تعيش ماجدة أيوب حياةً غنية في السويد، قوامها العمل والنشاط السياسي والاجتماعي، وهي التي جاءت إلى السويد عام 1973، لتستقر هنا منذ ذلك الحين، حيث ستتم قريباً 69 عاماً لم تتوقف فيهم يوماً عن العمل. واليوم هي تقيم في بلدية Upplands Väsby في محافظة ستوكهولم، وهي جدة لأربعة أحفاد وأم لسيدتين، لكن انشغالاتها تتعدى نطاق الأسرة مروراً بالعمل في مجال استقبال اللاجئين واندماجهم وكمترجمة ومدرسة وغيرها، ووصولاً لكونها عضواً فاعلاً في الحزب المسيحي الديمقراطي Kristdemokraterna. وفي لقائنا معها، شاركت ماجدة "أكتر" ذكريات دخولها إلى الحزب، وتقول إن هذا بدأ بداية الثمانينات بعد تعرفها على سويديين منتمين إليه. لكن عملها الفعلي بدأ في التسعينات متزامناً مع سيطرة الحزب المسيحي الديمقراطي على البلدية التي كانت تعيش فيها، لتشغل ماجدة منصب مستشارة في البلدية. وفيما بعد انخرطت في العمل في الكثير من اللجان ضمن البلدية ومن ثم المحافظة وصولاً إلى البرلمان ومجلس إدارة حزبها. تطرق نقاش فريق "أكتر" مع ماجدة إلى الانطباعات العامة السلبية عن الحزب الذي يوصف بأنه "مضاد للمهاجرين" وينحو نحو اليمين. وعن هذا تصحح ماجدة معلومة مغلوطة من وجهة نظرها، وتقول بأنها ليست المهاجرة الوحيدة ضمن الحزب: "فأنا ربما كنت المهاجرة الوحيدة من القارة الإفريقية التي وصلت إلى البرلمان لكن لست المهاجرة الوحيدة في صفوف الحزب، فهو يضم مهاجرين وعرباً ويهود وأشخاص مثليّ الجنس وغيرهم". تؤكد ماجدة أيضاً أن قيم الحزب انطلقت من مبادئ وقيم موجودة في الديانة المسيحية لكنه حزب لا يقتصر على المسيحيين. وبعيداً عما يظهر للخارج وفي وسائل الإعلام، ترى أن كواليس العمل السياسي من الداخل تكشف أموراً مختلفة، فمن تجربتها السياسية تصر ماجدة على أن أكثر أحزاب أظهرت تعصباً ضد المهاجرين عندما كانت في البرلمان لم يكن حزبها بل الحزب الاشتراكي الديمقراطي Socialdemokraterna، وحزب المحافظين Moderaterna، بينما الآن فإن الحزب الأكثر تشدداً هو حزب ديمقراطيو السويد Sverigedemokraterna. وتضيف أن كتلتي اليمين واليسار بما فيهما من أحزاب تظهران ككتلتين مختلفتين في البرلمان فقط عند إقرار الموازنات، لكن هناك الكثير من النقاشات والقرارات الأخرى التي تُظهر توافقاً بين سياسة حزب وآخر من الكتلتين المختلفتين. وتضيف أن عام 2015 كان لحظة فاصلة في موقف الكثير من الأحزاب فيما يتعلق بالمهاجرين. تعليقاً على تحالف حزبها مع المحافظين وحزب ديمقراطيو السويد، من أجل تقديم نموذج بديل لقانون الهجرة بدلاً من ذاك الذي قدمته الحكومة، ترفض ماجدة اعتبار حزبها متحالفاً مع حزب ديمقراطيو السويد وترى أن حزبها منفتح على الكلام معه كانفتاحه على النقاش مع باقي الأحزاب. وتقترح ماجدة مقارنة التشديدات التي وضعتها الأحزاب اليمينية مع تلك التي وضعها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فمن وجهة نظرها: "الاشتراكي الديمقراطي هو اليوم أشد من أي حزب آخر فيما يتعلق بالمهاجرين". تضيف ماجدة أن المرء قد يتفق مع 80 % من سياسة حزب ما ويختلف معه بـ 20% الباقية، لكن من خلال انتسابه للحزب يُمكن أن يحدث تغييراً في سياسته من الداخل. وهي وفق تعبيرها معجبة بتركيز حزبها على الأسرة، وتستذكر في التسعينات كيف اقترح حزبها قراراً يمكن للعائلات بموجبه قضاء وقت أطول مع أبنائهم بدلاً من إرسالهم إلى الحضانة مقابل مبلغ مادي بسيط كتعويض. وتضيف بأن الكثير من العائلات تشجعت في ذلك الحين وأخذت هذه الخطوة. وتضيف بأنها توافق حزبها في سعيه لتخفيض الضرائب وعن هذا تقول: "أنا اليوم استلمت إقراري الضريبي، يبدو أن الحكومة تعاقبني بدفع مبلغ كبير جداً لأنني ما زلت أعمل حتى الآن وأحصل على معاش"، فهي ترى أن الأمر يجب أن يكون معكوساً بحيث تثمن الدولة جهود من يعملون وتخفض ضرائبهم. وتضيف أخيراً أنها تساند حزبها في تركيزه على رعاية المسنين، فالحزب يعمل الآن على اقتراح قرار يسمح لأي شخص فوق 85 بالذهاب إلى دار المسنين إن هو أراد ذلك دون اشتراط موافقة البلدية.واليوم تترشح السيدة ماجدة للانتخابات المقبلة على صعيد البلدية والمحافظة والبرلمان لتمثل حزبها. وتقول بأن الانتخاب والمشاركة السياسية أمر مهم جداً، فالبلدية تتخذ القرارات المرتبطة بحياة الناس والبيئة والحي والشوارع، وكل الأمور التي يواجهونها في حياتهم اليومية، أما المحافظة فتهتم بأمور أوسع كالمواصلات والثقافة والتمريض. في حين يختص البرلمان باتخاذ القرارات الكبرى كتلك المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمن والنظام وقانون المدارس. وبالتالي فالانخراط في الانتخابات على هذه المستويات الثلاثة مهم جداً من وجهة نظرها. وفي ختام اللقاء معها، تلحظ السيدة ماجدة، أنه وعلى مر السنوات التي عاشتها هنا، الشعب السويدي لم يتغيّر، لكن الاختلاف كان في عدد اللاجئين الذين استقروا في السويد في السنوات الأخيرة. هذا وتصف السويديين "بالشعب خجول". وتعلق ضاحكة: "أنا أعرف كل من في الحي، لكن هم لا يعرفون بعضهم بعضاً". وأخيراً تنصح هي المهاجرين بأخذ زمام المبادرة والانخراط في المجتمع السويدي سواء كان ذلك عبر زيارة الكنيسة أو الانخراط في أي نشاط اجتماعي وثقافي ورياضي، مع نبذ الكراهية المسبقة اتجاه الآخر.