ماذا في عقل محرق القرآن وفق عالم النفس نايجل باربر؟
 image

عروة درويش


null دقائق قراءة

أخر تحديث

ماذا في عقل محرق القرآن وفق عالم النفس نايجل باربر؟

أخبار-السويد

Aa

محرق القرآن

ليس عمل سلوان موميكا أو راسموس بالودان في إحراق القرآن هو الأول الذي يشهده العالم من أعمال استفزازية تؤجج التوترات بين الأديان. لكن ضمن السياق الحالي يبدو حرق القرآن مثال مؤثر بشكل خاص، حيث يثير مشاعر عميقة ويثير مناقشات عالمية حول جوهر حرية التعبير. وبينما قد يجادل البعض بأن حرق القرآن هو ممارسة مشروعة للحرية، يرى البعض الآخر أنه عرض صارخ لعدم الاحترام ومحاولة للتحريض على الكراهية. 

كتب عالم النفس التطوري ومؤلّف الكتب نايجل باربر Nigel Barber من قبل عن الموضوع، عندما أعلن القس الأمريكي تيري جونز Terry Jones عن نيته حرق نسخ من القرآن أمام مركز إسلامي في ولاية فلوريدا الأمريكية، ولهذا يمكننا أن نحاول اقتباس كلماته لفهم الأمر بين معضلة حرية التعبير والاستفزاز.

معضلة الحرية والتعبير

يقول نايجل باربر بأنّ تداعيات عمليات حرق القرآن، بغض النظر عن شرعيتها من عدمه، هي مثل "قيام شخص في مسرح شديد الازدحام بالصراخ: حريق!"، فالأبرياء الذين يموتون جرّاء التدافع الذي سيعقب هذا الصراخ لم يموتوا لأنّ الشخص صرخ بهم، بل بسبب التداعيات المتوقّعة لصراخه.

بينما تدافع المجتمعات عن حرية التعبير، تنشأ التعقيدات عندما يستخدم الأفراد هذه الحرية كأداة لإثارة العداوات الدينية وإشعال المشاعر النائمة المتمثلة في "الانتماء إلى الجماعة ضدّ الانتماء إلى الجماعة الخارجية".

يتساءل باربر عن طبيعة "التعبير" في حرق القرآن ويقارنها بأفعال استفزازية أخرى. ويشير إلى أن "حرق الكتب هو وسيلة غريبة لتعزيز حرية التعبير". ومع ذلك، فإن الرموز، سواء كانت كتباً أو أعلاماً أو حتى مجسمات أيقونية، "غالباً ما تصبح الوسيلة التي ينفس من خلالها الأفراد عن قلقهم، أو يعبرون عن تحيزاتهم، أو يؤكدون إيديولوجياتهم".

العقل الساكن وراء النيران!

تقود رؤى باربر المرء إلى التفكير في الأسباب النفسية الأعمق التي قد تكون لدى الأفراد. يرى عالم النفس بأنّ الرغبة في حرق القرآن قد تنبع من مزيج من الخوف، أو سوء الفهم، أو الرغبة في مقاومة التهديدات المتصورة للهوية الثقافية والدينية للفرد.

تصبح مثل هذه الأفعال وسيلة للتعبير عن المعارضة القوية للإسلام، والتي غالباً ما تدعمها الأساطير والمفاهيم الخاطئة. يقول باربر: "يبدو أن العالم الإسلامي غاضب من حرق نصوصه الدينية أكثر من غضبه من التدمير التعسفي للحياة البشرية"، لافتاً الانتباه إلى الارتباط العاطفي المكثف الذي يتقاسمه المؤمنون مع نصوصهم الدينية.

العواقب وتوقّعها

لا يمكن الاستهانة بالعواقب العالمية لمثل هذه التصرفات. يشير باربر بحق إلى أنه في حين قد تناقش المجتمعات الأخلاق أو الحق في حرية التعبير، فإن الواقع على الأرض هو أن مثل هذه الأفعال يمكن أن تؤدي إلى خسارة أرواح بريئة. وفي إشارة إلى الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل التي نشرتها صحيفة يولاندس بوستن الدانماركية، تحدّث عن ردة الفعل العنيفة مؤكداً على أن الأفعال، مهما كانت متأصلة في الحرية، لها عواقب. 

السؤال الذي كان يشغلني، ولم أجد لدى الدكتور نايجل باربر إجابة عنه: هل يُدرك مُحرق القرآن العواقب التي تتأتّى عن عمله ويقوم به بالرغم من ذلك؟ أم أنّه يتفاجئ بكمّ الردّ العنيف الذي يواجهه؟ أم أنّه يقوم بعمله في المقام الأول من أجل إثارة هذه الردود العنيفة؟

نحو مستقبل من الاحترام المتبادل

يقول باربر: "كانت الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية تحريضية، ليس لأنها صورت وجه محمد ولكن لأنها صورته بطريقة غير جيدة كان يُنظر إليها على أنها إهانة متعمدة"، مُلمحاً إلى الحاجة إلى فهم دقيق للحساسيات الدينية. في حين أنه لا يوجد نظام معتقد أو إيديولوجية تفرض الاحترام بالإجماع، فيجب احترام الأفراد الذين يؤمنون بالمعتقد. يلخّص باربر هذا الشعور بشكل جيد: "نحن لسنا في حاجة إلى احترام المسيحية أو الإسلام، باعتبارهما نظامين عقائديين، بل نحتاج فقط إلى احترام حق الأفراد في الإيمان بهما".

في الختام، عندما تواصلت مع الدكتور نايجل باربر، كنتُ أرغب أن يجيبني على أسئلة أكثر مباشرة وتعقيداً، مثل: "ما هو التأثير النفسي على مراقبي هذه الأحداث الذين؟"، و"هل هناك أدلّة على أنّ محرقي القرآن قد يكونوا عانوا من تعقيدات معينة أدّت بهم لعملهم"، ولكنّ باربر ردّ بأنّ هذه الأسئلة خارج نطاق اختصاصه وتحتاج إلى "عالم نفس سريري" لديه أبحاث في هذا المجال للإجابة عنها.

شارك المقال

أخبار ذات صلة

لم يتم العثور على أي مقالات

المزيد

ستوكهولم
مالمو
يوتوبوري
اوبسالا
لوند
لم يتم العثور على أي مقالات