وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، إلى غرينلاند، حيث أكد تضامن أوروبا مع الإقليم الدنماركي ذو الحكم الذاتي، والذي عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن رغبته في ضمه إلى الولايات المتحدة. وقال ماكرون لدى وصوله إلى العاصمة نوك: "من المهم أن نُظهر أن الدنمارك وأوروبا ملتزمتان بهذا الإقليم الذي يتمتع بأهمية استراتيجية عالية، وأن سلامته الإقليمية يجب أن تُحترم". واعتبر ماكرون أن تهديدات ترمب بضم غرينلاند "ليست تصرفات تليق بالحلفاء"، مضيفاً: "هذا ليس ما يفعله الحلفاء". وبات ماكرون أول رئيس دولة أجنبي يزور هذا الإقليم الشاسع الواقع عند تقاطع المحيط الأطلسي والقطب الشمالي، منذ أن أثار ترمب الجدل بتصريحاته حول ضمه. وكان ترمب، منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير، قد شدد مراراً على حاجة الولايات المتحدة إلى الجزيرة الغنية بالموارد والموقع الاستراتيجي لأسباب أمنية، ولم يستبعد استخدام القوة من أجل السيطرة عليها. في المقابل، كررت الدنمارك رفضها القاطع، مؤكدة أن "غرينلاند ليست للبيع". زيارة بدعوة دنماركيةقال ماكرون إن زيارته تهدف إلى "نقل تضامن فرنسا والاتحاد الأوروبي" مع "سيادة وسلامة أراضي غرينلاند". واستُقبل ماكرون من قبل رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن ورئيس وزراء غرينلاند ينس فريدريك نيلسن، بالإضافة إلى عشرات السكان المحليين الذين لوّحوا بأعلام الإقليم الحمراء والبيضاء. بدأ ماكرون زيارته التي استمرت ست ساعات بإجراء محادثات على متن فرقاطة دنماركية مع فريدريكسن ونيلسن. وكان من المقرر أن يزور محطة كهرومائية، لكن الزيارة أُلغيت في اللحظة الأخيرة. وشملت الزيارة أيضاً جولة إلى أحد الأنهار الجليدية لمعاينة تأثيرات التغيّر المناخي بشكل مباشر. وقالت الرئاسة الفرنسية إن الزيارة "رسالة بحد ذاتها" وجاءت "بناءً على طلب السلطات الدنماركية والغرينلاندية". زيارة أميركية مثيرة للجدلفي مارس الماضي، أثارت زيارة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى غرينلاند جدلاً واعتُبرت استفزازاً من قبل نوك وكوبنهاغن، بخلاف الأجواء الودية لزيارة ماكرون. وكان فانس خلال زيارته لقاعدة بيتوفيك العسكرية الأميركية، انتقد الدنمارك بشدة، قائلاً إنها لم تؤدِّ "عملاً جيداً تجاه سكان غرينلاند"، واتهمها بإهمال الأمن. وتُعد قاعدة بيتوفيك جزءاً أساسياً من منظومة الدفاع الصاروخي الأميركية، إذ تقع على أقصر مسار لصواريخ قد تُطلق من روسيا نحو الولايات المتحدة. الاستقلال عن الدنمارك.. لا لأميركاتشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية سكان غرينلاند، البالغ عددهم 57 ألف نسمة، يرغبون بالاستقلال عن الدنمارك، لكنهم لا يرغبون في الانضمام إلى الولايات المتحدة. ورغم أن غرينلاند لا تنتمي للاتحاد الأوروبي، إلا أنها مدرجة ضمن قائمة "الأقاليم ما وراء البحار المرتبطة بالاتحاد". وتكتسب منطقة القطب الشمالي أهمية جيوسياسية متزايدة مع تسارع السباق على المعادن النادرة وذوبان الجليد بفعل الاحتباس الحراري، ما يفتح طرقاً بحرية جديدة. وفي يناير الماضي، أعلنت كوبنهاغن خطة بقيمة ملياري دولار لتعزيز الوجود العسكري في المنطقة القطبية. وتخطط "ناتو" لإنشاء مركز عمليات جوية مشتركة في النرويج شمال الدائرة القطبية، في وقت تسعى روسيا لتعزيز وجودها العسكري هناك. ملف الأمن في القطب الشماليقال قصر الإليزيه إن ماكرون يعتزم خلال الزيارة مناقشة قضايا الأمن في القطب الشمالي، وسبل إشراك غرينلاند في "التحرك الأوروبي" لدعم تنميتها مع احترام سيادتها. وفي هذا الإطار، زار ماكرون جبل "نوناتارسواك" على بُعد 30 كيلومتراً من العاصمة نوك، لمتابعة آثار التغيّر المناخي على الخطوط الأمامية في القطب الشمالي. ويشهد القطب الشمالي ارتفاعاً في درجات الحرارة أسرع بأربعة أضعاف من باقي مناطق العالم، ووفق دراسة نُشرت عام 2022 في مجلة Nature العلمية، فإن طبقة الجليد في غرينلاند ذابت خلال موجة حر بين 15 و21 مايو بمعدل أعلى بـ17 مرة من المعدل التاريخي. وأعلنت فرنسا عزمها "الاستثمار بقوة في أبحاث هذه النظم البيئية"، استكمالاً لجهود المستكشف الفرنسي الشهير بول إميل فيكتور الذي قاد بعثات متعددة إلى غرينلاند. ومؤخراً، اعتبرت السلطات الغرينلاندية الكوخ الذي بناه فيكتور عام 1950 في خليج كوفيرفاين ضمن الهياكل التاريخية المحمية.