وسط المعاناة وظلال الدمار، تتواصل مأساة غزة وتتسارع وتيرة الأحداث، حيث يتراكم الحزن فوق ركام البيوت المدمرة، ويولد الأمل في أروقة المستشفيات المكتظة. فقد خُطفت الأرواح وانطفأت الحياة في قلب غزة، تاركةً وراءها قصصاً مُبكية ومشاهد مُروعة. الحكاية لا تتوقف عند حد، فالبعض يودع الحياة بصمت، بينما يبدأ آخرون رحلتهم في الحياة بصرخة في غرف العمليات.وفي مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، يعيش الأطباء والممرضون على وقع الانفجارات، مُنقذين الأرواح في سباق مع الزمن. يصل الجرحى تباعاً، ومن بينهم الأطفال والنساء والرجال، كلٌ يحمل قصة ألم.وفي زاوية من المستشفى، يقف أب يذرف دموع العجز بجانب ابنه البالغ من العمر 13 عاماً، الذي أصيب بجروح بليغة في الرأس والوجه والذراع. يشير الأب بحرقة إلى تغيُّر طبيعة الهجمات، قائلاً: "لم يعودوا يستهدفون المنازل الفردية فقط، الآن يستخدمون صواريخاً خاصةً تُدمر عدة منازل في آن واحد".قصة أمل من رحم المعاناةولكن في خضم هذا الدمار، وُلدت قصة أمل. حيث دخلت ممرضة تركض حاملةً بين يديها طفلةً حديثة الولادة، لا يزال الحبل السري متصلاً بها. كانت أمها، قد أُصيبت بجروح خطيرة في غارة جوية استهدفت شقتها، حيث سقطت من الطابق الثالث.لكن عندما وصلوا إلى المستشفى، في تلك اللحظة الأليمة التي يتمنى فيها الوالد ألا يفقد طفلته الصغيرة أيضاً، قالت له زوجته وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، "طلع مكة"، ( أى يولّدوها) وبهذه الكلمات، كان أيمن أبو شمالة ينظر إلى الأمل رغم قلبه المكلوم.Foto: Sami Abu Salemثم التفت أيمن إلى الأطباء برجاء، يطلب منهم أن ينقذوا ابنته الصغيرة، رغم صعوبة اللحظة، وخرجت الفتاة من رحم والدتها حيةً تُرزق، في الوقت الذي كانت فيه أمها قد فارقت الحياة.وأعرب الأب عن تفاؤله وقال وهو ينتظر بصبر وأمل شفاء ابنته الوحيدة مكة: إن "ابنتي الصغيرة متعبة قليلًا الآن، ولكن إن شاء الله ستكون بخير". ونُقلت المولودة الجديدة إلى قسم الأطفال في مستشفى الهلال الأحمر الإماراتي في رفح وسماها والدها مكة الاسم الذي اتفق عليه مع زوجته عندما عرفوا بالحمل.يقول سليم صقر، رئيس قسم الجراحة في المستشفى: "كانت في بداية الشهر التاسع، وقد أُجريت لها عملية قيصرية طارئة وتم إنقاذ الطفلة".يذكر أن الوضع في غزة ما يزال متوتراً ومعقداً، وسط دعوات إنسانية لوقف إطلاق النار وفتح الحدود وتسهيل خروج المدنيين وتقديم المساعدات الضرورية للمتضررين من النزاع.