تواجه السويد، كما هو الحال في العديد من الدول المتقدمة، تحديات متعلقةً بالصحة النفسية والتي تتجلى أحياناً في زيادة معدلات الانتحار. وتنعكس هذه الظاهرة على الأفراد وأسرهم والمجتمع ككل من خلال التأثير على الصحة العامة، والنظام الاجتماعي والاقتصادي.وخلال السنوات الخمس الماضية، شهدت السويد تقلبات طفيفة في معدل الوفيات بسبب الانتحار، مع تسجيل أعداد متفاوتة من الوفيات لكل 100,000 نسمة. حيث بدأت الفترة بمعدل 18.8 في عام 2018 ووصلت إلى 19.0 في عام 2019، ثم شهدت انخفاضاً تدريجياً لتصل إلى 17.0 في عام 2020، و17.4 في عام 2021، لتشهد ارتفاعاً مرةً أخرى إلى 18.0 في عام 2022. Foto: Jessica Gow/TTالمولودون لأبوين من خارج السويد هم النسبة الأكبرشهدت الإحصائيات زيادةً طفيفةً في معدل الوفيات بسبب الانتحار بين الشباب في السويد، خاصةً في الفئة العمرية من 25 إلى 34 عاماً، حيث ارتفع معدل الوفيات قليلاً لكلا من الرجال والنساء. كما تُشير الإحصائيات إلى أنه في الفئة العمرية من 20 إلى 64 عاماً، كان للأفراد السويديون المولودون لوالدين من مواليد خارج السويد معدل وفيات أعلى من متوسط النساء والرجال في نفس الفئة العمرية. وكان معدل الوفيات أعلى بنسبة 20% بين النساء و35% بين الرجال.بدوره، تتنوع الأسباب وراء الانتحار، متضمنةً عوامل مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية، الأمراض النفسية، وعوامل شخصية أخرى. كما أظهرت الإحصائيات أن أكثر من 1200 سويدي انتحروا العام الماضي بسبب الديون في السويد.Foto: Henrik Montgomery/TTكيف تتعامل مع الأشخاص الذين لديهم ميول انتحارية؟من الضروري معرفة متى وأين يجب طلب الرعاية. يمكنك الاتصال بمركز الرعاية الصحية إذا لم يكن الشخص قادراً على القيام بذلك بنفسه. في حالات الطوارئ، يجب الاتصال بالرقم 112 أو التوجه مباشرةً إلى قسم الطوارئ النفسية. من المهم أيضاً التفكير في تحميل تطبيقات الطوارئ التي توفر وظائف إضافية وأرقاماً مهمة. كما تذكر، العمل السريع والفعال يمكن أن يكون حاسماً في منع الانتحار وإنقاذ حياة الفرد. الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان شخص ما يفكر في الانتحار هي السؤال. هل هناك خطط محددة، طريقة، وقت أو مكان للانتحار؟ قد يكون من الصعب طرح السؤال مباشرةً، ولكن من المهم تذكر أن ذلك لا يزيد من خطر أن يقدم الشخص على انهاء حياته. بدوره، يُعتبر إظهار التعاطف لا العار أو الذنب أمراً مهماً. إذا بدأت بالفعل محادثةً مع شخص يفكر في الانتحار، فمن المهم التعبير عن التعاطف والتفهم لمشاعره. يجب تجنب التقليل من قيمة ألمهم أو جعلهم يشعرون بالذنب أو العزلة أكثر. بدلاً من ذلك، عبر عن تفهمك لمشاعرهم وأنك مستعد للاستماع وتقديم الدعم.Foto: Henrik Montgomery/TTاستراتيجية جديدة لتعزيز الصحة النفسية والوقاية من الانتحارفي إطار تطوير نهج جديد للتعامل مع قضايا الصحة النفسية، أطلقت السويد استراتيجية وطنية جديدة، في الأول من شهر سبتمبر/ أيلول، تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية والوقاية من الانتحار. وترتكز الاستراتيجية على أربعة منظورات رئيسية: حقوق الطفل، الشباب، المساواة بين الجنسين، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث ستتم متابعة تنفيذ الخطة على مدى العقد المقبل.تأتي هذه الاستراتيجية بالتعاون بين هيئة الصحة العامة "Folkhälsomyndigheten" والهيئة الوطنية للصحة والرعاية "Socialstyrelsen" و 26 جهة حكومية و50 منظمة وجمعية. ما زالت الاستراتيجية في مرحلة التخطيط وتحتاج إلى تحويلها إلى خطط عملية فعالة. وتضمنت الاستراتيجية أيضاً اقتراحاً بإنشاء نظام متكامل للمتابعة، كان غائباً في الاستراتيجيات السابقة.مقهى في السويد للأشخاص الذين يعانون من أفكار انتحاريةفي إطار جهود مستمرة لمكافحة ظاهرة الانتحار في السويد، أطلقت جمعية "Livskämpar" وكنيسة "Tunafors" في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، مقهى للحوار مخصص للأشخاص الذين يعانون من أفكار انتحارية ومشاكل في الصحة النفسية بمدينة إسكيلستونا السويدية.ويهدف المشروع إلى تقليل حالات الانتحار وتحسين الصحة النفسية للمشاركين. ومن المقرر أن تُقام جلسات الحوار بشكل دوري في الاثنين الأول من كل شهر، حيث يُتاح للمشاركين فرصة للالتقاء وتبادل الحديث في مركز "Fors" الديني. وقد أكد ماغنوس فيرنر، من جمعية "Livskämpar"، على أهمية هذا المشروع، مشيراً إلى أن «الأشخاص يشعرون بتحسن عندما يتحدثون مع الآخرين عن أفكارهم المتعلقة بالانتحار».