اكتر-أخبار السويد: تنطلق فعّاليات مهرجان مالمو للسينما العربية في 8 أكتوبر / تشرين الأول 2020 وتستمر لغاية الثالث عشر منه. وسوف يُعرَض خلال أيام المهرجان الخمسة 19 فيلمًا روائيًا ووثائقيًا طويلاً و 26 فيلمًا قصيرًا تُمثل أحدث الاتجاهات والأصوات من مختلف الدول العربية. وسوف تُفتتح عروض المهرجان بالفيلم المغربي "آدم" للمخرجة مريم التوزاني. يتمحور فيلم "آدم" على قضية النساء الحوامل قبل الزواج، هذه الظاهرة الحسّاسة التي لا يُجيزها القانون في المغرب لأنها تتنافى مع القيم الاجتماعية والدينية في عموم البلاد. تجسّد الفنانة نسرين الراضي دور "سامية" التي خاضت غمار هذه التجربة العاطفية خارج إطار الزواج الشرعي، ونجم عنها جنينًا قلبَ حياتها رأسًا على عقب، فاضطرت لمغادرة المنزل للبحث عن عمل يؤمّن لها هاجس العيش في أحد الأحياء الشعبية في العاصمة. وصادفت في طريقها "عبلة" التي تقمّصت دورها لُبنى آزابال. وبما أنّ عبلة تُدير مخبزًا صغيرًا في منزلها بالدار البيضاء، وتعيش مع ابنتها "وردة" التي لم تجتز ربيعها الثامن، فقد تعاطفت مع هذه الفتاة الحامل واحتضنتها بمحبة كبيرة لكنها لم تعرف في حينه أنّ هذه الفتاة سوف تُغيّر حياتها، وتترك فيها أثرًا لا يمكن طمسه أو تجاوزه أبدًا. فرغم الخلافات الصغيرة التي تنشأ بين الاثنتين إلاّ أنّ أجواء الودّ والمحبة تغمرهما من جديد فتضع مولودها "غير الشرعي" وتطلق عليه عبلة اسم "آدم" الذي اقترض منه الفيلم عنوانه. أما فيلم الختام فيحمل عنوان "مطاريس" Mataresللمخرج الجزائري رشيد بن حاج وهو لا يقل إشكالية عن فيلم الافتتاح لجهة تعرّضه للتابوهات الدينية، ومناقشته لفكرة هجرة الأطفال من أفريقيا إلى أوروبا بحثًا عن مستقبل أفضل. فمُنى القادمة من ساحل العاج التي تبلغ عامها الثامن تبيع الورد في مدينة تيبازة الساحلية لكي تسدّد للمهرّبين ثمن العبور. أما سعيد، المسلم، ذو السنوات العشر فهو لا يحب منى، المسيحية، السوداء التي تنافسه في بيع باقات الزهور إلى السيّاح. وعلى الرغم من تدخلات جعفر السلبية لتسميم الأجواء بين سعيد ومنى إلا أنّ الطفلين يتحدان بحب أخوي تلقائي يدفع بمنى لأن تطعن جعفر لإنقاذ صديقها سعيد، وتفتح الباب لإحتمالات عديدة تأخذهما إلى برّ الأمان. أفلام روائية ووثائقية طويلة نحاول في هذه التغطية الخبرية أن نسلّط الضوء على ثيمات الأفلام الروائية والوثائقية المتنافسة كي نحيط القارئ الكريم علمًا بطبيعة الأفلام الإشكالية والجريئة التي يتبناها المهرجان ويوفر فرصة نادرة للمتلقي العربي والأوروبي أن يشاهدها ويستمتع بخطابها البصري والفكري في آنٍ معًا. وفي الآتي ملخصات لأبرز أفلام المسابقة الرسمية. وأولها "جدار الصوت" للمخرج اللبناني أحمد غصين الذي يعود بنا إلى الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحزب الله عام 2006 ويرصد من خلالها وقفًا لإطلاق النار يستمر لمدة 24 ساعة فقط لكن ما إن يخرج مروان بحثًا عن أبيه الذي رفض مغادرة قريته حتى يتم خرق الهدنة الخاطفة فيضطر للاختباء بمنزل صديق والده نجيب، ويظل محاصرًا تحت وابل من القصف الكثيف. أمّا الفيلم الثاني فهو "المرشحة المثالية" للمخرجة السعودية هيفاء المنصور التي تُعنى بقضايا المرأة التي تحاول كسر نمطية التفكير المتزمت الذي يهيمن على المجتمع السعودي المحافظ. فالدكتورة مريم تحب وظيفتها في مشفى بقرية سعودية صغيرة لكن المرضى الذكور يرفضون تلقّي العلاج على يدها. تنافسَ هذا الشريط على جوائز الأوسكار كأفضل فيلم بلغة أجنبية في الدورة 92 لكنه لم يترشح للقائمة النهائية أسوة بالفيلم المغربي "آدم". تحتفي الدورة العاشرة لمهرجان مالمو بعرض فيلمين سودانيين مهمين أولهما "الحديث عن الاشجار" للمخرج صهيب قسم الباري الذي يعتمد على السخرية وروح الدعابة التي تحفِّز الجمهور للانشداد إلى النبرة الانتقادية لهذا الفيلم، وخفة ظله التي حصد بسببها العديد من الجوائز في مهرجانات عربية وعالمية متعددة. والثاني هو "ستموت في العشرين" للمخرج أحمد أبو العلا الذي يركز فيه على نبوءة شيخ متصوف تقول بأن "المزمِّل" سيموت ما إن يبلغ العشرين من عمره، فهل ستصْدق هذه النبوءة التي تحمل الأب على مغادرة المنزل؟ ثم تتبنى الأم تربيته وتبالغ في حمايته خشية من تحقق الرؤية المشؤومة. لا يقلّ الاحتفاء بالسينما العراقية عن شقيقتها السودانية فسوف تُعرض عدة أفلام عراقية من بينها "شارع حيفا" الذي يرصد فيه المخرج مهنّد حِيال جانبًا من الحرب الطائفية التي اندلعت عام 2006 من خلال شخصية أحمد الذي يستقل سيارة أجرة ويذهب إلى منزل حبيبته سعاد في شارع حيفا بَغية طلب يدها للزواج لكنّ قناصًا يعتلي أحد الأسطح يمنعه من الاقتراب ويقف حائلاً دون ذلك. تلقى السينما المغربية عناية خاصة من لدن القائمين على المهرجان حيث يُعرض في هذه الدورة فيلم "سيد المجهول" للمخرج المغربي علاء الدين الجم. أما ثيمته فتتمحور على أحد اللصوص الذي يدفن حقيبة مسروقات في تل صحراوي لكن هذا المكان سوف يتحول إلى مقام مقدّس يؤّمه الناس. للسينما المصرية حصتها الكبيرة كالعادة حيث تتناول المخرجة المصرية ماريان خوري في فيلم "احكيلي" أربعة أجيال مختلفة من عائلة المخرج الراحل يوسف شاهين التي تنحدر من أصول شامية. تدور سردية الفيلم بين ماريان خوري الأم المخرجة وابنتها سارة التي تدرس السينما في كوبا. يجمع الفيلم بين الحقيقة والخيال ولمسات من السيرة الذاتية لحياة هذه العائلة التي كرّست نفسها للفن السابع. أمّا الفيلم الثامن والأخير فهو"بيروت المحطة الأخيرة" الذي يرصد فيه المخرج اللبناني إيلي كمال قصة ضياع الهوية الوطنية لدولة صغيرة مثل لبنان تتألف من أربعة ملايين مواطن لكنها تضم بين طياتها 18 طائفة. تكشف ثيمة الفيلم عن الأسباب الكامنة وراء تمزق النسيج الاجتماعي الذي ينحسر إلى مِلل ونِحل وطوائف متشظية. ليالٍ عربية من دون رتوش يُشعِرنا مهرجان مالمو للسينما العربية بتجدده الدائم وخروجه عن النمطية حيث يقدم برامج أخرى موازية للعروض أو مكملة لها لكن القائمين على المهرجان يحاولون إضفاء بصمات خاصة مثل "اليالي العربية" التي تحتضن أفلامًا من دول عربية متعددة وفي هذا العام انصب التركيز على فيلمين تدور أحداثهما في بغداد بينما تحتضن القاهرة الفيلم الثالث. ففي "بغداد في خيالي" يحاول المخرج العراقي المغترب سمير جمال الدين أن يقدّم صورة للمجتمع العراقي في لندن من خلال "أبو نواس"، وهو مقهى عصري حميم يلتقي فيه عدد من الفنانين والشيوعيين العراقيين في لندن لكن هذا المكان قريب جدًا من مسجد سَلَفي ينبئ بما لا تُحمد عقباه. كما يقدّم المخرج العراقي أنور الياسري في فيلمه المعنون "إلى بغداد" قصة شائكة حيث يشعر مهنّد بأنه غير قادر على تقديم المساعدة لأسرته بينما يعاني والده من نوبة قلبية فيخضع لعملية ابتزاز مقابل تأمين حاجته الماسة للنقود. أمّا الفيلم الثالث فهو "صندوق الدنيا"للمخرج المصري عماد البهات الذي يجمع أربع حكايات متزامنة تدور أحداثها في ليلة واحدة. تحاول الشخصيات الأربع أن تجد نوعًا من التوازن بين المدينة وذواتها التي تستشعر القوى المتطرفة وتأثيرها القمعي على أحلام الفرد المتماهي مع المجموع. وهناك برامج أخرى كثيرة مثل مسابقة الأفلام القصيرة، وبرنامج العروض الخاصة، والندوات بأكثر من لغة لا يتسع لها المجال في تغطية واحدة.