يشتهر الألمان بحبهم للملابس العملية. وفي مقالتنا اليوم يوضح خبير أزياء ألماني شهير عما إذا كانت الصور النمطية للأزياء الألمانية صحيحة فعلاً وما هي علاقة أنجيلا ميركل بالملابس العصرية.ارتداء ملابس مريحة وعمليةيقول برنارد رويتزل Bernhard Roetzel مؤلف كتب الموضة الرجالية مثل (جنتلمان: الدليل الخالد للأزياء): "من السهل جداً تحديد الأسلوب الألماني، ففي الوقت الحاضر، الملابس الأساسية للرجل هي الجينز الأزرق والقمصان الفضفاضة والسترة الواقية. أما الأحذية فعادة ما تكون رياضية ومريحة. هذه هي الموضة الألمانية الأساسية التي يرتديها الجميع، وتعتبر مناسبة لجميع المناسبات تقريباً".والشيء الأهم هو أن تكون الملابس عملية ومريحة، هذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة إليهم.وبحسب قول رويتزل، يرجع هذا الحب للملابس العملية إلى القرن التاسع عشر عندما كان معظم الأوروبيين لا يزالون يتمتعون بقواعد صارمة بشأن الملابس.وأضاف: "بدأ الأمر بحركة تسمى Lebensreform، والتي تقدر أشياء صحية مثل النظرية النباتية والملابس الصوفية، وحتى لو كان الألمان في ذلك الوقت لا يحبون الحرية السياسية، فقد أحبوا فكرة ارتداء الصنادل. فالحرية بالنسبة إليهم هي ارتداء الصنادل في الأماكن غير المناسبة!"وفي هذا السياق، أصبحت موضة ارتداء الملابس غير الرسمية أكثر قبولاً بعد الحرب العالمية الأولى، وذلك عندما أصبحت ألمانيا جمهورية وفقدت الملابس الرسمية للطبقة الأرستقراطية أهميتها. وقال رويتزل أيضاً: "كان يُنظر إلى الموضة على أنها شيء فظيع ابتكره الفرنسيون واليهود من أجل أن تنهار الثقافة الألمانية".وعندما وصلت موضة جنون الملابس غير الرسمية من الولايات المتحدة في الستينيات، لم يتبناها الألمان. لكنه يقول إن الجينز أصبح الآن من الملابس الأساسية لكبار السن من جيل السبعين، وبعد عشرين عاماً من وصول موضة الجينز، بدأ الناس يدركون أنه خيار رائع لجميع المناسبات والجميع يرتديه في هذا الوقت. وهذه كانت آخر ما تبقى من الملابس الألمانية الرسمية".ملابس غير رسمية في العمليقول رويتزل أن الألمان يفضلون ارتداء الملابس متعددة الأغراض، ذلك يعني أنه من المناسب ارتداء الجينز للعمل."إذا كنت لا تعمل في بنك أو شركة محاماة، يمكنك ارتداء الجينز في المكاتب، والقمصان قصيرة الأكمام مهمة أيضاً، حيث يحب الرجال الألمان ارتداء هذه القمصان، حتى ولو كانت تشعرهم بالحرارة".يمكنك حتى ارتداء الأحذية الرياضية في المكتب، أو إذا أردت أن تبدو أكثر ذكاءً، فإن بعض الأحذية الجلدية الزهيدة والمريحة هي الخيار الأمثل لهذا.وأكمل رويتزل: "في مجال الأعمال التجارية، من المهم جداً ألا تكون متميزاً بين الحضور، لأنك إذا كنت ترتدي ملابس أنيقة، سيسألك الجميع عما إذا كان لديك اجتماع مهم أو سيعتقدون أنك ترغب بزيادة مرتبك. أما بالنسبة للأعمال اليومية، حاول ارتداء ملابس غير رسمية قدر الإمكان".تجنبي ارتداء الملابس المثيرةتقوم ملابس المرأة في مكان العمل على مبدأ "كلما كانت الملابس أقل كلما كان ذلك أفضل" وذلك على عكس الرجل."أما في ألمانيا، يجب ألا تبدو النساء مثيرات أكثر من اللازم في مكان العمل، فإذا أرادت ارتداء تنورة مثلاً لا يجب أن تكون قصيرة للغاية ويجب ألا يكون الكعب مرتفعاً جداً، وتعتبر البدلة الرمادية التي لا تظهر قوام المرأة الخيار الأفضل بالنسبة إليهم، في حين أن سيدات الأعمال في إيطاليا يحملن حقائب شانيل، في ألمانيا عادة ما يحملن حقيبة كمبيوتر محمول أو أشياء عملية للغاية. كما يضعون القليل من المكياج وأحمر الشفاه، حتى يكاد يكون غير واضحاً".