في عمر لا يتجاوز السادسة والعشرين، أصبح معتز الزهيري أحد أصغر الحاصلين على درجتي الطب والدكتوراه في السويد (مزدوج)، محققاً بذلك إنجازاً استثنائياً في مسيرته الأكاديمية والمهنية. حصل زهيري على درجة الدكتوراه في علوم الأعصاب من جامعة أوبسالا عن أطروحته التي تناولت «المؤشرات البيولوجية في الصحة العصبية والنفسية»، وذلك يوم الجمعة 21 مارس 2025. من الحرب إلى قاعات الجامعات وُلد معتز في العراق، وقدم إلى السويد برفقة عائلته عام 2011 هرباً من ويلات الحرب، وكان حينها في الثالثة عشرة من عمره. استقرت العائلة في مدينة إسكلستونا جنوب ستوكهولم، وهناك بدأت رحلته في الاندماج وتحصيل العلم وسط تحديات اجتماعية ولغوية وثقافية. دافع شخصي وتحديات مؤلمة يتحدث معتز عن فقدانه لوالده أثناء فترة دراسته الثانوية بسبب مرض السرطان، ويصف هذه التجربة بأنها كانت حافزاً كبيراً للاستمرار والتفوق، تكريماً لروح والده وتضحيات والدته. "كانت خسارتي الشخصية نقطة تحوّل دفعتني إلى استغلال كل فرصة متاحة أمامي"، يقول الدكتور معتز الزهيري. كطالب من أصول مهاجرة، واجه معتز تحديات اندماجية وثقافية، لكنه اختار التركيز على الحلول لا على العوائق. "قررت أن أكون في موقع القيادة في حياتي، أن أحدد أهدافي وأبحث عن الفرص المناسبة لتحقيقها"، يقول، مشيراً إلى أن استثماره للوقت كان أحد أهم الأسلحة التي استخدمها لتعويض الفجوة التعليمية واللغوية. يرى الدكتور معتز أن نظام التعليم في السويد يمنح فرصاً حقيقية لكل من يمتلك الطموح والرغبة في العمل الجاد، لكنه يشدد على أن هذه الفرص لا تأتي دون جهد. "لا يوجد شيء مجاني، النجاح يحتاج إلى تضحية واجتهاد دائمين". نشاط طلابي موازٍ للتفوق العلمي إلى جانب تفوقه الدراسي، أسّس معتز جمعيتين طلابيتين: الأولى عام 2019 للمهتمين بالجراحة، والثانية عام 2021 لتعزيز التعاون بين الطلاب في مجال البحث العلمي. كما حاز على جائزة «طالب العام» في السويد، تقديراً لنشاطه المجتمعي المميز وزياراته التطوعية للمدارس لنشر الوعي الصحي. كما حصل الدكتور "معتز الزهيري"، على دبلوم في القيادة والتي يقدمها الملك السويدي كارل السادس عشر غوستاف، وذلك بعد تدريب خضع له بعنوان “القيادة القائمة على القيم والمبادئ” الذي تدعمه المؤسسة الملكية للقيادة الشبابية. رسالة إلى الشباب من خلفيات مهاجرة يوجه معتز رسالة واضحة للشباب، خصوصاً من ذوي الأصول المهاجرة: "من يملك الإرادة سيجد ألف وسيلة لتحقيق هدفه، ومن يفتقر إليها سيجد ألف عذر لعدم النجاح". ويشدد على أهمية طلب المشورة والتعلم من تجارب الآخرين، مؤكداً أنه لا توجد طرق مختصرة للنجاح. لا يرى زهيري أن ما حققه هو نهاية الطريق، بل بداية مسار مهني وبحثي طويل. يطمح للتخصص في جراحة المخ والأعصاب والعمل في المجالين السريري والأكاديمي في آنٍ واحد. كما يسعى إلى تطوير بحوث علمية تسهم في فهم وعلاج الأمراض العصبية، خاصة المتعلقة بإصابات الدماغ، إلى جانب الاستمرار في التدريس ونشر المعرفة.