تجري مفاوضات في الكتلة اليمينية التي تضم كلّاً من ديمقراطيو السويد والمحافظين والمسيحي الديمقراطي، حول ما ستقوم الحكومة المقبلة بالبتّ فيه. ويأتي هذا بعد فوز كتلتهم على الكتلة اليسارية في الانتخابات العامة السويدية في 11 سبتمبر/ أيلول، حيث يخطط ديمقراطيو السويد لإدخال مجموعة من سياسات الهجرة الصارمة، المتمثلة بجعل الحصول على الجنسية السويدية أكثر صعوبة واستبدال تصاريح الإقامة الدائمة بأخرى مؤقتة تدوم لفترة أقصر. ومع ذلك، فإن الأحزاب الأخرى في الكتلة اليمينية لديها سياسة مختلفة بشأن كل هذه القضايا، ما يعني أنه سيتوجب على ديمقراطيو السويد التنازل عن أهدافهم الإصلاحية، حيث أظهرت الأحزاب اليمينية اهتماماً بالتحرك في نفس الاتجاهات المُقترحة في بعض المجالات، لكنها لا تنوي تنفيذها بالحدّة التي ينوي حزب ديمقراطيو السويد اللجوء إليها. فما هي هذه المجالات التي تتفق عليها الأحزاب اليمينية؟التغييرات المتعلقة بالحصول على تصاريح إقامة دائمةيبدو أن جميع الأطراف تؤيد، بشكل عام، تشديد إجراءات الحصول على تصاريح الإقامة الدائمة، باستثناء حزب ديمقراطيو السويد الذي يؤيد إلغائها بشكل كامل.من جهته، أشار الحزب الليبرالي إلى إمكانية تمديد تصاريح العمل. فبدلاً من أن يتم منحها لعامين، من ثم يمكن لحامليها التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة دائمة، يمكن تمديدها إلى ما مجموعه ست سنوات. وبدورهما، أيّد كلّ من المحافظين والمسيحيين الديمقارطيين تشديد إجراءات الحصول على إقامة دائمة أيضاً، مشيرين إلى بعض من الشروط التي يجب أن يستوفيها الأشخاص الراغبين في الحصول هذه الإقامة، مثل الاندماج في المجتمع السويدي وتعلم اللغة السويدية واستيعاب الثقافة وفهم المجتمع، إضافة إلى القدرة على إعالة أنفسهم وإثبات هويتهم واجتياز اختبار حسن السلوك. في حين أيّد ديمقراطيو السويد فكرة إلغاء تصاريح الإقامة الدائمة، ففي وثيقة تم مشاركتها على موقعهم على الإنترنت أشار أعضاء الحزب إلى أن مؤسسة تصاريح الإقامة الدائمة تتعارض مع فكرة زيادة قيمة الجنسية، فبموجب القواعد الحالية، لا يوجد اختلاف كبير بين المؤسستين، حيث أصبحت الجنسية نسخة مطوّرة من تصريح الإقامة الدائمة. وجاء في البيان أيضاً أنه من أجل الحفاظ على قدسية الجنسية، يجب ألا يُسمح أبداً بأن يتعارض حق الأجانب في البقاء في السويد مع حقوق المواطنين السويديين.التغييرات المرتبطة بمنح الجنسيةيبدو أن الأحزاب الأربعة في الكتلة اليمينية تتفق أيضاً على حقيقة أنه يجب أن يكون الحصول على الجنسية السويدية أكثر صعوبة، حيث اقترح حزبان منهم أنه يتوجب على المهاجرين البقاء في السويد لفترة أطول من المعيار الحالي البالغ خمس سنوات، أو ثلاث سنوات في بعض الحالات، من أجل التأهل للحصول على الجنسية.في هذا الصدد، يُطالب الحزب المسيحي الديمقراطي بإدخال اختبارات اللغة والثقافة للحصول على المواطنة، إضافة إلى استكشاف إمكانية رفض منح الجنسية للأشخاص الذين ارتكبوا جرائم خطيرة أو متكررة. كما يطالب الحزب بسحب الجنسية من الأشخاص الذين حصلوا عليها عبر وسائل احتيالية مثل الرشوة، أو الذين يحملون جنسية مزدوجة والذين سبق أن تورطوا في جرائم إرهاب أو حرب.هذا ويؤكد الحزب الليبرالي أيضاً على أهمية تقديم الاختبارات اللغوية بحجة أنها تعزز مكانة المواطنة، فضلاً عن أهميتها في تسهيل عملية التواصل بين الأفراد. ويُؤيّد الحزب الخضوع لـ "اختبار المجتمع"، الذي سيُتبع بمقابلة شخصية تُحدد مدى الالتزام الشخصي والإلمام بكل من اللغة والحقوق والالتزامات التي تنطوي عليها المواطنة. من جهته يوافق المحافظين أيضاً على تقديم اختبارات اللغة والثقافة، إضافة إلى اقتراحه رفع الحد الزمني للتأهل للحصول على الجنسية من خمس سنوات إلى ثمان. كما يقترح الحزب إلغاء الجنسية، بما يتماشى مع القانون الدولي، لأولئك الذين كذبوا بشأن هويتهم، أو قدّموا معلومات مزوّرة أو ارتكبوا جرائم خطيرة، مثل الجرائم الإرهابية. من جهته، يُقدّم ديمقراطيو السويد خططاً أكثر تقييداً للحصول على الجنسية، حيث يرغب الحزب بزيادة فترة التأهيل من خمس سنوات إلى عشر، فضلاً عن استيفاء طلبات الحصول على الجنسية لعدة شروط تشمل إتقان اللغة السويدية ومعرفة الحقائق الأساسية عن السويد ومجتمعها وتاريخها، إلى جانب الإمام بالقوانين والقواعد الحالية والمسؤوليات والحقوق، التي سيتم التأكد من إلمام الشخص بها باجتيازه الاختبار قبل منحه الجنسية.يُطالب الحزب أيضاً المتقدمين المُحتملين إرفاق طلباتهم بتفسيرٍ يتضمن استيعابهم للمسؤوليات والواجبات التي تنطوي عليها المواطنة، والتي تشمل الإلمام بالثقافة السويدية والتاريخ والنموذج المجتمعي الديمقراطي والعلماني، بالإضافة إلى الاعتراف، بشكل مقنع، باحترام المعايير الغربية لحقوق الإنسان مثل حرية التعبير وحرية الدين والمساواة في القيم والحقوق لكلا الجنسين واحترام الأشخاص ذوي الميول الجنسية المختلفة. ماذا يعني هذا؟من الصعب التكهّن بما يمكن أن يحدث في السنوات الأربع المقبلة في حال نجح زعيم المحافظين أولف كريسترسون Ulf Kristersson في تشكيل حكومة بدعمٍ من هذه الأحزاب الأربعة. ومع ذلك، تبدو أن الكتلة اليمينية متحدة على جبهتين هما: اختبارات اللغة والمواطنة، وزيادة صعوبة الحصول على الإقامة الدائمة. ومن المرجح أن يصبح الشكل الدقيق الذي ستتخذه هذه الإصلاحات أكثر وضوحاً عندما تعلن الأحزاب الأربعة عن برنامجها الحكومي المشترك خلال الأسابيع القليلة المقبلة.