفال الخجل. أولى الجرائم التي أقرّ بها هي قتله واغتصابه لطفل بسنّ 11 عام في 1980. لم يحوي المكان الذي دلّ المحققين عليه أيّ رفات، ورغم البحث الكثير، لم يجدوا أيّ شاهد أو بقايا جثّة.
أعترف كويك في 1996 بقتل فتاة بعمر التاسعة في النرويج. عند الاستجواب قال كويك وهو يصف الفتاة بأنّها شقراء وعاشت في الأرياف. بينما في الحقيقة كانت بنية الشعر، وعاشت في منطقة مدنية كثيفة السكان.
تمّ أخذ كويك إلى النرويج بعد إقراره بقتل الفتاة هناك، وقال بأنّه تخلّص من جثتها في بحيرة قريبة. قضت السلطات النرويجية سبعة أسابيع وهي تجفف البحيرة، ولكنّهم لم يجدوا شيئاً. وعندما وجدوا شيئاً اشتبهوا بكونه عظاماً في الغابة المجاورة، تبيّن بأنّها قطعة خشب.
أقرّ بيريفال بارتكاب جريمة أخرى هي قتل صبيّ في سنّ الـ 14، لكنّ الشهود أكدوا وجوده يوم الحادث في الكنيسة بصحبة زوجته، وكان هناك صورٌ تؤكد ذلك.
أقرّ أيضاً باغتصاب امرأة وقتلها في النرويج. وعندما حققت الشرطة اكتشفت آثار نطاف، ولكنّ فحص الحمض النووي أثبت بأنّه ليس لكويك/بيريفال. ورغم ذلك تمّت إدانته.
كيف يدافعون؟
يحاول المدافعون عن التحقيقات والشرطة، ومن بينهم أهالي الضحايا، الادعاء بأنّ كويك كان يخبرهم تفاصيل لا يعرفها إلّا القاتل. لكنّ كويك أعلن بأنّ كلّ ما قاله من معلومات كانت مذكورة في الصحف والمجلات ومتاحة للعموم.
اتجهت الصحفية البريطانية إليزابيث داي للتأكد ممّا قاله كويك إلى المكتبة الملكية في ستوكهولم، وبدأت بالبحث عن جميع المعلومات التي أدلى بها كويك في الصحف والتقارير. تبيّن بأنّه كان محقاً.
وعلّقت إليزابيث: لم يكن عليّ البحث كثيراً، فمقال واحد في صحيفة كان كافياً لأخذ جميع المعلومات التي أدلى بها كويك/بيريفال للشرطة.
ربّما يلخّص ما قالته يني كوتيم Jenny Küttim، وهي التي كانت باحثة مساعدة في بحث وكتاب روستوم، الحنق الذي يجب أن نشعر به: «الجزء الأسوأ هو أنّه بسبب أشخاص لم يقوموا بعملهم، هناك الكثير من القتلة في الخارج لم يتم القبض عليهم ولم يواجهوا العدالة»
تمّ إطلاق كويك من المستشفى عام 2013، بعد إسقاط الإدانة الأخيرة عنه. ونشر سيرة ذاتية بعنوان Kvarblivelse، ذكر فيها بأنّ والده كان يسيء إليه في طفولته. لكنّ شقيقه نشر كتاباً بعنوان «شقيقي توماس كويك» أنكر فيها ذلك.