بعد أكثر من عام من التعثّر الداخلي، أرسلت هيئة حماية البيانات الإيرلندية يوم أمس الخميس اقتراحاً إلى نظيراتها في الاتحاد الأوروبي ينص على منع "ميتا"، الشركة المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتس آب، من نقل بيانات المستخدمين من أوروبا إلى الولايات المتحدة. وهددت الشركة بالمقابل بأنّ الموافقة على هذا الاقتراح قد يؤدي إلى إغلاق خدماتها في أوروبا. لمَ ذلك؟بدأ الأمر بإبطال المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي في عام 2020 لاتفاقية بين الولايات المتحدة وأوروبا تسمح بنقل البيانات عبر المحيط الأطلسي بسبب مخاوف من استخدامها في أعمال التجسس والرقابة. ورغم أنّ شركة "ميتا" قد طالبت بالتوصل إلى اتفاق جديد بين أوروبا والولايات المتحدة، فلا يزال الموضوع شائكاً وغير واضح.Foto Virginia Mayoالمنشقّة فرانسيس هوغانقتل العنزة الذهبيةكما قالت فرانسيس هوغان، وهي التي انشقّت عن شركة فيسبوك/ميتا وشهدت ضدها أمام الكونغرس الأمريكي بخصوص تجاوزات للقانون وتلاعب ببيانات الخصوصية، فالإجراء القانوني الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي سيكون بمثابة "وضع معيار عالمي للذهب"، بمعنى أنّ قدرة عملاق التكنولوجيا ميتا على استخدام البيانات التي يجمعها بالشكل الذي يحلو له ستنتهي، ولن يكون للشركة القدرة على التحكم الكلي بتدفق المعلومات.ضربة قاصمةإنّ قانون الخدمات الرقمية "DSA" الذي تمّت الموافقة عليه وتبنيه في 5 يوليو/تموز الماضي يعطي حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قدرة أكبر على إجبار عملاق التكنولوجيا "ميتا" (وكذلك أيّ شركات رقمية أخرى تعمل في أوروبا) على إزالة المحتوى غير القانوني – بدءاً بخطاب الكراهية ووصولاً إلى إعلانات الألعاب غير الآمنة. وقد يتمّ فرض ما يصل إلى 6٪ من أرباحهم السنوية كضرائب في حال لم يطيعوا.ربّما الأهم أنّه سيكون على منصّات التكنولوجيا الرقمية أن تفصح عن الكيفية التي تعمل بها خوارزمياتها، وأن تتعهد بامتلاكها لوسائل إدارة مخاطر معقولة لحماية الخصوصية. كما يمكن أن يتمّ إجبارهم على تغيير الخوارزميات المستخدمة في حال عدم نجاحها في التوافق مع القانون.يعني هذا بالمختصر حرمان شركة "ميتا" (وغيرها من عمالقة التكنولوجيا) من القدرة على استخدام البيانات في الإعلانات من أجل تحديد مستقبلي هذه الإعلانات بناء على جنسهم وعرقهم ودينهم وغيرها من المعلومات الحساسة.Fredrik Sandberg/TT قوانين أخرىكما هو متوقع فقد عارضت الولايات المتحدة في البدء القانون الأوروبي الجديد، وجادلت بأنّه منحاز ضدّ الشركات الأمريكية، رغم أنّهم اليوم يتخذون منه نموذجاً لصياغة قانون أمريكي.في بريطانيا، ورغم الكثير من التأخير، فقد كان من المتوقع أن يخرج قانون أقسى من القانون الأوروبي، حيث سيفرض غرامات أكبر، ويفرض أحكاماً بالسجن على المدراء التنفيذيين الذين لا يلتزمون بالقانون.مشكلة تمويلتبقى هناك مشكلة في تطبيق القانون، فوفقاً لتقييمات إعلامية، سيحتاج تطبيق القانون مراقبته إلى قيام الاتحاد الأوروبي بتوظيف مئات الأشخاص. سيكون هذا صعباً بسبب التكاليف المرتفعة، خاصة مع الحاجة في بعض الأحيان لتوظيف خبراء كي يفهموا الخوارزميات وعملها ويضعون خطط لها.كما أنّ هناك عقبات مرتبطة بالفرق بين أنظمة القانون المعني في بلدان الاتحاد الأوروبي، وكذلك الفروق في التعريفات بين المحظورات، مثل خطاب الكراهية وما يعنيه.