سياسة الانفتاحفي ألمانيا الحديثة، تعتبر أربطة العنق قطعة زائدة لا حاجة لها، ما يعني أن ارتداءها مسألة اختيارية في معظم الأماكن.يقول رويتزل: "هنالك عدد قليل جداً من الأماكن التي لا يُسمح لك بالدخول إليها إذا لم تكن ترتدي ربطة عنق، لكنني لا أعرف مطعماً واحداً يفعل ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، قد لا يُسمح لك بدخول كاتدرائية كولونيا إذا كان سروالك قصيراً جداً، لكن في الأساس، يمكنك ارتداء ما يحلو لك ولا بأس في ذلك".ملابس المناسبات الرسميةأصبحت أكثر المناسبات الرسمية مثل حفلات الزفاف والجنازات وأعياد الميلاد، مناسبات غير رسمية أكثر مما كانت عليه من قبل.وأضاف رويتزل: "في الجنازات، يرتدي الناس اللون الأسود لكنهم نادراً ما يرتدون بدلة سوداء، حيث يرتدي معظم الناس قميص أسود وبنطلون جينز".ملابس من وحي ميركللأي شخص يبحث عن الإلهام، لا داعي للنظر بعيداً، فلديك المستشارة الألمانية المتقاعدة أنجيلا ميركل Angela Merkel، التي اشتهرت بارتداء نفس البدلة مع إضافة بعض التعديلات عليها خلال مسيرتها المهنية.يقول رويتزل: "كان لديها العديد من الألوان والأقمشة المختلفة ولكن هذا كان زيها الرسمي ووجدت تسريحة الشعر التي تليق بها وهذا كل ما في الأمر. ولا أعتقد أن لديها منسق ملابس، وهذا ما يحبه الألمان. ملابس مميزة وبثمن معقول".وأضاف: "في ألمانيا، هنالك شيء واحد لا يمكنك الاعتراف به أبداً وهو ارتداء ملابس باهظة الثمن، وإذا كنت سياسياً، يمكنك الاعتراف بأنك تحب الشرب ولكن لا يجب أن تعترف أبداً بامتلاكك ملابس باهظة الثمن".في الواقع، كلما كانت الملابس أرخص كان ذلك أفضل. يقول رويتزل: "لطالما كان المستشار أولاف شولتس Olaf Scholz يكسب الكثير من الأموال، لكن ملابسه سيئة وبدلاته مروعة وهذا ما يناسب الموضة الألمانية".انفق نقودك على الملابس الخارجيةهذا لا يعني أن جميع الألمان يرتدون ملابس زهيدة، لكنهم لا يثيرون ضجة كبيرة بشأن العلامات التجارية التي يرتدونها."يميل الناس إلى ارتداء العلامات التجارية للتعبير عن مكانتهم الاجتماعية، لكن في ألمانيا، يتم ذلك بطريقة بارعة للغاية. حيث يمكن للتفاصيل الصغيرة أن تخبرك بالكثير. لا تزال الأناقة موجودة في ملابسهم لكنهم يخفون مكانتهم الاجتماعية لأنه من غير اللائق التفاخر بذلك. وقد يكون من الصعب على الأجانب اكتشاف هذا الأمر".هنالك استثناء وحيد لهذه القاعدة ألا وهي الملابس الخارجية.يقول رويتزل: "تعتبر الملابس الخارجية شيء مهم في ألمانيا، حيث يمنح الناس إحساساً بالحرية، ولا بأس بإنفاق 800 يورو على سترة خارجية، لكن من غير المقبول إنفاق نفس المبلغ على بدلة مصممة لك خصيصاً، سوف تدمر صورتك إذا اعترفت بفعل ذلك".ومع ذلك، تستطيع شراء سيارة رائعة أو بناء مطبخ عصري إذا أردت إقناع الألمان بمكانتك الاجتماعية، لأن من الطبيعي تماماً امتلاكك مطبخ باهظ الثمن، لكن يجب أن تظل ملابسك زهيدة".لا تنسى التركيز على جمالك الداخلي أيضاًيمكن أن يخبرنا اهتمام الألمان بالموضة بالكثير عن قيمهم العميقة.ويقول رويتزل: "هنالك قول مأثور بروسي قديم بمعنى (مضمون الشخص أفضل من مظهره الخارجي)، حيث يشعر الألمان أنه إذا كان هنالك شيء جميل جداً فلا بد أن هنالك شيء مريب بذلك، وأي شخص يرتدي ملابس أنيقة للغاية قد يكون محتالاً"."الألمان صادقون للغاية، ويحبون أن يكونوا صريحين أيضاً، حيث يقولون: "ما الفائدة من عدم ارتداء الصنادل إذا كان الجو حاراً؟"